< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

41/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الصيد

مسألة (6): لا يؤكل من الصيد المقتول بالآلة الجمادية، إلّا ما قتله السيف أو السكّين أو الخنجر ونحوها من الأسلحة التي تقطع بحدّها، أو الرمح والسهم والنشّاب ممّا يُشاك بحدّه؛ حتّى العصا التي في طرفها حديدة محدّدة؛ من غير فرق بين ما كان فيه نصل كالسهم الذي يركب عليه الريش، أو صنع قاطعاً أو شائكاً بنفسه. بل لا يبعد عدم اعتبار كونه من الحديد، فيكفي بعد كونه سلاحاً قاطعاً أو شائكاً كونه من أيّ فلزّ كان حتّى الصفر والذهب والفضّة، والأحوط اعتباره. ويعتبر كونه مستعملًا سلاحاً في العادة على الأحوط، فلا يشمل المخيط والشوك والسفود ونحوها. والظاهر أنّه لا يعتبر الخرق والجرح في الآلة المذكورة؛ أعني ذات الحديد المحدّدة، فلو رمى الصيد بسهم، أو طعنه برمح فقتله بالرمح والطعن من دون أن يكون فيه أثر السهم والرمح حلّ أكله، ويلحق بالآلة الحديدية المعراض الذي هو -كما قيل- خشبة لا نصل فيها، إلّا أنّها محدّدة الطرفين ثقيلة الوسط، أو السهم الحادّ الرأس الذي لا نصل فيه، أو سهم بلا ريش غليظ الوسط يصيب بعرضه دون حدّه. وكيف كان إنّما يحلّ مقتول هذه الآلة، لو قتلت الصيد بخرقها إيّاه وشوكها فيه ولو يسيراً، فلو قتله بثقلها من دون خرق لم يحلّ، والأحوط عدم التجاوز عن المعراض إلى غيره من المحدّدة غير الحديد[1] .

 

يشترط في حلية الصيد بالآلة الجمادية أن يكون سلاحًا سواءً أكان من الحديد وشبهة أم لم يكن حديدًا كالمعراض الذي أعد آلة للصيد، غاية ما في الأمر أن الحديد يكفي فيه استناد موته إليها بخلاف غيره فلا بد من الخرق. وعليه: يمكن تقسيم المسألة كالتالي:

    1. أن تكون آلة الصيد من الحديد ويستدل عليه ببعض النصوص المعتبرة الآتية:

صحيحة محمد بن قيس:

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد ابن قيس، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام)، قال: من جرح صيدا بسلاح، وذكر اسم الله عليه، ثم بقي ليلة أو ليلتين، لم يأكل منه سبع، وقد علم أن سلاحه هو الذي قتله، فليأكل منه إن شاء)[2] .

-(عن أحمد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بريد بن معاوية العجلي، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام)، قال: كل من الصيد ما قتل السيف والرمح والسهم)[3] .

صحيحة الحلبي:

-(عن أبي عليّ الاشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، وعن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن الصيد يضربه الرجل بالسيف، أو يطعنه بالرمح، او يرميه بسهم فيقتله، وقد سمى حين فعل، فقال: كل لا بأس به)[4] .

-(عبدالله بن جعفر في ( قرب الإسناد ) عن عبدالله بن الحسن، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه‌ السلام)، قال: سألته عن رجل لحق حمارا أو ظبيا، فضربه بالسيف فقطعه نصفين، هل يحل أكله؟ قال: نعم، إذا سمى)[5] .

ومن الواضح كون المذكور من الآلات الواردة في الروايات الشريفة أنها ليست مأخوذة على نحو الحصر بل من باب كونها معدة للصيد، فيكفي إستناد موت الحيوان أو الطير إليها سواءً كانت نبلًا أو رمحًا أو سيفًا أو سكينًا أو خنجرًا أو نحو ذلك مما هو من الحديد أو سائر الفلذّات القاطعة أو الشائكة كالذهب والفضة والقصدير والنحاس وما شابه ذلك من معادن بالعنوان العام.

وذلك لإطلاق الأدلة الشاملة لذلك كله، كما يمكن التمسك بإطلاق حلية الصيد بالآلة الحديدية وإن لم تجرح او تخرق وأما بالنسبة إلى المخيط( الابرة)، والشوك (السّك)(المسمار)، والسفود( حديد يُشوى بها اللحم (سيخ) ) فصيدها حلال إن أعدت للصيد مع عدم وجود غيرها كآلة الصيد من السهم والنبل والرمح وغيرها. وإلا فالاحوط عدم حلية مقتولها إلا على من يرى حلية الصيد بمطلق الحديد وإن لم يكن آلة للصيد، وإن كان الأظهر الحلية تمسكًا بالعمومات والاطلاقات من الأدلة المتقدمة.

    2. أن تكون آلة الصيد من غير الحديد كالمعراض (وهو خشبة لا نصل فيها وهي محددة الطرفين ثقيلة الوسط أو السهم الحاد الذي لا نصل فيه، أو سهم بلا ريش غليظ الوسط يصيب بعرضه دون حدّه ) إذا كانت قد اعدّت للصيد لعدم توفر الحديد المتقدم كالرمح والسهم وغيرهما. ولكن حلية الصيد بذلك مشروط بالاختراق.

أما أصل الاستدلال على حلية صيد المعراض إذا أعد للصيد مع عدم وجود السلاح الحديدي فللروايات منها صحيحة الحلبي:

-(عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن الصيد يصيبه السهم معترضا، ولم يصبه بحديدة، وقد سمى حين رمى، قال: يأكل اذا أصابه وهو يراه، وعن صيد المعراض، قال: ان لم يكن له نبل غيره، وكان قد سمى حين رمى فليأكل منه، وان كان له نبل غيره فلا)[6] .

ومنها صحيحة الحلبي الثانية:

-(عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام)، أنه سئل عما صرع المعراض من الصيد؟ فقال: ان لم يكن له نبل غير المعراض، وذكر اسم الله عليه فليأكل ما قتل، ( وان كان له نبل غيره فلا)[7] .

ورواية إسماعيل الجعفي:

-(عن محمد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد، عن عليّ ابن الحكم، عن أبان، عن زرارة، واسماعيل الجعفي، أنهما سألا أبا جعفر (عليه‌ السلام) عما قتل المعراض؟ قال: لا بأس اذا كان هو مرماتك، او صنعته لذلك)[8] .

ومرسلة الشيخ الصدوق عن زرارة (قده):

-(محمد بن عليّ بن الحسين باسناده عن زرارة، انه سمع أبا جعفر (عليه‌ السلام) يقول فيما قتل المعراض: لا بأس به اذا كان انما يصنع لذلك)[9] .

-(قال: وكان أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) يقول: اذا كان ذلك سلاحه الذي يرمي به فلا بأس)[10] .

-(قال: وفي خبر آخر: ان كانت تلك مرماته فلا بأس)[11] .

وأما اشتراط حلية صيد المعراض وما شابهه بالاختراق فللروايات منها:

-(قال وروي: ان خرق أكل، وان لم يخرق لم يؤكل)[12] .

وعليه فلو قتله بالمعراض وما يقوم مقامه من دون خرق لم يحل.

وأما قول سيدنا الماتن (قده):( والاحوط عدم التجاوز عن المعراض إلى غيره من المحددة غير الحديد) فهو محل تأمل ونظر خصوصًا بعد نفي الخصوصية عن المعراض كما تقدم. والله العالم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo