< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

39/02/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم النظر إلى الأجنبيّة:

كنا نتحدث عن الاستدلال بالسنة على الجواز وذكرنا بعض الروايات :

ومنها: مرسلة مروك بن عبيد: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَرْوَكِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قُلْتُ لَهُ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرَى مِنَ الْمَرْأَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَحْرَماً قَالَ الْوَجْهُ وَ الْكَفَّانِ وَ الْقَدَمَانِ وَرَوَاهُ الصَّدُوقُ فِي الْخِصَالِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ. [1]

إنّ شخصية مروك معروفة لدى الرجاليين، وله روايات عديدة في الفقه، وقد ورد اسمه في موردا، أمّا الإشكال فهو في جهة إرسال الرواية، وقد يمكن القول بجبرها بسبب ورود مضمونها في الروايات الصحيحة، ودلالتها واضحة جداً.

ومنها: رواية أبي الجارود علي بن إبراهيم في تفسيره : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر في قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِيْنَ زِيْنَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} هي الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكف والسوار[2] ، والزينة ثلاث: زينة للناس، وزينة للمحرم، وزينة للزوج، فأما زينة الناس فقد ذكرناه، وأما زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها، والدملج وما دونه، والخلخال وما أسفل منه، وأما زينة الزوج فالجسد كله. أقول: إنَّ خبر أبي الجارود مرسلٌ من حيث إنّه روي عن الباقر، ولکن وكما هو معروفٌ فإنَّ بين علي بن إبراهيم القمي وبين أبي الجارود فصلٌ طويل، بحيث لا يمکن أن يروي عنه بِحال.

ومنها: رواية علي بن جعفر عن أخيه‘: قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ مَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ مِنْ المَرْأَةِ الَّتِيْ لاَ تَحِلُّ لَهُ ؟ قَالَ : الوَجْهُ، وَالكَّفُّ، وَمَوْضِعُ السُّوَارِ.[3] وقد استدل صاحب الجواهر بخبر علي بن جعفر‘، وذکر أنّ سنده معتبرٌ ولکن السيد الخوئي قدْ صرّح بضعف سنده من حيث اشتماله علي عبدالله بن الحسن الذي لم يرِدْ شيءٌ بمدحه أوتوثيقه.

ونحن نقول : بأن وجود مضمونه في الأخبار الصحيحة لا يسقطه عن الاستدلال. وللسيد الخوئي إيراد آخر وهو اشتمال الخبر علي النظر إلي الوجه والکفين ممَّن لا يحلّ له النظر إليهما، وفسّر: ((لا تحلّ له)) [بالمَحْرَم]،

وقال: من الواضح أنّها ليست إلاَّ المَحرم، فلا يبقي لها ارتباطٌ بمحلِّ کلامنا- أعني الأجنبية- بل يمكننا استفادة الحُرمة منها نظراً إلى تخصيص الجواز بالمحارم. ومن العجيب مِن صاحب الجواهر الاستدلال بها علي الجواز! ولکن نقول: إنّ هذا الإيراد لا ليس في محلِّه لاحتمال أن يکون المراد مِن ((لاَ تحِلّ له))أي لا يحلّ له النظر إليها فيشمل الأجنبية والنظر إلي الأجنبية، وهو ما يرتبط بمحلِّ کلامنا، لذا فليس من العجيب أنْ يستدلّ به صاحب الجواهر على الجواز.

ومنها: الاستدلال بخبر جابر بن عبدالله الأنصاري محمَّد بن يعقوب عَنْ عدّة مِنْ أصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بنْ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ‌ مُعَاوِيَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَر عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی‌الله علیه و آلهيُرِيدُ فَاطِمَةَ وَأَنَا مَعَهُ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَابِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَدَفَعَهُ ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: أَدْخُلُ؟ قَالَتْ: ادْخُلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: أَدْخُلُ أَنَا وَمَنْ مَعِي؟ قَالَتْ لَيْسَ عَلَيَّ قِنَاعٌ. فَقَالَصلی‌الله علیه و آله: يَا فَاطِمَةُ خُذِي فَضْلَ مِلْحَفَتِكِ فَقَنِّعِي بِهِ رَأْسَكِ فَفَعَلَتْ ثُمَّ قَالَصلی‌الله علیه و آله: السَّلَامُ عَلَيْكِ. فَقَالَتْ: وَعَلَيْك السَّلاَمُ يَا رَسُوْل اللهِ. قال: أدخل. قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ. قَالَ: أنَا وَمَنْ مَعِيْ. قَالَتْ: وَمَنْ مَعَك. قَالَ جَابِرٌ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِصلی‌الله علیه و آله، وَدَخَلْتُ وَإِذَا وَجْهُ فَاطِمَةَأَصْفَرُ كَأَنَّهُ بَطْنُ جَرَادَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِصلی‌الله علیه و آله: مَا لِيْ أَرَىْ وَجْهَكِ أَصْفَر؟َ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْجُوعُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِصلی‌الله علیه و آله: اللَّهُمَّ مُشْبِعَ الْجَوْعَةِ وَدَافِعَ الضَّيْعَةِ أَشْبِعْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ. قَالَ جَابِرٌ: فَوَ اللَّهِ لَنَظَرْتُ إِلَى الدَّمِ يَتَحَدَّرُ مِنْ قُصَاصِهَا حَتَّى عَادَ وَجْهُهَا أَحْمَرَ فَمَا جَاعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.[4] [5] [6]

أقول : إنّ دلالة الحديث علي المطلوب لجواز واضحة، بل هي أوضح، إذْ أنّ كشف الوجه من المعصوم، وكذلك نظر جابر إليها بمحضر رسول اللهصلی‌الله علیه و آله من أوضح مصاديق تقرير المعصوم وهو حجةٌ بلا ريب، ولكن الإشكال على الحديث من جهتين:

الأولى: من جهة سند الحديث لضعفه لِوجود عمرو بن شمر وهو ضعيفٌ من وجهة نظر النجاشيّ الذي ضعَّفه في أکثر من مورد. راجع رجال النجاشي: 128 و 287رقم 332 و765. وكذلك العلاَّمة في الخُلاصة. وقد ذكر النجاشي: أنّه أضيف في روايات جابر من قبل عدة ممَّن يروون عنه وخصّ بالذكر عمرو بن شمر، فلا مجال للاعتماد عليها. وزاد العلاَّمة وقال: لا أعتمد علي شيء ممَّا يرويه.

والثانية: والإنصاف أنَّ متن الرواية غير قابلٍ للتصديق ولا يناسب نساء المؤمنين وبنات الموالين فضلاً عن الصِّديقة الطاهرة.من جِهة اشتمالها علي ظهور الصديقة الطاهرة في حضور الأجنبيّ بحيث يراها ويصِفُ لون وجهها، ومن المعلوم عدم إمكان وقوع هذه الواقعة عن الصديقة الطاهرة مع جلالة شأنها، وعِظم مقامها، يضاف إلى ذلك قوله ما جاعت بعد ذلك اليوم، وهي معجزةٌ عظيمة فكيف انفرد بها عمرو بن شمر دون غيره من الرُّواة!

الحمد لله ربّ العالمين


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo