< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

37/12/24

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع : في استحباب النكاح المشتهي .

قال في كفاية الأحكام : " و خالف فيه الشيخ نظراً إلى وجوه أقواها مدح يحيى × في الآية بكونه

حصوراً. و هي دالّة على مدح عدم اشتهاء النساء لا عدم التزويج.

وما أورده المحقق على الشيخ صحيح وفي محله، وذلك أن عدم الاشتهاء إلى النساء ممدوح والنبي يحيي كذلك، وورد الذم في حق من يشتهي النساء حيث قال تعالى : {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }[1]

فالمحصل أن الله تعالى مدح النبي يحيي ×؛ لأنه لم يشته النساء، وذم الله تعالى من يشتهيهنّ، ومن هنا فاعتراض المحقق السبزواري وارد على شيخ الطائفة رحمه الله. مع الانتباه إلى أن ثمة فرقاً بين حب النساء والاشتهاء إليهن.

ويمكن القول مضافا إلى ما ذكر بأن النبي يحيي لم يتزوج لأنه لم تسمح له الظروف بذلك مثلاُ، أو ثمة خصوصيات له ×منعته من الزواج، لأنه كان كثير السفر لأجل الدعوة والتبليغ، ونشر دين الله تعالى بين الناس، ومن هنا فلا يمكن الاستدلال بالآية من حيث استحبابه أو عدمه، لأن البحث في استحبابه في حد نفسه.

وأما بالنسبة إلى كلمة >الحصور< فلها معان عدة، منها : منع النفس عن الشهوات، كما في المجمع، وعدم إتيان النساء، كما في المفردات، فإذا تعددت معانيها فلا يمكن أن يقطع أنها وردت بمعنى عدم الاشتهاء إلى النساء.

والمحصل أن ما ذهب إليه الشيخ عليه الرحمة في غير محله، ومضافاً إلى ذلك أن الشيخ متفرد في ذلك، ولم يوافقه أحد من الفقهاء حسب ما ذكر الأستاذ.

الأمر الثالث : كلمة في استحباب النكاح.

قال ابن فهد في المهذب البارع : >فاعلم أنّ الناس فيه على ثلاثة أقسام:( أ) فمنهم من يتق نفسه إليه و يخاف إن تركه الوقوع في الزنا، فهذا يجب عليه التزويج بلا خلاف بين الأمّة، و إذا فعله كان مؤدبا فرضاً، و إذا تركه كان عاصيا في كلّ آن من آناء الترك .(ب) من يتق نفسه إليه و لا يخاف الوقوع في الزنا، فهذا يستحب له بإجماع الأمّة.( ج) من لا تتق نفسه إليه، و هو قسمان: من لا يمكن حصوله منه كالخصي والعنّين الّذي لا يرجون زواله، فالأفضل لهذا تركه، لعدم حصول الفائدة منه، و تعطيل المرأة عن الإحصان . و من يمكن وقوعه منه، و هذا أيضا يستحب له على الجملة<.[2]

وما ذهب إليه ابن فهد صحيح في حد نفسه، غير أنه غير مرتبط بالبحث الذي هو في صدد إثبات الاستحباب في حد نفسه. وليس البحث في حكم النكاح مع الطوارئ والعوارض. کالاشتیاق بالنکاح و عدم الاشتیاق و غیر ذالک.

فعلی هذا کلام ابن فهد و ان کان مفیدا و لکنه فی غیر محله و غیر مربوط بما نحن فیه و محل بیان هذه الاقسام فی حکم النکاح مع عروض حالات متنوع کاشتیاقه النفسانیة الی النکاح و غیر ذلک.

و علة ذکر هذه الکلمة من ابن فهد الحلی (ره) مع انه فی باب اقسام النکاح ، من جهة انه ینبغی للفقیه ان یفرق بین المستحب فی حد ذاته و المستحب لاجل علة خاصة و سبب خاص.

هذا تمام ما قیل و یمکن ان یقال فی استحباب النکاح فی حد نفسه من دون النظر الی العوارض و الطواریء.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo