< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

41/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الصيد

مسألة (24): ذكاة السمك إمّا بإخراجه من الماء حيّاً، أو بأخذه بعد خروجه منه قبل موته؛ سواء كان ذلك باليد أو بآلة كالشبكة ونحوها، فلو وثب على الجدّ، أو نبذه البحر إلى الساحل، أو نضب الماء الذي كان فيه، حلّ لو أخذه شخص قبل أن يموت، وحرم لو مات قبل أخذه و إن أدركه حيّاً ناظراً إليه على الأقوى[1] .

 

ذكاة الأسماك لا يتحقق إلا بموته خارج الماء والاستيلاء عليه سواءً أخرجه الصائد من الماء حيًا، أم أخذه واستولى عليه بعد خروجه من الماء بنفسه أو بأي سبب آخر، وسواءً كان الإخراج باليد أم بالشبكة كما هو المتعارف قديمًا وحديثًا أم بأي آلة ووسيلة كانت.

ومما يدل عليه بعد الاجماع - (لا أقل) عندنا – النصوص العديدة المستفيضة بلا فرق بين إخراج الأسماك من الماء (بحرًا أو نهرًا) وغيرهما أو أخذها بعد أن خرجت من الماء بنفسها أو بأي سبب كان، منها:

-(أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسي في (الاحتجاج) عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) ـ في حديث ـ: أنّ زنديقاً قال له: السمك ميتة، قال: إنَّ السمك ذكاته إخراجه من الماء، ثمَّ يترك حتى يموت من ذات نفسه، وذلك أنّه ليس له دم وكذلك الجراد)[2] . يطير

وهناك روايات يتضح منها المطلوب وهو أن ذكاتها أخذها مطلقًا سواءٌ اصطادها المسلم أم غيره، لاعتبار أن ذكاتها غير منوط ولا مقيد بجنس الصائد أو بدينه، (كما سيأتي في المسألة 25). ومنها صحيحة الحلبي:

-(محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، أنّه سئل عن صيد المجوس للحيتان حين يضربون عليها بالشبّاك ويسمّون بالشرك؟ فقال: لا بأس بصيدهم، إنّما صيد الحيتان أخذه. الحديث)[3] .

وصحيحة ابي الصباح الكناني:

-(محمد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن أبي الصبّاح الكناني، أنّه سأل أبا عبد الله (عليه‌ السلام) عن الحيتان يصيدها المجوس؟ فقال: لا بأس بها، إنّما صيد الحيتان أخذها)[4] .

وبعضها الآخر يتحدث عن حلية صيد الأسماك وذكاته من دون التقييد بالتسمية، كما سيأتي في المسألة الآتية(25).

ومنها: صحيح الحلبي:

-(محمد بن الحسن، بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه‌ السلام) عن صيد الحيتان وان لم يسمّ؟ فقال: لا بأس به)[5] .

صحيح محمد بن مسلم:

-(عن فضالة، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما ‌السلام) مثل ذلك ـ يعني ـ أنّه سئل عن صيد الحيتان وإن لم يسمّ عليه؟ قال: لا بأس به إن كان حيّاً أن تأخذه، قال: وسألته عن صيد السمك ولا يسمّي، قال: لا بأس)[6] .

وحليته أخذه حيًا لا ميتًا ويدل عليه صحيح علي بن جعفر عن أخيه الامام موسى بن جعفر (عليه السلام):

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه‌ السلام)، قال: سألته عن سمكة وثبت من نهر، فوقعت على الجدّ من النهر فماتت، هل يصلح أكلها؟ قال: إن أخذتها قبل أن تموت، ثمَّ ماتت فكلها، وإن ماتت قبل أن تأخذها فلا تأكلها)[7] .

وأما قولُ سيدنا الماتن (قده): (وحرم لو مات قبل الأخذ وإن ادركه حيًا ناظرًا إليه على الأقوى).

فهو إشارة لمخالفة الشيخ الطوسي (قده) في (نهايته)[8] حيث أنه اكتفى في الحلية بإدراكه خارج الماء يضطرب وإن لم يأخذه ولعلّ الشيخ (قده) اعتمد بذلك على بعض الروايات المطلقة في المقام منها رواية سلمة ابي حفص:

-(عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن سلمة أبي حفص، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال أنَّ عليّاً (عليه‌ السلام) كان يقول في صيد السمكة: إذا أدركتها وهي تضطرب وتضرب، بيدها وتحرك ذنبها، وتطرف بعينها فهي ذكاتها)[9] .

ورواية زرارة:

-(عن عبد الله بن بحر، عن رجل، عن زرارة، قال: قلت: (السمك يثب) من الماء، فيقع على الشطّ، (فيضطرب حتّى يموت)، فقال: كلها)[10] .

ورواية زرارة الثانية:

-(محمد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن أبان، عن زرارة، قال: قلت سمكة ارتفعت فوقعت على الجدد، فاضطربت حتّى ماتت، آكلها؟ فقال: نعم)[11] .

ولكن يرد عليه:

أولًا: أنها يمكن حملها على حالة ما لو أخذها الصائد واستولى عليها إذا كانت في حالة الاضطراب المذكور وذلك لما تقدم من العديد من الروايات الصريحة الصحيحة في إثبات المطلوب كما في المتن منه (قده) وخصوصًا صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) المتقدم قبل قليل، هذا مضافًا إلى اعراض المشهور عن العمل بالرواية التي استدل بها الشيخ (قده) وإن أبيت إلا التعارض بين ما استدل به الشيخ (قده) وبين ما تقدم من الروايات خصوصًا صحيحة علي بن جعفر فالأوفق بالقواعد هو التمسك بعموم ما دل على اعتبار أخذ السمك حيًا ولو خارج الماء.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo