< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

41/06/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الصيد

(مسألة 16): الظاهر أنّه يلحق بآلة الاصطياد كلّ ما جعل وسيلة لإثبات الحيوان وزوال امتناعه؛ ولو بحفر حفيرة في طريقه ليقع فيها فوقع، أو باتّخاذ أرض وإجراء الماء عليها لتصير موحلة فيتوحّل فيها فتوحّل، أو فتح باب شي‌ء ضيّق وإلقاء الحبوب فيه ليدخل فيه العصافير، فأغلق عليها وزال امتناعها. و أمّا لو فتح باب البيت لذلك فدخلت فيه مع بقائها على امتناعها في البيت، فالظاهر عدم تملّكه به مع إغلاق الباب، كما أنّه لو عشّش الطير في داره لم يملكه بمجرّده، وكذا لو توحّل حيوان في أرضه الموحلة ما لم يجعلها كذلك لأجل الاصطياد، فلو أخذه شخص بعد ذلك ملكه؛ و إن عصى لو دخل داره أو أرضه بغير إذنه[1] .

 

تقدم في المسألة السابقة الوجوه التي يتم بها حيازة الحيوانات سواءً كانت من دابة على الأرض أو طائرة في السماء، وأن الاستيلاء عليها يتم بأي وسيلة وضعَت لها، ولا خصوصية للآلة، لوضوح كونها مأخوذة على نحو الطريقية، وليس لها أي موضوعية في المقام، لذلك نقول بأن أي آلة أعدت للصيد يجوز الاستيلاء عليها بها بلا فرق بين الآلات التي كانت مستعملة لذلك في الزمن الماضي، أو الآلات المستجدة والمستحدثة في الزمن الحاضر، أو بما يُعدّ من آلات في المستقبل من الأيام.ويمكن الاستدلال على ذلك ونفي الخصوصية في الآلات بعموم واطلاق الأدلة من الروايات الواردة عنهم (عليهم السلام) ومنها:معتبرة محمد بن مسلم:

-(وعنه، عن فضالة، عن القاسم بن بريد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر، (عليه‌ السلام) في رجل نصب شبكة في الماء، ثمَّ رجع إلى بيته، وتركها منصوبة، فأتاها بعد ذلك وقد وقع فيها سمك فيموتنَّ، فقال: ما عملت يده فلا بأس بأكل ما وقع فيها)[2] .

وصحيحة الحلبي:

-(عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبي، قال: سألته عن الحظيرة من القصب تجعل في الماء للحيتان، فيدخل فيها الحيتان، فيموت بعضها فيها؟ فقال لا بأس به، إنَّ تلك الحظيرة إنّما جعلت ليصاد بها)[3] .

وعليه فما ذكره سيدنا الماتن (قده) من نماذج فإنها من قبيل الأمثلة على كيفية الاستيلاء وليس من قبيل الغاية والحصر كما هو واضح، فيشمل عندئذ كل ما جُعل وسيلة لاثبات الحيوان بعد زوال امتناعه ولو يحفر حفيرة في طريقه أو بصيرورة الأرض موحلة بعد واجراء الماء عليها، أو فتح الباب قليلًا والنافذة كذلك ووضع الحبوب قيد لتدخل الطيور والعصافير ومن ثم يغلق عليها ويزيل امتناعها، فتشملها نصوص مملكية حيازة مطلق الشيء المباح والاستيلاء عليه.

-(عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، وسهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: من أصاب مالاً أو بعيراً في فلاة من الأرض، قد كلت وقامت، (وسيّبها صاحبها مما لم يتبعه)، فأخذها غيره، فأقام عليها، وأنفق نفقته حتّى أحياها من الكلال ومن الموت، فهي له، ولا سبيل له عليها، وإنّما هي مثل الشيء المباح)[4] .

بل هو منه على الظاهر فيما لو فتح باب البيت لذلك فدخلت فيه مع بقائها على امتناعها في البيت فإنه يتملكها ظاهرًا فيما لو صدق عمومًا أنه استولى على الطائر.نعم لو عشّش الطيرُ في داره لم يملكه بمجرده. وكذا لو توحل الحيوان في أرضه الموحلة ما لم يجعلها كذلك بصب الماء عليها لأجل الاصطياد، وذلك لأصالة بقاء الاباحة في الصيد لأي كان، ولاصالة عدم حدوث الملكية لصاحب الدار والأرض.وعليه فلو أخذه شخصٌ بعد ذلك ملكه وإن عصى لو دخل أرض ودار الآخرين بغير إذنهم، وذلك لعدم التنافي بين عموم مملكية الحيازة والاخذ ما لم يكن الشيء المأخوذ ملكًا للغير وبين حرمة التصرف بأرض الغير وداره بغير إذنه.وبعبارة ثانية، فإن دليل حرمة التصرف في أموال الآخرين بغير إذنهم لا يكون مخصّصًا لعموم دليل مملكية المباحات الاصلية والحيازات كما هو واضح. والله العالم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo