< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/01/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التعريف الجامع للخمس

هناك بعض الأسئلة بخصوص التعريف الجامع للخمس، والفرق بين الخمس والزكاة، وهي أسئلة تتنوع بين الفقهي والثقافي والاجتماعي.

السؤال الأول: هل الضرائب المالية في الإسلام تنحصر في الخمس والزكاة أم لا؟

الجواب: من المعلوم أنها غير منحصرة في ذلك؛ إذ يمتلك الإسلام نظاماً شاملاً جامعاً للحياة البشرية، وهذا يقتضي التفاتَ الإسلام إلى الجوانب المتنوعة للحياة ومنها الجانب الاقتصادي.

فالضرائب المالية في الفقه الإسلامي أوسع من الخمس والزكاة، ومنها الأنفال والصدقات (غير الواجبة) والمظالم والأوقاف والكفارات وزكاة الفطرة واللقطة والضرائب المالية الموكلة إلى الحاكم، وغير ذلك.

السؤال الثاني: لماذا جعل الله تعالى نصف الخمس لذرية رسول اللهصلی‌الله علیه و آله ولبني هاشم؟ ألا يعدُّ هذا تمييزاً بين المسلمين؟ وإسهاماً في تعزيز الطبقية في المجتمع من خلال التمييز العنصري أو ملاحظة العلاقات العائلية؟ وبالتالي فهذه النقطة لا تنسجم مع روح العدالة الاجتماعية للإسلام.

الجواب:

1- لعلَّ هذه التصورات ناشئة عن عدم التأمل في الروايات وفي خصوصيات المسألة، فبالتأمل يتضح الجواب الواضح عنها.

صحيح أن نصف الخمس لذرية بني هاشم. ولكنه مجعول للمحتاجين منهم، وهذا لا يوجب الطبقية بين المسلمين، ولذلك فإن القادر على العمل بالقوة أو بالفعل من ذرية رسول اللهصلی‌الله علیه و آله لا يجوز له الأخذ من الخمس. أمّا ما يقوله البعض من أنّ السّادة يمكنهم أخذ الخمس حتى ولو كان ميزاب بيت أحدهم من ذهبٍ فهو كلامٌ ساذجٌ ولا أساس له أبداً.

2- في مقابل جعل نصف الخمس لبني هاشم فقد حرم الله عليهم الأخذ من الزكاة.

3- وكذلك لو زاد سهم بني هاشم عن مقدار حاجتهم فإنه يوزع على عامة الناس، ولو نقص السهم عن حاجتهم يعطيهم الحاكم من بيت المال أو من الزكاة.

4- إن حرمة أخذ الزكاة على ذرية بني هاشم أمرٌ مسلّمٌ قطعيٌّ، وقد ورد في أكثر كتب الحديث وفتاوى العلماء وكتبهم الفقهية، فلو لم يجعل الله تعالى نصف الخمس لهم، فكيف نتصور أنّ الإسلام قد رعى شأن الفقراء من عامة الناس وأغفل فقراء بني هاشم؟

السؤال الثالث: ما معنى التعبير الوراد في الروايات بأن الزكاة "أوساخ أيدي الناس"؟

علينا أن نتدبر في الرواية لنفهمها بشكل صحيح؛ فنحن مأمورون بالتدبر فيما نسمع؛ فعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : "يَا بُنَيَّ اعْرِفْ مَنَازِلَ‌ الشِّيعَةِ عَلَى‌ قَدْرِ رِوَايَتِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ، فَإِنَّ الْمَعْرِفَةَ هِيَ الدِّرَايَةُ لِلرِّوَايَةِ، وَبِالدِّرَايَاتِ لِلرِّوَايَاتِ يَعْلُو الْمُؤْمِنُ إِلَى أَقْصَى دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ.[1] بعد التأمل في الحديث وفي مذاق الشارع الإسلامي تظهر لنا بعض الأمور:

1- الْوَسَخُ: مَا يَعْلُو الثَّوْبَ وَالْجِلْدَ مِنَ الدَّرَنِ وَقِلَّةِ التَّعَهُّدِ بِالْمَاءِ [2] ،واستعمال هذا اللفظ بخصوص الزكاة تعبير كنائي يريد منه الإسلام تنبيه الناس إلى أنّ المال كجسد الإنسان؛ لو لم يطهَّرْ لعلاهُ الوسخ، وكما أن تطهير النفس بالمعنويات كذلك تطهير المال بالزكاة، فلا بد للمؤمن من إيجاد الربط بين أمواله وبين الله تعالى. والزكاة هي طريق هذا الربط.

2- هذا الحديث ورد في ذيل آية الزكاة، والآية تأمر النبيصلی‌الله علیه و آله بأخذ الزكاة لتطهير المال وصاحبه، والأمر بالتطهير كالأمر بالتغسيل، والنازل من التغسيل هو غُسالة قذرة. فالثوب بعد خروج الغُسالة منه فيبقى نظيفاً، والزكاة تطهر المال بهذه الصورة. ولذا سمى رسول اللهصلی‌الله علیه و آله الخارج من تطهير المال بالوسخ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo