< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/01/26

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الخمس:

تتمة : الجواب على مسألة توصيف الزكاة بأنها من أوساخ أيدي الناس:

5- بالنظر إلى هذا التعبير من جانبٍ آخر نسأل: هل جاء هذا التعبير لتحقير مستحقي الزكاة؟

إن الإسلام الذي يهدف إلى ترسيخ العدالة وتكريم الناس لا يمكن أن نتعقل منه أن يأتي بتعبير لتحقير الناس؛ بل يمكننا بالتأمل أن نلمس أسلوباً تربوياً جديداً يقوم على تجنيب عموم الناس من استعمال الأموال العامة وبيت المال، بل يريد ترغيب الناس في العمل، فالإسلام يكرم العامل الذي يعمل لنفسه وعائلته والمجتمع.

بل حتى الفقير القادر على العمل نرى الإسلام يرغبه في ذلك، ويريد إيصال رسالة للمجتمع مفادها: "لا تُظهِروا الفقر وَتَدّعوا الحاجة". فهو بذلك يريد ذم إظهار الفقر، لا ذم الفقراء؛ فليس المقصود من الحديث أن إعطاء الزكاة لمستحقيها يوجب النقص فيهم.

6- لبعض الفقهاء توجيهٌ لهذا الحديث مفادهُ أن الزكاة في عصر النبي والأئمة عليهم السلام لم تكن بمقدارٍ يفي بحاجات جميع الفقراء؛ وذلك لضيق ساحة العمل الزراعي الذي يقوم عليه مالُ الزكاة، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وآله ذريته عن أخذ الزكاة ليستطيع العموم الاستفادة من الزكاة.

7- لو استفاد أهل بيت النبي وذريته من الزكاة، فقد يلجأ البعض من ضعفاء الإيمان لاستغلال هذه النقطة، ويتهمون النبي صلى الله عليه وآله بمحاولة تسليط ذريته على أموال الناس، لذا نهى ذريته عن مصرف الزكاة وجعل لهم سهماً آخر.

إن النقاط السبع المتقدمة هي احتمالات استفيدت بالتأمل في الأحاديث المبحوثة نفسِها، أو في أحاديث وآيات أخرى أو بالتأمل في ذوق الشرع الإسلامي. ولكنها تبقى احتمالات تنطلق من فهمنا للأحاديث ولذوق الإسلام. وعموماً لا بد لنا أن ننسب قراءتنا للأدلة إلى فهمنا الخاص، لا إلى المراد القطعي للشارع، إلا أن يكون لنا دليل يعضد ذلك.

المبحث الثاني: موارد اتفاق واختلاف المسلمين حول الخمس. وتعيين نقاط الاختلاف:

لاريب في أن فقهاء المسلمين (لا الإمامية فقط) التفتوا إلى مسألة الخمس واعتنوا بالبحث عنها، ولو رجع الطالب إلى كتب الفهارس؛ مثل فهرس الشيخ الطوسي والشيخ النجاشي، يجد أنه ما من فقيه من فقهاء الامامية إلا وله كتاب في الخمس، فلا خلاف من هذا الجانب.

ولكن الخلاف حاصلٌ بين الإمامية وغيرهم في أن غالبية الامامية جعلوا للخمس كتاباً خاصاً، أما فقهاء العامة فلم يفردوا للخمس كتاباً مستقلاً بل أدرجوا مسائله في طيات سائر العناوين الفقهية (كالغنائم والفيء والجهاد وأحكام المعادن في كتاب الزكاة وغيرها...) إلا أن فقه الامامية لا يخلو من استثناءات، ومثالها: كتاب الخلاف للشيخ الطوسي (رحمه الله) الذي لم يُفرد فيه كتاباً للخمس. والعلّة في ذلك أنه كتب كتابه "الخلاف" على منهج العامة؛ ليبين أنْ ما مِنْ مسألة فقهية عند الإمامية إلا ولها موافق عند العامة، فنزولاً عند منهجهم في التأليف الفقهي لم يُفرد للخُمس كتاباً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo