< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

42/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الذباحة

مسألة (11): يُشترط في التذكية الذبحية- مضافاً إلى ما مرّ- امور:

أحدها: الاستقبال بالذبيحة حال الذبح؛ بأن يوجّه مذبحها ومقاديم بدنها إلى القبلة، فإن أخلّ به فإن كان عامداً عالماً حرمت، وإن كان ناسياً أو جاهلًا أو مخطئاً في القبلة أو في العمل لم تحرم، ولو لم يعلم جهة القبلة أو لم يتمكّن من توجيهها إليها سقط هذا الشرط. ولا يشترط استقبال الذابح على الأقوى و إن كان أحوط وأولى.ثانيها: التسمية من الذابح؛ بأن يذكر اسم اللَّه عليها، حينما يتشاغل بالذبح، أو متّصلًا به عرفاً، أو قبيله المتّصل به، فلو أخلّ بها فإن كان عمداً حرمت، وإن كان نسياناً لم تحرم. وفي إلحاق الجهل بالحكم بالنسيان أو العمد قولان، أظهرهما الثاني. والمعتبر في التسمية وقوعها بهذا القصد؛ أعني بعنوان كونها على الذبيحة، ولا تجزي التسمية الاتّفاقية الصادرة لغرض آخر.

ثالثها: صدور حركة منها بعد تمامية الذبح؛ كي تدلّ على وقوعه على الحيّ ولو كانت يسيرة، مثل أن تطرف عينها أو تحرّك اذنها أو ذنبها أو تركض برجلها ونحوها، ولا يحتاج مع ذلك إلى خروج الدم المعتدل، فلو تحرّك ولم يخرج الدم، أو خرج متثاقلًا ومتقاطراً -لا سائلًا معتدلًا- كفى في التذكية. وفي الاكتفاء به أيضاً -حتّى يكون المعتبر أحد الأمرين: من الحركة، أو خروج الدم المعتدل- قول مشهور بين المتأخّرين، ولا يخلو من وجه، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط. هذا إذا لم يعلم حياته، و أمّا إذا علم حياته بخروج هذا الدم فيكتفى به بلا إشكال[1] .

(ثالثها: صدور حركة منها بعد تمامية الذبح . . .).

تابع المسألة (11):

إن خلاصة ما يمكن أن يُقال في هذه المسألة مما تعرّض له السيد الماتن (قده) حسن رآه بعد الاختلاف الواسع عند فقهاء الامامية (أعلى الله مقامهم) هو الآتي:

إن ما ذكره في المسألة من علامات وأمارات من حركة الذبيحة بعد الذبح ولو كانت يسيرة مثل أن تطرف عينُها أو تحرّك أُذنها أو ذنبها أو تركض برجلها ونحو ذلك، فإنما هي على الاظهر – جمعًا بين الروايات الآتية – عند حالة الشك في حياة الذبيحة أو موتها وعليه فلا بد من هذا الشرط الذي يكفل إحراز التذكية حين الذبح.

وأما لو علمنا بحياة الذبيحة فإن الأظهر عدم الرجوع إلى هذه الأمارات لكون العلم أقوى من الأمارات والعلامات كلّها.

وهكذا الحال فيما لو علمنا بوفاة الذبيحة فلا موضوع أيضًا للرجوع إلى الأمارات تلك، لتقدم العلم على الأمارة.

نعم الرجوع إلى تلك الأمارات مثل طرفة العين وتحريك الأذن والذنب وغير ذلك، إنما هو في حالة الشك بين كون الذبيحة حية أو ميتة.

وهذا هو مقتضى الجمع بين الروايات التي يتحدث البعض منها عن الحركة من غير تعرّض لخروج الدم كما في رواية محمد الحلبي:

-(محمد بن يعقوب، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، قال: سألته عن الذبيحة؟ فقال: إذا تحرّك الذنب، أو الطرف، أو الاُذن فهو ذكيٌّ)[2] .

-(عن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، أنّه قال في الشاة: إذا طرفت عينها، أو حركت ذنبها فهي ذكيّة)[3] .

أو الروايات التي يظهر منها كفاية الحركة فقط حتى مع خروج الدم منها:

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير ـ يعني: المرادي ـ قال: سألت أبا عبد الله (عليه‌ السلام) عن الشاة تذبح، فلا تتحرّك، ويهراق منها دم كثير عبيط، فقال: لا تأكل، إنَّ عليّاً (عليه‌ السلام) كان يقول: إذا ركضت الرجل، أو طرفت العين فكل)[4] .

وبين الروايات التي تقول بالحليّة لمجرد خروج الدم فقط منها:

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن زيد الشحّام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه‌ السلام) عن رجل لم يكن بحضرته سكّين، أيذبح بقصبة؟ فقال: اذبح بالحجر وبالعظم وبالقصبة والعود إذا لم تصب الحديدة، إذا قطع الحلقوم، وخرج الدم، فلا بأس به)[5] .

وعندئذ لا يُفرّق بين خروج الدم المتثاقل أوالمعتدل، كما ذهب البعض من الاعلام (اعلى الله مقامهم).حيث ذهبوا إلى التفريق بين ما لو خرج الدم المعتدل فيحل والدم المتثاقل ولا يحل تمسكًا بخبر الحسين بن مسلم:

-(عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سليم الفرّاء، عن الحسين بن مسلم، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه‌ السلام) اذ جاءه محمد بن عبد السلام، فقال له: جعلت فداك، (يقول لك جدّي:) إنّ رجلاً ضرب بقرة بفأس فسقطت، ثمَّ ذبحها، فلم يرسل معه بالجواب، ودعا سعيدة مولاة أُمّ فروة، فقال لها: إنَّ محمداً جاءني برسالة منك، فكرهت أن أُرسل إليك بالجواب معه، فإن كان الرجل الذي ذبح البقرة حين ذبح خرج الدم معتدلاً فكلوا وأطعموا، وإن كان خرج خروجاً متثاقلاً فلا تقربوه)[6] .

وذلك لإمكان حمل بعض الروايات على ما تقدم من مقتضى الجمع فيما بينها من جهة العلم بحياة الذبيحة وعدمها ومع هذا فإن الاحتياط في تحقق كلا الامرين من خروج الدم ومن الحركة ولو اليسيرة مما لا ينبغي تركه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo