< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

41/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الصيد

مسألة (2): يعتبر في حلّية صيد الكلب أن يكون معلّماً للاصطياد. وعلامة كونه بتلك الصفة: أن يكون من عادته مع عدم المانع أن يسترسل ويهيج إلى‌ الصيد لو أرسله صاحبه وأغراه به، وأن ينزجر ويقف عن الذهاب والهياج إذا زجره. نعم، لا يضرّ إذا لم ينزجر حين رؤية الصيد وقربه منه. والأحوط أن يكون من عادته التي لا تتخلّف إلّا نادراً أن يمسك الصيد، ولا يأكل منه شيئاً حتّى يصل صاحبه[1] .

 

أما إشتراط الحلية بصيد الكلب بأن يكون معلّمًا للإصطياد فهو مما دلت عليه الأدلة من الكتاب العزيز بقوله تعالى:(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)[2] .

ومن السّنة الشريفة خبر ابي بكر الحضرمي:

-(عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام)، انه سأله عن صيد البزاة والصقورة والكلب والفهد، فقال: لا تأكل صيد شيء من هذه الا ما ذكّيتموه، إلا الكلب المكلب، قلت: فان قتله؟ قال: كل، لان الله عزو جل يقول: (وما علمتم من الجوارح مكلبين ... فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه)[3] .

-(علي بن ابراهيم في (تفسيره) عن أبيه، عن فضالة ابن أيوب، عن سيف بن عميرة مثله، وزاد: ثم قال: كل شيء من السباع تمسك الصيد على نفسها، الا الكلاب المعلمة فانها تمسك على صاحبها، وقال: اذا ارسلت الكلب المعلم فاذكر اسم الله عليه، فهو ذكاته)[4] .

وأيضًا:

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) في حديث صيد الكلب، قال: وان وجدت معه كلبا غير معلم فلا تأكل منه)[5] .

مضافًا إلى الاجماع.

وقد ذكروا: أن علامة الكلب المعلّم أنه لو خليّ وتعليمه دون طروء العوارض الصارفة أحيانًا – هو استرساله واندفاعه إلى الصيد لو أرسله صاحبه وأغراه به، وأن ينزجر ويقف عن اندفاعه واسترساله إذا زجره عنه-.

ويمكن الاستدلال على ذلك أن ذلك هو المحقّق لمفهوم الكلب المعلم، بل لا يتم التعليم إلا بذلك.

وهذا ما عليه أهل الخبرة في المقام.

مضافًا إلى النصوص المستفيضة منها:

-(محمد بن يعقوب، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام)، انه قال: ما قتلت من الجوارح مكلّبين، وذكر اسم الله عليه فكلوا منه، وما قتلت الكلاب التي لم تعلموها من قبل ان تدركوه فلا تطعموه)[6] . (معتبرة).

هذا ولم أجد احدًا من الفقهاء (اعلى الله مقامهم) أنه اشترط تحقق التعليم قبل البدء بالصيد بمدة زمنية محدّدة، بل يمكن أن يكون التعليم مصاحبًا لأول عملية إصطياد له، وذلك لفرض صدق التعليم عليه حينئذ ويمكن الاستدلال على ذلك بإطلاق خبر زرارة:

-(وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) في حديث صيد الكلب، قال: وان كان غير معلم يعلمه في ساعته حين يرسله ولياكل منه، فانّه معلّم)[7] .

وإذا كان الامر كذلك فلا يضرّ، فعدم انزجاره حين رؤية الصيد وقربه منه لا يضر بصدق كونه معلّمًا بل يصح صيده عندئذ نعم لا يصح صيده فيما لو لم يكن معلّمًا، وكذا الحال فيما لو شككنا في صدق التعلّم وعدمه للأصل.

وأما قوله (قده): (والاحوط أن يكون من عادته التي لا تتخلّف إلا نادرًا أن يمسك الصيد ولا يأكل منه شيئًا حتى يصل صاحبه).

ربما ذهب سيدنا (قده) إلى الاحتياط في المفروض لأجل كونه مشهورًا عند الفقهاء (اعلى الله مقامهم) وقد عُرف عنه (قده) بالأخذ فيما أشتهر بينهم.

ويمكن الاستدلال على ما ذهب إليه المشهور:

أولًا: أنه مع امساك الكلب للصيد وأكله منه يكون حينئذ ممّن يمسكه لنفسه وليس لصاحبه، والمفروض هو الثاني.

ويمكن أن يرد عليه: بأنه خلف كونه معلّمًا، ويكفي تحقق التعليم بأن يمسكه ويأتي به إلى صاحبه سواءً أكل منه شيئًا، أم لم يأكل، وهذا لا يتنافى مع حكم أهل الخبرة عليه بأنه معلّم في المقام.

ثانيًا: استدل المشهور على إعتبار عدم الاكل منه حتى يصل صاحبه ببعض الروايات منها موثق سماعة:

-(عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، قال: سألته عما أمسك عليه الكلب المعلم للصيد، وهو قول الله) :وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه) قال: لابأس أن تأكلوا مما امسك الكلب مما لم يأكل الكلب منه، فاذا اكل الكلب منه قبل ان تدركه فلا تأكل منه)[8] .

-(عن فضالة بن أيوب، عن رفاعة بن موسى، قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام)، عن الكلب يقتل، فقال: كل، قلت: ان اكل منه؟ قال: اذا أكل منه فلم يمسك عليك، انما امسك على نفسه)[9] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo