< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

42/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الذباحةمسألة (20): للذباحة والنحر آداب ووظائف مستحبّة ومكروهة:فمنها: على ما حكي الفتوى به عن جماعة، أن يربط يدي الغنم مع إحدى رجليه ويطلق الاخرى، ويمسك صوفه وشعره بيده حتّى تبرد، وفي البقر أن يعقل قوائمه الأربع، ويطلق ذنبه، وفي الإبل أن تكون قائمة، ويربط يديها ما بين الخفّين إلى الركبتين أو الإبطين ويطلق رجليها، وفي الطير أن يرسله بعد الذبح حتّى يرفرف. ومنها: أن يكون الذابح والناحر مستقبل القبلة. ومنها: أن يعرض عليه الماء قبل الذبح والنحر. ومنها: أن يعامل مع الحيوان في الذبح والنحر ومقدّماتهما ما هو الأسهل والأروح وأبعد من التعذيب والإيذاء له؛ بأن يُساق إلى الذبح والنحر برفق ويضجعه برفق، وأن يحدّد الشفرة، وتوارى وتستر عنه حتّى لا يراها، وأن يسرع في العمل ويمرّ السكّين في المذبح بقوّة.وأمّا المكروهة فمنها: أن يسلخ جلده قبل خروج الروح، وقيل بالحرمة وإن لم تحرم به الذبيحة، وهو أحوط. ومنها: أن يقلب السكّين ويدخلها تحت الحلقوم ويقطع إلى فوق. ومنها: أن يذبح حيوان وحيوانٌ آخر مجانس له ينظر إليه، وأمّا غيره ففيها تأمّل وإن لا تخلو من وجه. ومنها: أن يذبح ليلًا، وبالنهار قبل الزوال يوم الجمعة، إلّامع الضرورة. ومنها: أن يذبح بيده ما ربّاه من النعم.وأمّا إبانة الرأس قبل خروج الروح منه فالأحوط تركها، بل الحرمة لا تخلو من وجه. نعم، لا تحرم الذبيحة بفعلها على الأقوى. هذا مع التعمّد. وأمّا مع الغفلة أو سبق السكّين فلا حرمة ولا كراهة -لا في الأكل، ولا في الإبانة- بلا إشكال.والأحوط ترك أن تنخع الذبيحة؛ بمعنى إصابة السكّين إلى نخاعها، وهو الخيط الأبيض وسط القفار الممتدّ من الرقبة إلى عجز الذنب.

 

إن ما يمكن الاستدلال به على ما فتى به سيدنا ومشهور الفقهاء (اعلى الله مقامهم) هو الروايات العديدة في المقام منها ما هو المعتبر والمعوّل عليه في ما ذهبوا إليه من الآداب في عملية الذبح سواءٌ أكانت في الغنم أم البقر، أم في الابل، أم في الطيور بالإضافة إلى ما هو المستفاد من روح الشريعة باستحباب الرفق والاحسان بالحيوان، ومن الروايات فيما ذكر على نحو العموم:

-(عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي هاشم الجعفري، عن أبيه، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، قال: سألته عن الذبح؟ فقال: إذا ذبحت فأرسل ولا تكتف، ولا تقلب السكّين لتدخلها تحت الحلقوم، وتقطعه إلى فوق، والارسال للطّير خاصة، فان تردَّى في جبّ أو وهدة من الأرض فلا تأكله، ولا تطعمه، فانّك لا تدري التردّي قتله أو الذبح، وإن كان شيء من الغنم فأمسك صوفه أو شعره، ولا تمسكنّ يداً ولا رجلاً، فأمّا البقر فاعقلها، وأطلق الذنب، وأمّا البعير فشدّ أخفافه إلى أباطه، وأطلق رجليه، وإن أفلتك شيء من الطير وأنت تريد ذبحه، أو ندّ عليك فارمه بسهمك، فاذا هو سقط فذكّه بمنزلة الصيد)[1] .

-(محمد بن يعقوب، عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) في قول الله عزّ وجلّ: (فاذكروا اسم الله عليها صواف قال: ذلك حين تصف للنحر يربط يديها ما بين الخف إلى الركبة، ووجوب جنوبها إذا وقعت على الأرض)[2] .

-(عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البجلي، عن أبي خديجة قال: رأيت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) وهو ينحر بدنتة معقولة يدها اليسرى، ثم يقوم به من جانب يدها اليمنى ويقول: « بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم تقبّله منّي » ثمّ يطعن في لبتها ثم يخرج السكين بيده، فاذا وجبت قطع موضع الذبح بيده)[3] .

 

-(عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: « يرفق بالذبيحة ولا يعنف بها قبل الذبح ولا بعده » وكره أن يضرب عرقوب الشاة بالسكين)[4] .

-(عنه (عليه السلام)،أنه سئل عن البعير يذبح أو ينحر، قال: « السنة أن ينحر » قيل: كيف ينحر؟ قال: « يقام قائما حيال القبلة، وتعقل يده الواحدة، ويقوم الذي ينحره حيال القبلة، فيضرب في لبته بالشفرة حتى تقطع وتفرى)[5] .

-(عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه‌ السلام) وسئل عن الرجل يذبح، فتسرع السكّين، فتبين الرأس؟ فقال: الذكاة الوحيّة لا بأس بأكله، ما لم يتعمّد ذلك)[6] .

-(محمّد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلا، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام)، قال: سألته عن الذبيحة فقال: استقبل بذبيحتك القبلة)[7] .

-( عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه‌ السلام) عن الرجل يذبح ولا يسمّي، قال: إن كان ناسياً فلا بأس إذا كان مسلماً، وكان يحسن أن يذبح، ولا ينخع، ولا يقطع الرقبة بعدما يذبح)[8] .

وغيرها من الروايات. اقتصرنا فيها على المؤدى بالغرض.

وأما المكروهة: فمنها: (أن يسلخ جلدها قبل خروج الروح . . .).

أما كراهة سلخ الجلد قبل خروج الروح فيدل عليه مرفوعة محمد بن يحي:

-(محمّد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، رفعه قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه‌ السلام): إذا ذبحت الشاة وسلخت، أو سلخ شيء منها قبل أن تموت لم يحلّ أكلها)[9] .

وقد حمله المشهور على الكراهة بل اُدعي الإجماع عليه:

وأما قوله (قده): (وقيل بالحرمة وإن لم تحرم به الذبيحة) وهو مما يظهر من عبارة الشهيد الأول(ره) في (دروسه) وكذا ما يظهر من عبارة صاحب الوسائل (ره).

ولكن خبر محمد بن يحي فهو مرفوع وقاصرٌ سندًا وعبارة الشهيد (ره) في دروسه بما استند عليه في التحريم بقوله: (تحريم الاكل ملازم لتحريم الفعل). ففيه ما فيه ولا أقل من كونه لازمًا أعم. وأما احتياط سيدنا فهو لأجل أن يخرج عن خلاف من قال بالحرمة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo