< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

41/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الصيد

(مسألة 13): الظاهر أنّه كما تقع التذكية الصيدية على الحيوان المأكول اللحم، فيحلّ بها أكله ويطهر جلده، تقع على غير مأكول اللحم القابل للتذكية أيضاً، فيطهر بها جلده ويجوز الانتفاع به. هذا إذا كانت بالآلة الجمادية. و أمّا الحيوانية ففيها تأمّل وإشكال[1] .

 

في المسألة أمران:

الأمر الأول: التذكية الصيدية بالآلة الجامدة لغير مأكول اللحم وتطهير الجلد.

وهذا مما لا خلاف فيه بين الاصحاب ظاهرًا ويمكن الاستدلال عليه بإطلاق بعض الرواياتالمعتبرة منها موثق سماعة:

-(عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة، قال سألته عن جلود السباع أينتفع بها؟ فقال إذا رميت، وسمّيت، فانتفع بجلده، وأمّا الميتة فلا)[2] .

الأمر الثاني: تذكية صيد الكلب لغير مأكول اللحم وتطهير الجلد.تأمل سيدنا الماتن (قده) واستشكل بطهارة جلود الحيوان غير مأكول اللحم إذا كان الصيد بالكلب وذلك:

أ- لما ذهب إليه من أصالة عدم التذكية.

ويرد عليه: لا مجال للتمسك بالأصل بعد ورود عموم واطلاقات الأدلة.

ب- إن قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)[3] . وغير المأكول ليس مشمولًا لدليل الحلية.

ويرد عليه: إن سياق الآية الكريمة ناظرٌ إلى الفرد الغالب مما يؤكل من الحيوان وأن غالب الصيد عند المؤمنين إنما لمأكول اللحم وما سواه فقليل نادر.ولكن لا يصلح لإطراده على جميع الموارد ليكون المقوّم الحقيقي لذلك.

ج- إشعار كلمات جمع من الفقهاء (اعلى الله مقامهم) على اختصاص التذكية الصيدية بمأكول اللحم، ويؤيده موثق سماعة؟

يرد عليه: أنه ما لم يكن إجماعًا محققًا فلا اعتبار به.

وما ورد في موثق سماعة من الآلة الجمادية فهو من الاستدلال بمفهوم اللقب كما هو واضح ومن الواضح عدم حجيته كما عليه الاصوليون فتأمل.وأما ما ذكره صاحب الجواهر (قده) من أن الصيد بحكم الميتة والاصل في التذكية الذبح إلا ما خرج بالدليل الخاص، فهو على خلاف عموم تنزيل صيد الكلب منزلة التذكية والذبح بالآلة الجمادية.وهذا ظاهر من خلال الروايات الصحيحة والمعتبرة العديدة في المقام منها:

صحيحة سيف بن عميرةلي بن ابراهيم في ( تفسيره ) عن أبيه ، عن فضالة ابن أيوب ، عن سيف بن عميرة مثله ، وزاد: ثم قال: كل شيء من السباع تمسك الصيد على نفسها ، الا الكلاب المعلمة فانها تمسك على صاحبها ، وقال: اذا ارسلت الكلب المعلم فاذكر اسم الله عليه ، فهو ذكاته)[4] .

ومنها صحيح حكم بن حكيم الصيرفي:

محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن جميل بن دراج، عن حكم بن حكيم الصيرفي، قال: قلت لابي عبدالله (عليه ‌السلام): ما تقول في الكلب يصيد الصيد فيقتله؟ قال: لابأس بأكله، قلت: انهم يقولون: انه اذا قتله واكل منه، فانما امسك على نفسه، فلا تأكله، فقال: كل، أو ليس قد جامعوكم على ان قتله ذكاته؟ قال: قلت: بلى، قال: فما يقولون في شاة ذبحها رجل اذكاها؟ قال: قلت: نعم، قال: فان السبع جاء بعد ما ذكاها فاكل بعضها، اتؤكل البقية؟ قلت نعم، قال :فاذا اجابوك إلى هذا فقل لهم: كيف تقولون: اذا ذكى ذلك، واكل منه لم تأكلوا، واذا ذكى هذا واكل اكلتم؟!

ومنها معتبرة موسى بن بكر:

عن أحمد ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال: اذا ارسل الرجل كلبه ، ونسى أن يسمى فهو بمنزلة من ذبح ، ونسي أن يسمّي ، وكذلك اذا رمى بالسهم ، ونسي أن يسمّي)[5] .

ومن الروايتين الأخيرتين يستفاد بنص صريح عموم التنزيل، لا في خصوص الأكل والتسمية لوحدة المناط وهو التصريح بكون المقتول بجرح الكلب وامساكه في حكم المذكى مطلقًا وعندئذ تترتب عليه جميع احكام التذكية ومنها طهارة جلودها، بلا يمكن القول بعد ذلك أن الخروج عن ذلك يحتاج إلى دليل وهو مفقود.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo