< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

41/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الصيدمسألة (3): يشترط في حلّية صيد الكلب المعلَّم امور:الأوّل: أن يكون ذلك بإرساله للاصطياد، فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحلّ مقتوله؛ وإن أغراه صاحبه بعده حتّى فيما أثّر إغراؤه فيه؛ بأن زاد في عدوه بسببه على الأحوط. وكذا الحال لو أرسله لا للاصطياد، بل لأمر آخر؛ من دفع عدوّ أو طرد سبع أو غير ذلك، فصادف غزالًا فصاده. والمعتبر قصد الجنس لا الشخص، فلو أرسله إلى صيد غزال فصادف غزالًا آخر فأخذه وقتله كفى في حلّه. وكذا لو أرسله إلى صيد فصاده مع غيره حلّا معاً.الثاني: أن يكون المرسل مسلماً أو بحكمه، كالصبيّ الملحق به بشرط كونه مميّزاً. فلو أرسله كافر بجميع أنواعه، أو من كان بحكمه كالنواصب -لعنهم اللَّه- لم يحلّ أكل ما قتله.الثالث: أن يُسمّي؛ بأن يذكر اسم اللَّه عند إرساله، فلو تركه عمداً لم يحلّ مقتوله، ولا يضرّ لو كان نسياناً. والأحوط أن تكون التسمية عند الإرسال، فلا يكتفى بها قبل الإصابة.الرابع: أن يكون موت الحيوان مستنداً إلى جرحه وعقره، فلو كان بسبب آخر -كصدمه، أو خنقه، أو إتعابه، أو ذهاب مرارته من الخوف، أو إلقائه من شاهق، أو غير ذلك- لم يحلّ.الخامس: عدم إدراك صاحب الكلب الصيد حيّاً مع تمكّنه من تذكيته؛ بأن‌ أدركه ميّتاً، أو أدركه حيّاً لكن لم يسع الزمان لذبحه. وبالجملة: إذا أرسل كلبه إلى الصيد، فإن لحق به بعد ما أخذه وعقره وصار غير ممتنع، فوجده ميّتاً، كان ذكيّاً وحلّ أكله، وكذا إن وجده حيّاً ولم يتّسع الزمان لذبحه فتركه حتّى مات.وأمّا إن اتّسع لذبحه لا يحلّ إلّا بالذبح، فلو تركه حتّى مات كان ميتة. وأدنى ما يُدرك ذكاته أن يجده تطرف عيناه، أو تركض رجله، أو يحرّك ذنبه أو يده، فإن وجده كذلك واتّسع الزمان لذبحه لم يحلّ أكله إلّا بالذبح. وكذلك الحال لو وجده بعد عقر الكلب عليه ممتنعاً فجعل يعدو خلفه فوقف، فإن بقي من حياته زمان يتّسع لذبحه لم يحلّ إلّا به، و إن لم يتّسع حلّ بدونه. ويلحق بعدم اتّساعه ما إذا وسع ولكن كان ترك التذكية لا بتقصير منه، كما إذا اشتغل بأخذ الآلة وسلّ السكّين، مع المسارعة العرفية، وكون الآلات على النحو المتعارف؛ فلو كان السكّين في غمد ضيّق غير متعارف، فلم يدرك الذكاة لأجل سلّه منه، لم يحلّ.

وكذا لو كان لأجل لصوقه به بدم ونحوه. ومن عدم التقصير ما إذا امتنع الصيد من التمكين بما فيه من بقيّة قوّة ونحو ذلك، فمات قبل أن يمكنه الذبح. نعم، لا يلحق به فقد الآلة على الأحوط لو لم يكن أقوى، فلو وجده حيّاً واتّسع الزمان لذبحه، إلّاأنّه لم يكن عنده السكّين، فلم يذبحه لذلك حتّى مات، لم يحلّ أكله[1] .

 

يستدل على الأول بصريح خبر القاسم بن سليمان:

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، قال: سألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عن كلب افلت، ولم يرسله صاحبه، فصاد، فأدركه صاحبه وقد قتله، أيأكل منه؟ فقال: لا)[2] .

وبمفهوم خبر أبي عبيدة الحذاء:

-(عن أبيه، وعن محمد، عن أحمد، وعن عدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عن الرجل يسرح كلبه المعلم ويسمّي اذا سرحه، قال: يأكل مما امسك عليه، فاذا ادركه قبل قتله ذكّاه، وان وجد معه كلبا غير معلم فلا يأكل منه)[3] .

ومفهوم خبر الحضرمي وما زاد عليه سيف بن عميرة:

-(علي بن ابراهيم في (تفسيره) عن أبيه، عن فضالة ابن أيوب، عن سيف بن عميرة مثله، وزاد: ثم قال: كل شيء من السباع تمسك الصيد على نفسها، الا الكلاب المعلمة فانها تمسك على صاحبها، وقال: اذا ارسلت الكلب المعلم فاذكر اسم الله عليه، فهو ذكاته)[4] .

مضافًا إلى الاجماع على ذلك وللأصل.

هذا ولأن حقيقة التعلّم متقومة بالإرسال وينافيها إندفاع الكلب من تلقاء نفسه دون إرساله.

نعم تقدم كفاية التعلم ولو كان مقارنًا للإرسال لعدم إشتراط حصول التعلم قبل الإرسال.

وعليه فلو إسترسل بنفسه من دون إرسال لم يحلّ مقتوله، نعم لو إسترسل الكلب بنفسه ثم أغراه الصائد وأثّر إغراؤه بأن زاد في عدوه بسبب الإغراء فقد ذهب المشهور إلى الاحتياط في عدم الحلية ومنهم السيد الماتن (قده) وربما الوجه فيه كفاية الإرسال بالإغراء ولو بعد تحرك الكلب نحو الطريدة من تلقاء نفسه شرط أن يؤثر الإغراء في حركة الكلب بإتجاه الطريدة.

ولإحتمال صدق الإرسال على الإغراء بزيادة العدو بإتجاه الطريدة، والأقرب كفاية الإرسال ولو بعد تحركه شرط ان يكون الاغراء مؤثرًا في سرعة الإندفاع وصدق الإنقياد لمعلّمه، إذ يحتمل جداً صدق الإرسال ولو بعد التحرك ما لم يُصِب الصيد، بحيث يقع الصيد بعد الإرسال.

وأما لو أرسله لا للإصطياد بل، لأمر آخر من دفع عدوّ أو طرد سبُعٍ أو غير ذلك فصادف غزالًا مثلًا فصاده، فلا يحلّ، إذ لم يتحقق الإرسال من رأس، وعليه فيكون الكلب قد أمسك لنفسه لا لصاحبه. وهذا بخلاف ما لو أرسله إلى صيد غزال معيّن مثلًا فأصاب غزالًا آخر فأخذه وقتله، فإنه يكفي ذلك الإرسال في حليته، وذلك لأن المعتبر في الإرسال هو قصد جنس الصيد لا شخصه.

وكذا الحال لو أرسله إلى صيد معين فصاده وصاد غيره فيحلان معًا لإطلاق الأدلة والاتفاق عليه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo