< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

41/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الصيد

الرابع: أن يكون موت الحيوان مستنداً إلى جرحه وعقده، فلو كان بسبب آخر -كصدمه، أو خنقه، أو إتعابه، أو ذهاب مرارته من الخوف، أو إلقائه من شاهق، أو غير ذلك- لم يحلّ[1] .

 

هذا ما يظهر من الروايات التي اشترطت إستناد موت الحيوان إلى الكلب دون سواه ممّا ذُكر مضافًا إلى أصالة عدم تحقق الشرط في حلية الصيد وهو ما عليه الإجماع.

وهكذا الحال بالحكم بعدم الحلية عند الشك إستناد الموت إلى الكلب أو غيقده وعدم قيام القرينة المعتبرة لإستناد الموت إلى الكلب، وذلك كله لإعتبار تحقق الشرط وإحراز التذكية والمشروط عدم عند عدم شرطه أو الشكّ به.

 

الخامس: عدم إدراك صاحب الكلب الصيد حيّاً مع تمكّنه من تذكيته؛ بأن‌ أدركه ميّتاً، أو أدركه حيّاً لكن لم يسع الزمان لذبحه. وبالجملة: إذا أرسل كلبه إلى الصيد، فإن لحق به بعد ما أخذه وعققده وصار غير ممتنع، فوجده ميّتاً، كان ذكيّاً وحلّ أكله، وكذا إن وجده حيّاً ولم يتّسع الزمان لذبحه فتركه حتّى مات. وأمّا إن اتّسع لذبحه لا يحلّ إلّا بالذبح، فلو تركه حتّى مات كان ميتة. وأدنى ما يُدرك ذكاته أن يجده تطرف عيناه، أو تركض رجله، أو يحرّك ذنبه أو يده، فإن وجده كذلك واتّسع الزمان لذبحه لم يحلّ أكله إلّا بالذبح. وكذلك الحال لو وجده بعد عقر الكلب عليه ممتنعاً فجعل يعدو خلفه فوقف، فإن بقي من حياته زمان يتّسع لذبحه لم يحلّ إلّا به، وإن لم يتّسع حلّ بدونه. ويلحق بعدم اتّساعه ما إذا وسع ولكن كان ترك التذكية لا بتقصير منه، كما إذا اشتغل بأخذ الآلة وسلّ السكّين، مع المسارعة العرفية، وكون الآلات على النحو المتعارف؛ فلو كان السكّين في غمد ضيّق غير متعارف، فلم يدرك الذكاة لأجل سلّه منه، لم يحلّ. وكذا لو كان لأجل لصوقه به بدم ونحوه. ومن عدم التقصير ما إذا امتنع الصيد من التمكين بما فيه من بقيّة قوّة ونحو ذلك، فمات قبل أن يمكنه الذبح. نعم، لا يلحق به فقد الآلة على الأحوط لو لم يكن أقوى، فلو وجده حيّاً واتّسع الزمان لذبحه، إلّا أنّه لم يكن عنده السكّين، فلم يذبحه لذلك حتّى مات، لم يحلّ أكله[2] .

 

يمكن تلخيص المسألة بالآتي:

إذا أرسل الصائد الكلب لصيد الطريدة،

فإما أن يدركها الصائد ميتة أو يدركها حيّة،

فإن أدركها ميتة فهو مما لا إشكال في حليتها، لإطلاق النصوص مما تقدم من الكتاب والسُّنة.

وإن ادركها حيةً فهي على نحوين:

الأول: أن يتمكن من تزكيتها لاتساع الزمان لذلك، وذكاها فهي مما لا إشكال في حليتها عندئذ لتحقق الشرط.

وإن لم يتمكن من تذكيتها إما لعدم اتساع الزمان لذبحها حتى ماتت فقد حلّت ويدل عليه:

-(عن أبي جميلة، عن ابن حنظلة، عنه (عليه ‌السلام) في الصيد يأخذه الكلب، فيدركه الرجل، فياخذه، ثم يموت في يده أياكل؟ قال: نعم ان الله يقول :(فكلوا مما امسكن عليكم)[3] .

أو أن يكون عدم ذبحها لتقصير من الصائد في تركها حتى ماتت وهنا تحرم للإجماع ومفهوم رواية ابي عبيدة:

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ابي عبيدة، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام )، انه سأله عن الرجل يسرح كلبه المعلّم، ويسمّي اذا سرحه، قال: يأكل مما امسك عليه فاذا أدركه قبل قتله ذكاه)[4] .

نعم مع عدم التقصير كما لو اتسع الزمان ولكن انشغال الصائد بالمقدمات من أخذ الآلة وسل السكين مع المسارعة العرفية منعه من الذبح حتى ماتت، وهنا تحل أيضًا لصحة استناد موت الطريدة إلى صيد الكلب، وعليه فتكون أدلة حلية الصيد منطوقًا ومفهومًا شاملة للمفروض.

نعم لا يلحق به فقدُ الآلة على الأحوط إن لم يكن الأقوى، فلو وجدها حية واتسع الزمان لذبحها، إلا أنه لم يكن عنده السكين، فلم يذبحها لذلك حتى ماتت لم يحل أكلها.

وذلك لعدم صدق عنوان (الحيوان غير الممتنع) وظاهر الروايات عدم حليتها في المفروض إلا بالتذكية.

وخالف في ذلك ما نُسب إلى الشيخين الصدوق والطوسي (قده)، حيث حكما بالحلية فيما لو لم يكن معه ما يذبح به وتركه حتى قتله الكلب فإنه يأكل منه إن شاء. تمسكًا بصحيحة جميل بن دراج:

-(محمد بن يعقوب، عن عدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر، عن جميل بن درّاج، قال: سألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عن الرجل يرسل الكلب على الصيد، فيأخذه، ولايكون معه سكين (فيذكيه بها، افيدعه) حتى يقتله، ويأكل منه؟ قال: لا بأس، قال الله عزّ وجلّ: (فكلوا مما أمسكن عليكم)[5] .

وعند التأمل نجد ان الرواية غير ناظر الى ما نحن فيه وانما هي ناظرة الى كون الصائد لم يكن معه سكين (ولايكون معه سكين (فيذكيه بها، افيدعه) حتى يقتله، ويأكل منه؟ قال: لا بأس).

وعند التأمل لم نجد في الرواية المذكورة ما يخالف الروايات الأخرى كونها ناظرة الى ان الكلب أجهز عليه لاحقًا وأكل منه، وعليه لا تصل النوبة الى التعارض وان أبيت الا ان ترى تعارضًا فنقول اعراض الاصحاب عن العمل بهذه الرواية مع مخالفتها للأصل وقاعدة (كل حيوان غير ممتنع لا يحل إلا بالتذكية) يوجب وهنها واسقاطها عن الاعتبار ورد علمها إلى أهلها. والله العالم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo