< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

37/12/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اقوال في استحباب النكاح .

تقدم أن السيد الإمام استدل على استحباب النكاح بالروايات والآية من كتاب الله، وتقدم الإشارة إلى الإشكال الذي ذكرناه على المصنف، وأما الروايات فالاستدلال صحيح بها، لاستفاضتها، وقلنا ثمة روايات أخرى لم يذكرها، وكذلك هناك آيات يمكن الاستدلال بها في المقام، منها قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَ ثُلاَثَ وَ رُبَاعَ}[1] ، وهذه الآية أولى بالاستدلال بها من الآية التي ذكرها المصنف، وتقرير الاستدلال هو أن الله أمر بالنكاح، وإن الله لا يأمر إلا إذا كان الأمر راجحاً.

وأما الروايات:

     عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْجَامُورَانِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّٰهِ ×، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللّٰهِ |: مَنْ تَزَوَّجَ أَحْرَزَ نِصْفَ دِينِهِ». وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «فَلْيَتَّقِ اللّٰهَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ» أَوِ «الْبَاقِي»[2] .

     عن النبي |الحديث مرسل غير أنه مروي عن الصدوق، والرواية موجودة عند الفريقين: >مِنْ‌ سُنَّتِي‌ التَّزْوِيجُ‌ فَمَنْ‌ رَغِبَ‌ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي<[3]

وثمة روايات كثيرة في المصادر الروائية غير أننا لا نحتاج إلى أن نذكر كل تلك الروايات.

نعم هناك أمور لابد أن نشير إليه منها: استدلال صاحب الجواهر على أن النكاح من ضروريات الدين، وقول السيد اليزدي بأن النكاح مستحب كتاباً وسنة وإجماعاً، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو هل ثمة حاجة إلى أن يستدل بالإجماع؟ أو أنه من ضروريات الدين؟ وإذا ثبت الإجماع في المقام، فهل يجوز الاستدلال به، ولِمَ ترك الإمام + الاستدلال به في المقام؟

والجواب هو كالتالي : إن الاستدلال بالإجماع متوقف على ما إذا كان لم يوجد دليل لفظي، أما مع وجوده فلا حاجة إلى الاستدلال به، وإذا كان الإجماع مدركياً فلا يعتد بها، لأن الاستدلال يكون حينئذ مستنداً إلى الرواية.

مضافاً إلى ذلك يمكن القول بأنه لا وجود للإجماع في المقام على استحباب النكاح في حد نفسه، لأن بعض الفقهاء ذهبوا إلى أنه ليس مستحباً في حد نفسه، بل يستحب إذا تاقت إليه النفس، ومنهم صاحب الجواهر والمحقق السبزواري حيث جعلوا النكاح مستحباً إذا تاقت إليه النفس واشتاقت.

وأما الجواب عن السؤال الثاني فهو أنه لا يمكن القول بأن النكاح من ضروريات الدين، في حد نفسه، لأن في المقام موضوعين : استحباب النكاح وهو ليس من ضروريات الدين، لأنه ثمة مخالفين في المقام، ولا إجماع على استحبابه في حد نفسه، أما مشروعيته في الإسلام فثمة إجماع عليه وأنه من ضروريات الدين، بل ربما يمكن أن يقال : إنه مشروع بين جميع العقلاء.

وأما لماذا لم يستدلّ على أنه من ضروريات الدين أو أنه ثابت بالإجماع لأنه لا حاجة إلى ذلك، لأنه أولا ليس من ضروريات الدين، وثانيا لا إجماع في المقام.

وحاصل الكلام : إن النكاح مشروع مستحب، ويمكن القول بأن استحبابه مؤكد، ولا إجماع في المقام لوجود المخالف، وأن استحبابه ليس من ضروريات الدين، نعم مشروعيته من ضروريات الدين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo