< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/01/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة البحث حول الخمس في الشرائع السابقة:

الروايات التاريخية التي تشير إلى وجود الخمس في الشرائع السابقة:

1-روى ابن طاووس عن كتاب نور الهدى مناظرة قومٍ من أحبار اليهود بحضور الخليفة الثاني، ومما جاء في المناظرة قصةُ أصحاب الكهف، ومنها: قَالُوا أَتَيْنَاكَ بِالْعَجَبِ هَذَا رَجُلٌ قَدْ وَجَدَ كَنْزاً وَهِيَ دَرَاهِمُ مَعَهُ. فَقَالَ الْمَلِكُ إِنَّ نَبِيَّنَا عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ أَمَرَنَا أَلَّا نَأْخُذَ مِنَ الْكَنْزِ إِلَّا الْخُمُسَ، فَأَعْطِنَا مِمَّا وَجَدْتَ الْخُمُسَ وَسَائِرُ ذَلِكَ لَكَ حَلَال [1] إنّ هذه العبارة وإنْ كانت وردت في كلام الملك، ولكن فيها إشارة لوجود الخمس في شريعة عيسى عليه السلام، وهذا المقدار يفيدنا؛ لأننا نبحث عن الإشارات في الشرائع السابقة.

2-روى الطبرسي في مجمع البيان: وكان سعيد بن المسيب يقول: كان إبراهيم أول الناس أضاف الضيف وأول الناس اختتنَ... وهذا أيضاً قد رواه السكوني عن أبي عبد الله(عليه السلام)...وزاد فيه: وأول من قاتل في سبيل الله إبراهيم وأول من أخرج الخمس إبراهيم

3-عن ابن شهر أشوب المازندراني قال: فارق (صلى الله عليه وآله)جماعة النبيّين بمائة وخمسين خصلة ...وفي باب الزكاة: حرم عليه الزكاة والصدقة وهدية الكافر وأحلّ له الخمس والأنفال والغنيمة، وجعل زكاة المال ربع الخمس، لا ربع المال [2]

إذاً فالروايات التاريخية تشير لوجود الخمس، أو لا أقلَّ تُشير لوجود الضرائب المالية، مع اعترافنا بأنّ أكثر الروايات مبتلىً بإشكالاتٍ في المتن أو السند.

وأما النقطة المهمة التي لا بد من الالتفات لها في هذا الموضع من البحث هي أن إثبات وجود الخمس في الشرائع السابقة أو عدم إثباته لا دخل له في مسألة أحكام الخمس وفق شريعة الإسلام ومذهب الإمامية؛ لأننا نعتقد بنسخ الشرائع السابقة وأحكامها كلها.

نعم؛ لا منافاة بين القول بنسخ الشرائع السابقة وبين وجود أحكام مشتركة في الشرائع المختلفة؛ لأنها لا بد وأن تكون بجعلٍ جديدٍ في الشريعة اللاحقة كمسألة الخمس كما بيّناهُ آنفاً.

وإنما أحببنا لَفتَ النظر إلى هذه الإشارات من الشرائع السابقة دفعاً للشبهات وتنويراً للأذهان حول مسألة الخمس وتأييداً لحكم الخمس في شريعة الإسلام ومذهب أهل البيت(عليهم السلام).

موارد الاتفاق والاختلاف بين المسلمين في مسألة الخمس:

إنَّ مسألة الخمس هي _ في الجملة _ مما أجمعت عليه آراء فقهاء الإسلام كافة، واختلفوا في بعض تفاصيلها، كما في موارد وجوب الخمس، وبعض موارد تقسيم الخمس. فنستطيع القول بإجماعهم على أصل تشريعه ووجوبه، دون الإجماع على تفاصيله (وإن اتفقوا كذلك في بعض التفاصيل).

مثلاً: في الغنائم المأخوذة من أهل الحرب يصّرح السيد الخوئي(قدس سره) أنها مورد اتفاق فيقول: (بلا خلافٍ ولا إشكالٍ كما نَطَقَ بهِ الكتابُ والسُّنةُ) [3]

أقوال الفقهاء في اتفاق المسلمين على أصل وجوب الخمس:

يقول الشيخ الطوسي (قدس سره) في "كتاب الخلاف" في خُمس الكنز: الرّكازُ هو الكنز المدفون يجب فيه الخمس بلا خلافٍ، ويراعى عندنا فيه أنْ يبلُغَ نِصاباً يجب في مثلهِ الزكاةُ، وهو قول الشافعي في الجديد، وقال في القديم: يُخَمَّسُ قليلهُ وكثيرهُ، وبه قال مالكُ وأبو حنيفة [4]

وقال الطوسي أيضاً في كتاب الفيء وقسمة الغنائم:كلُّ ما يؤخذُ بالسيف قهراً من المشركين يسمى غنيمةً بلا خلافٍ، وعندنا أنَّ ما يستفيده الإنسانُ من أرباحِ التجارات والمكاسب والصنايع يدخلُ أيضاً فيه، وخالَفَ جميعُ الفقهاء في ذلك[5]

فالمحصلة أن الخاصة والعامة اتفقوا على وجوب الخمس في الغنائم، واتفقوا في أصل الخمس في المعدن، وإن اختلفوا في نوع المعدن.

وللتعرف إلى آراء فقهاء العامة في الخمس يُرجع إلى مصادر كتبهم، كالمغني لابن قدامة المقدسي: ج2،ص580 -582، و: ج7، ص301- 302، و: ج 6، ص 458.


[5] المصدر نفسه، ج4، ص182.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo