< قائمة الدروس

بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

36/02/03

بسم الله الرحمن الرحیم

تقدّم الكلام في تفرقة المحقّق النائيني رحمه‌الله بين الشبهة المفهوميّة والشبهة المصداقيّة، ما يخرّج لنا بشكلٍ فنّيّ ما اختاره صاحب الكفاية رحمه‌الله، ودرج عليه مشهور محقّقي علم الأصول من التفرقة في الحكم في جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المفهوميّة لمخصّصه المنفصل، دونه في الشبهة المصداقيّة.
ولكنّ الشهيد الصدر رحمه‌الله حاول أن يستشكل فيما أفاده المحقّق النائيني رحمه‌الله بما يرجع إلى عدم الاكتفاء بما أفاده، وخلاصة ما يذكره الشهيد الصدر رحمه‌الله في هذا المجال: أنّه في الشبهة المصداقيّة لا يوجد للعموم تعرّض لأمرها؛ ذلك أنّه تارةً يكون الكلام في الشبهة الحكميّة، وأُخرى يكون في الشبهة الموضوعيّة.
فإذا كان الكلام في الشبهة الحكميّة، فإنّ الخاصّ ينافي العامّ في دلالته ومدلوله، ما يستوجب قصر حجّيّته على غير العنوان الذي أفاده الخاصّ، أو تعنونه بنقيض عنوان الخاصّ، وهو مفاد المحقّق النائيني رحمه‌الله وتلميذه السيّد الخوئي رحمه‌الله ويوافق عليه الشهيد الصدر رحمه‌الله، من أنّ التخصيص يستوجب تعنون العامّ بنقيض عنوان الخاصّ، خلافاً لظاهر الكفاية وصريح المحقّق العراقيّ رحمه‌الله.
ما يريد الشهيد الصدر! قوله هو أنّ قصر العامّ حجّيّةً بعد طروّ الخاصّ على غير العنوان الذي نُصّ على إخراجه من تحت العامّ ببركة الخاصّ، وهو الفاسق من العلماء في المثال الآنف الذكر. هنا، على مستوى الشبهة الحكميّة، لا شكّ في أنّ هناك تنافياً بدويّاً بين مفاد العامّ الشامل للعالم بجميع أفراده وأحواله، بما فيها حالة الفسق، وبين الخاصّ النافي في العالم الفاسق. فمن الواضح على هذا الأساس، أنّه بناءاً على القرينيّة أو الأظهريّة أو الأقوائيّة، فإنّ الخاصّ يحكم العامّ بحكمه، ويُصبح العامّ على مستوى الشبهة الحكميّة مقصور الحجّيّة على خصوص العالم غير الفاسق. أو فقل: لا يشمل بعد العالم المتّصف بحالة الفسق، بناءاً على عدم التعنون.
هذا في الشبهة الحكميّة.
وأمّا في الشبهة الموضوعيّة، فمن الواضح أنّ كلّ دليلٍ كان على نهج القضيّة الحقيقيّة، أو القسم الأوّل من قسمي الخارجيّة، لا يتكفّل إثبات موضوعه صغرويّاً على مستوى المصداق، ولا علاقة للشارع بما هو شارع بإحراز وجود المصداق أو عدم وجوده، اللّهمّ إلّا إذا تصدّى الشارع في القضيّة الخارجيّة، وهي الخارجيّة من القسم الثاني، لإحراز المصداق للموضوع في الخارج. فصحيح أنّه لا يوجد قضيّة حكميّة بدون موضوع على مستوى التشريع، لكنّ الموضوع في القضيّة التشريعيّة هو الموضوع الكبرويّ، ويحقّ لنا أن نعبّر عنه بـ الموضوع بالحمل الأوّليّ، وأمّا الموضوع بالحمل الشايع وعلى مستوى المعنون، وهو الذي تتوقّف عليه فعليّة الحكم، فلا تعرّض للقضيّة التشريعيّة الكبرى له أصلاً، فهي لا تتكفّل النظر إلى أنّ فلاناً من العلماء هل هو فاسق أم لا؟ فإنّ الشريعة إنّما تبيّن موازين الفسق، وما الذي يترتّب عليه، وأمّا كون المصداق الخارجيّ فاسقاً بالفعل أم لا، فلا تعرّض للدليل له.
ومن هنا، فعندما نقول: العامّ حجّة في هذا المورد، والخاصّ ليس بحجّة، أو العكس، هذا بالدقّة فيه نوع من المسامحة؛ إذ الحجّيّة فرع التعرّض، والعامّ والخاصّ، بل الدليل عموماً، لا يتعرّض لمصداق الموضوع، أي: للموضوع الخارجيّ الفعليّ، فلا نقول: إنّ إجراء الحجّيّة خطأ، بل المقصود أنّ الكبريات التي تعرّض لها الدليل هل هي متحقّقة في الخارج أم لا، وليس تحقيق وجوده أو عدم تحقيقه على ارتباط بالدليل، بل يخضع لمعاينة الواقع الخارجيّ، فالقول بأنّ العامّ حجّة في هذا المورد، والخاصّ ليس بحجّة، أو بالعكس، هذا في الحقيقة من باب أنّنا نضمّ ما فهمناه كبرويّاً من الدليل إلى ما خبرناه صغرويّاً والانطباق حينئذٍ يكون ضروريّاً بعد ثبوت الصغرى بعلمٍ أو علميّ (بدليلٍ آخر، كالبيّنة).
وبعد هذا، والذي أجمله الشهيد الصدر رحمه‌الله إجمالاً شديداً، يقول رحمه‌الله: إنّ البحث الماثل بين أيدينا، وهو جواز أو عدم جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة لمخصّصه المنفصل هو من الشبهة الموضوعيّة، وليس من الشبهة الحكميّة. والدليل لا تعرّض فيه للشبهة الموضوعيّة، والتنافي بين الدليل العامّ والدليل الخاصّ إنّما هو تنافٍ على مستوى الشبهة الحكميّة؛ لأنّ دلالة الدليل ومدلول الدليل على مستوى الشبهة الحكميّة، والمشكلة الموجودة لدينا فعلاً هي على مستوى الشبهة الموضوعيّة، فلا مساس للجعل التشريعيّ، لا في العامّ، ولا في الخاصّ، بالتعرّض لمحلّ كلامنا. ولا يوجد تنافٍ بين الخاصّ والعامّ في محلّ كلامنا.
وإذا كان الأمر كذلك، فإذا جئنا إلى المصداق الخارجيّ المردّد كونه فاسقاً أم غير فاسق، فنرى أنّ (لا تكرم العالم الفاسق) موضوع مركّب من العلم والفسق، وهو عالم جزماً، وهو مشكوك الانطباق على الواقع الخارجيّ، والدليل لا يُثبت موضوعه، بل يكون الجعل للحكم على تقدير وجود الموضوع. أمّا إذا جئنا إلى العامّ، فالعامّ على مستوى القضيّة التشريعيّة هو (أكرم كلّ عالم)، وبعد تخصيصه بالخاصّ بات الذي لا يجب إكرامه هو المتّصف بالفسق، فقد شكّل الاتّصاف بالفسق مانعاً عن وجوب الإكرام بعد التخصيص. إذا جئنا إلى زيد الذي نُحرز عالميّته بالوجدان، ولكنّنا لا نحرز أنّه فاسق أم غير فاسق (بمعزل عن الأصول الموضوعيّة؛ لأنّ كلامنا عن الأمارة هنا) هو جزماً مصداق لـ (أكرم كلّ عالم). وأمّا كونه فاسقاً أو غير فاسق، فلا علاقة له بالخاصّ؛ إذ لا العامّ ولا الخاصّ يتعرّضان للواقع الخارجيّ، والذي له العلاقة هو عنوان فاسق وعنوان غير فاسق، لا الواقع الخارجيّ للفاسق وغير الفاسق، فالخاصّ لا تعرّض له لا لفسقه ولا لغير فسقه على مستوى المصداق الخارجيّ. نعم، هو اقتطع الفاسق على مستوى الكبرى الكلّيّة، التي لا تعرّض لها للأفراد، فهذا الاشتباه الخارجيّ خارج عن العلاقة بين الدليلين، العامّ والخاصّ.
فالسؤال الذي يُطرح هنا: أنّ هذا الخاصّ هل هو مصداق لـ (أكرم كلّ عالم) أم لا؟ والجواب: أنّه بلا شكٍّ مصداق له. فهل هو مصداق للفاسق وغير الفاسق؟ هذا غير معلوم؛ فإنّ ممانعة الخاصّ على مستوى الكبرى للعامّ على مستوى الكبرى لا تعرّض لها لهذا الواقع الخارجيّ، فهذا الواقع الخارجيّ يشمله العامّ الذي لا تعرّض فيه للخاصّ. إذا كان الأمر كذلك، فمن شمول العامّ له نحن ننفي فسقه. كما لو أنّ الشارع ابتداءاً قال: أكرم زيداً، ونحن نعلم أنّ الشارع لا يرضى بإكرام الفاسق، فبقوله: أكرم زيداً، نكتشف أنّ زيداً غير فاسق. كذلك في المقام.
ثمّ يقول الشهيد الصدر رحمه‌الله: إنّ كلام المحقّق النائيني رحمه‌الله حتّى يصحّ يستلزم أن يكون قائلاً بمقالتين:
الأُولى: تعنون العامّ ثبوتاً بغير عنوان الخاصّ.
والثانية: دلالة العامّ إثباتاً على ثبوت حكمه في فردٍ بما أنّه معنون بعنوان العامّ بحدّه.
ثمّ يقول: ونحن نوافقه على المقولة الأُولى. لكنّنا لا نقول بالثانية؛ ذلك أنّ العامّ لا بشرط من جهة العناوين الأُخرى، فهو لا ينافي التقييد. ثمّ يطيل في الكلام بما لا نحتاج إلى الإطالة فيه.
وهذا الكلام الذي وُصف في بعض كلمات تلامذته بـ غاية في الدقّة، مهما تأمّلنا فيه لم نجد أنّه ينتهي إلى محصّل، وربما كان القصور في فهمنا. خصوصاً مقالته القائلة بأنّنا نُثبت عدالته وعدم فسقه من شمول العامّ له؛ إذ من حقّنا أن نقول: إنّ ما ذكره المحقّق النائيني رحمه‌الله لا يتوقّف على المبنى الأوّل، والذي وافقه عليه الشهيد الصدر، بمعنى أنّ تماميّة كلام المحقّق النائيني رحمه‌الله، لا تتوقّف على أن يكون قائلاً بتعنون العامّ بنقيض عنوان الخاصّ، بل يكفي فيه مبنى صاحب الكفاية رحمه‌الله، القائل بأنّ العامّ لا يعود حجّةً فيما شمله الخاصّ من عنوان، وهو الفاسق. ولا يحتاج إلى أكثر من هذا.
ثمّ هذا الكلام لا يتوقّف على المبنى الثاني، وهو القول بدلالة العامّ على أنّ موضوعه بما هو هو، لا (لا بشرط)؛ إذ من الواضح (وكلمات المحقّق النائيني رحمه‌الله تنادي به، ولا يُظنّ الخلاف فيه من أحد) أنّنا سواء قلنا بالتعنون أم لم نقل به، فإنّ العامّ بعد التخصيص لم يعد حجّةً في مورد الخاصّ، هذا على كلّ المباني، يعني: لم يعد يشمل العالم المتّصف بالفسق، يعني: صار موضوعه على مستوى الحجّيّة غير شامل لمطلق العالم، أو فقل: انحسر إلى بعض أفراد العالم. وإذا كان الأمر كذلك، فمن حقّ المحقّق النائيني رحمه‌الله هنا أن يقول: صحيح أنّ العامّ والخاصّ لا تعرّض لهما للواقع الخارجيّ بشكلٍ مباشر، بمعنى: أنّ الدليل في القضيّة الحقيقيّة لا يتكفّل بإحراز الواقع الخارجيّ، لا القضيّة الحقيقيّة فحسب، بل هذا ليس من شغل الشارع بما هو شارع أصلاً. لكنّ هذا لا يعني أنّ الواقع الخارجيّ معزول بالكامل عن الدليل؛ فإنّ تسمية الشبهة شبهة موضوعيّة إنّما ينشأ من جهة الاشتباه في انطباق الدليل على هذا الواقع الخارجيّ بسبب الشكّ في وجود حدوده وقيوده في الواقع الخارجيّ، فهو من جهةٍ يرتبط بمرآتيّة الموضوع الكبرويّ للواقع الخارجيّ، ومن جهةٍ أُخرى يرتبط بالمرئيّ بهذه المرآة، وهو نفس الواقع الخارجيّ. الجهة الأُولى من الدليل، وهو المسمّى بالانطباق، والجهة الثانية من خبرة كلّ مكلّف بالواقع الخارجيّ. فالدليل غير منعزلٍ انعزالاً تامّاً عن الواقع الخارجيّ، وإلّا لما كانت موضوعاً له أصلاً.
إذاً، فالدليل يُعطي الضوابط التي على أساسها يكون الواقع الخارجيّ موضوعاً خارجيّاً أو ليس موضوعاً خارجيّاً، دور المكلّف بعد ذلك أن يبحث أين يوجد المصداق وأين لا يوجد المصداق، فهناك جهة مربوطة بالدليل، وأُخرى مربوطة بالواقع الخارجيّ.
وإذا كان الأمر كذلك، فلا شكّ ولا ريب في أنّ موضوع الدليل على مستوى المدلول التصديقيّ الجدّيّ ثبت أنّه من أوّل الأمر عند المولى ليس هو العالم الفاسق، ومعه: فأنت عليك لكي تحكم بانطباق العامّ على الواقع الخارجيّ أن تُحرز الأمرين معاً: عالميّته، وأنّه ليس فاسقاً، فإذا أحرزت عالميّته فقد أحرزت جزء العلّة لوجوب الإكرام بعد التخصيص، فعليك أن تُحرز الجزء الثاني للعلّة، وهو عدم اتّصافه بالفسق، فإذا لم تحرز عدم اتّصافه بالفسق على مستوى الدليل، فلا شكّ في أنّك لا تستطيع أن تحكم بانطباق الدليل بما هو حجّة عليه.
وشمول الدليل له بما هو عالم لا يكفي لشموله الفعليّ بعد التخصيص؛ إذ الدليل بعد التخصيص لا يشمل كلّ عالم، بل يشمل العالم الذي لا يكون فاسقاً، فكيف ـ مع هذا ـ يُقال بأنّه لعلمه يشمله الدليل، وبالملازمة نُثبت عدم فسقه؟! وهذا من الغرائب حقيقةً؛ إذ لا تعرّض للدليل من قريبٍ ولا بعيد للواقع الخارجيّ، وجهة الانطباق لا تعني التعرّض للواقع الخارجيّ الفعليّ، بل إنّ جهة الانطباق تنتظر أن يُحرز المكلّف، بمعزل عن الدليل الواقع الخارجيّ فتنطبق عليه تلقائيّاً بعد ذلك، وليست هي التي تصنع الواقع الخارجيّ، فكيف نستطيع أن نُثبت الجزء الثاني لموضوع الحكم بالجزء الأوّل له؟!
بل إنّ الدليل على مستوى الواقع الخارجيّ لا تعرّض له للجزء الأوّل ولا للثاني، هو يتعرّض لإثبات أنّ موضوع الحكم عنوان العالميّة بما هو مرآة، بعد التخصيص أُضيف إليه ما لم يُخرجه الخاصّ، وسُلب منه ما أخرجه الخاصّ، أو بحسب تعبيرهم: تعنون بنقيض عنوان الخاصّ. حينئذٍ: كون الشخص في الخارج عالماً لا تعرّض له لكونه فاسقاً أم لا، العالميّة في الخارج لا بشرط من جهة الفسق وعدمه، فلا تدلّ عليه ولا على عدمه، وكون الشخص في الخارج فاسقاً أو غير فاسق كذلك، فإذا شمله العامّ بإطلاقه (على مباني النائيني؛ لأنّه يُجري مقدّمات الحكمة في المدخول) أو بعمومه فقط (لأنّه على ما هو الصحيح، ومال إليه الشهيد الصدر لا تحتاج إلى إجراء قرينة الحكمة في المدخول)، فحينئذٍ: لا يصحّ أن نقول: إنّ الدليل يتعرّض لإثبات الموضوع، بل نحن أحرزنا عالميّة زيد عندما امتحنّاه بالعلم، فثبت أنّه مصداق للعامّ، لكنّ هذا العامّ إنّما يكون حجّةً (بحسب التعبير الشائع) في وجوب إكرام العالم الخارجيّ، لا من جهة أنّه هو أثبت أنّه عالم، بل من جهة أنّنا بعد أن أثبتنا منفصلاً بوجداننا أنّه عالم صار انطباق العالم عليه انطباقاً قهريّاً. فعليّة الموضوع لا تعرّض للدليل لها.
وأمّا الجهة الثانية، فهي جهة الفسق وعدم الفسق، وهي ليست من المداليل الالتزاميّة للعالم قطعاً؛ فإنّ انطباق الدليل على العالم لا يكفي لوجوب إكرامه فعليّاً؛ لأنّه بعد طروّ الخاصّ المنفصل انكشف لي أنّ الشارع من أوّل الأمر ينهى عن إكرام الفاسق من العلماء، فتصبح النتيجة: أنّ انطباق العامّ على الواقع الخارجيّ لا يكفي للشمول له بلفظه، بل لا بدّ أن ينطبق عليه بما هو حجّة فيه في طول التخصيص، وحتّى ينطبق لا بدّ أن أُحرز منفصلاً وخارجيّاً أنّه عالم وأنّه ليس بفاسق، ولا يكفي أن أُحرز أنّه عالم، وفي الشبهة المصداقيّة أنا لم أُحرز أنّه فاسق في الخارج، ربما كان فاسقاً وربما لم يكن، فلا ينطبق العامّ عليه.
والسرّ في الجواب: أنّ الدليل وإن لم يكن متعرّضاً للواقع الخارجيّ، لكنّه غير منعزل عنه؛ إذ إحراز الواقع الخارجيّ بالشروط والقيود الموجودة في الدليل بما هو حجّة هو الذي يجعل انطباق الدليل قهريّاً عليه، فما لم أُحرز الشروط والقيود كاملةً لا ينطبق الدليل قهراً عليه. ولا يمكن بوجهٍ إثبات القيد بثبوت ذات المقيَّد، كالعالميّة في المثال؛ لنفس السبب، وهو أنّ الدليل لا تعرّض له للواقع الخارجيّ لا نفياً ولا إثباتاً.
وما شرحه الشهيد الصدر رحمه‌الله بعد ذلك تحت عنوان (المبنى المختار)، لا يزيد في لبّه وجوهره على هذه النكتة التي أشرنا إليها، من أنّ الدليل وإن لم يتعرّض للخارج، لكنّ الخارج دائماً محكوم للضوابط الموجودة في الدليل، لا بلفظه، بل بما هو حجّة.
فكلام المحقّق النائيني رحمه‌الله عارٍ عن الإشكال تماماً.
هذا تمام الكلام في المرحلة الأُولى من البحث في المخصّص المنفصل المشتبه مصداقاً، وأنّه لا يجوز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة لهذا المخصّص.
وقد اكتفى جملة من المحقّقين بهذا المقدار.
لكنّ تفصيلاً نُسب إلى الشيخ الأعظم رحمه‌الله، وتبعه عليه صاحب الكفاية رحمه‌الله مع شيءٍ من التهذيب، بين المخصّصات المنفصلة اللّفظيّة والمخصّصات اللّبّيّة. وهو ما استدعى منّا أن نعقد المرحلة الثانية الآتية.
***

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo