< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

42/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الذباحة

مسألة (17): كيفية النحر ومحلّه أن يدخل سكّيناً أو رمحاً ونحوهما من الآلات الحادّة الحديدية في لبته، وهي المحلّ المنخفض الواقع بين أصل العنق‌ والصدر، ويشترط فيه كلّ ما اشترط في التذكية الذبحية، فيشترط في الناحر ما اشترط في الذابح، وفي آلة النحر ما اشترط في آلة الذبح، وتجب التسمية عنده كما تجب عند الذبح، ويجب الاستقبال بالمنحور، وفي اعتبار الحياة واستقرارها هنا ما مرّ في الذبيحة[1] .

 

أما كيفية الذبح ومحله بإدخال الآلة الحادة كما تقدم في الذبح في لبّة الإبل وهو الموضع الواقع ما بين عنقه وصدره، وهو ما دل عليه النص الشرعي كما في مستدرك الوسائل:

-(عنه ( عليه السلام )، أنه سئل عن البعير يذبح أو ينحر، قال: «السنة أن ينحر» قيل: كيف ينحر؟ قال: «يقام قائما حيال القبلة، وتعقل يده الواحدة، ويقوم الذي ينحره حيال القبلة، فيضرب في لبته بالشفرة حتى تقطع وتفرى)[2] .

هذا مضافًا إلى الاجماع من أهل المذاهب الإسلامية وهو ما عليه عرف القصابين المتدينين.وأما قضية شرائط النحر فهي كما عليه شرائط التذكية في الذباحة حذو القذة بالقذة سواءٌ أكان ذلك فيما يشترط في الناحر وآلة النحر والتسمية عند النحر ووجوب الاستقبال بالمنحور وفي إعتبار الحياة أو استقرارها تمامًا كما فيما اشترط في الذباحة وذلك لاطلاق الأدلة الشاملة لكل من المذبوح والمنحور وهو محل اتفاق الفقهاء (أعلى الله مقامهم).

 

مسألة (18): يجوز نحر الإبل قائمة وباركة مقبلة إلى القبلة، بل يجوز نحرها ساقطة على جنبها؛ مع توجيه منحرها ومقاديم بدنها إلى القبلة؛ وإن كان الأفضل كونها قائمة[3] .

 

كل الوجوه المذكورة في متن المسألة لشمول إطلاق الدليل على جواز النحر بأية كيفية كانت، وإن كان الأفضل أن تكون قائمة لما ورد في الخبر كما في:

-(عنه ( عليه السلام )، أنه سئل عن البعير يذبح أو ينحر، قال: «السنة أن ينحر» قيل: كيف ينحر؟ قال: «يقام قائما حيال القبلة، وتعقل يده الواحدة، ويقوم الذي ينحره حيال القبلة، فيضرب في لبته بالشفرة حتى تقطع وتفرى)[4] .

المحمول على الاستحباب كما هو ظاهر وليس على اللزوم.

مسألة (19): كلّ ما يتعذّر ذبحه ونحره- إمّا لاستعصائه، أو لوقوعه في موضع لا يتمكّن الإنسان من الوصول إلى موضع ذكاته ليذبحه أو ينحره، كما لو تردّى في البئر، أو وقع في مكان ضيّق وخيف موته- جاز أن يعقره بسيف أو سكّين أو رمح أو غيرها ممّا يجرحه ويقتله، ويحلّ أكله وإن لم يصادف العقر موضع التذكية، وسقطت شرطية الذبح والنحر، وكذلك الاستقبال. نعم، سائر الشرائط من التسمية وشرائط الذابح والناحر تجب مراعاتها. وأمّا الآلة فيعتبر فيها ما مرّ في آلة الصيد الجمادية، وفي الاجتزاء هنا بعقر الكلب وجهان، أقواهما ذلك في المستعصي، ومنه الصائل المستعصي، دون غيره كالمتردّي[5] .

 

أما قضية استعصاء الحيوان وعدم الإمكان من التوصّل إليه ليذبحه أو ينحره بالشرئط المتقدمة، كما لو تردى في بئر أو وقع في مكان ضيق وخيف موته، فإنه يجوز عندئذ أن يعقره بسيف أو سكين أو رمح وغير ذلك مما يفضي إلى جرحه أو قتله ويحل بعد ذلك أكله حتى فيما لو لم يصادف العقر موضع التذكية وتسقط في المقام شرائط الذبح والنحر والاستقبال.وذلك كلّه:أولًا: للإطلاقات الدالة في المقام.ثانيًا: للروايات العديدة المعتبرة الواردة في هذه الوجوه ومن تنزيل الحيوان المستعصي منزلة الوحشي كما يُفهم من بعض الروايات في المقام. ومن الروايات:

-(عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه: أنّ عليّاً (عليه‌ السلام) قال: إذا استصعبت عليكم الذبيحة فعرقبوها، وإن لم تقدروا أن تعرقبوها، فإنّه يحلّها ما يحلّ الوحش.)[6] .

-(محمد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام)، قال: سألته عن بعير تردّى في بئر، فذبح من قبل ذنبه؟ فقال: لا بأس، إذا ذكر اسم الله عليه)[7] .

-(بالإِسناد عن عليّ (عليه‌ السلام)، قال: أيّما انسيّة تردَّت في بئر، فلم يقدر على منحرها، فلينحرها من حيث يقدر عليه، ويسمّى الله عليها وتؤكل)[8] . مرسلة

-(محمد بن يعقوب، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) في رجل ضرب بسيفه جزورا او شاة في غير مذبحها، وقد سمى حين ضرب، فقال: لا يصلح أكل ذبيحة لا تذبح من مذبحها اذا تعمد ذلك، ولم تكن حاله حال اضطرار، فاما اذا اضطر اليه، واستصعب عليه ما يريد أن يذبح، فلا بأس بذلك)[9] . صحيح.

نعم لا تسقط التسمية وشرائط الذابح والناحر بل يجب مراعاتها لعدم ما يوجب سقوطها ولعموم اعتبارها الشامل للأنسي والوحشي.

وأما قول سيدنا الماتن (قده): (وفي الاجتزاء هنا بعقر الكلب وجهان، أقواهما ذلك في المستعصي، ومنه الصائل المستعصي، دون غيره كالمتردّي).

فالأقوائية: إنما لأجل اطلاق رواية ابي البختري:

-(عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه: أنّ عليّاً (عليه‌ السلام) قال: إذا استصعبت عليكم الذبيحة فعرقبوها، وإن لم تقدروا أن تعرقبوها، فإنّه يحلّها ما يحلّ الوحش)[10] .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك عموماً في الصيدوهي صريحة في جعل حكم المستعصي بالعرض والوحشي بالاصل واحدًا من جهة الحلية بالآلة الجمادية والحيوانية كما تقدم لعقر الكلب ويمكن استفادة ذلك من خبري الجعفي وزرارة

-(عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان، عن إسماعيل الجعفي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه‌ السلام): بعير تردَّى في بئر، كيف ينحر؟ قال: يدخل الحربة، فيطعنه بها، ويسمّي، ويأكل)[11] .

-(محمد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام)، قال: سألته عن بعير تردّى في بئر، فذبح من قبل ذنبه؟ فقال: لا بأس، إذا ذكر اسم الله عليه)[12] .

وظاهرهما الاختصاص بالآلة الجمادية ولا يظهر من سياقها التعميم لشمول الآلة الحيوانية.

هذا دون المتردي لأن روايات المتردي لا عموم فيها يشمل التذكية.

 

وسائل الشيعة، الشیخ الحر العاملي، ج24، ص21، أبواب الذبائح، باب10، ح06، ط آل البيت


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo