< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

41/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الصيد

مسألة(1): لا يحلّ من صيد الحيوان ومقتوله إلّا ما كان بالكلب المعلّم؛ سواء كان سلوقياً أو غيره، وسواء كان أسود أو غيره، فلا يحلّ صيد غيره من جوارح السباع كالفهد والنمر وغيرهما، وجوارح الطير كالبازي والعقاب والباشق وغيرها وإن كانت معلّمة، فما يأخذه الكلب المعلّم ويقتله بعقره وجرحه مذكّىً حلال أكله من غير ذبح، فيكون عضّه وجرحه على أيّ موضع من الحيوان بمنزلة ذبحه[1] .

 

يمكن الاستدلال على حلية صيد الكلب خاصة دون ما ذكر من بقية الحيوانات والطيور بالروايات المستيفضة منها:

-(وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن ابي بكر الخضرمي، قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن صيد البزاة والصقورة والفهد والكلب؟ فقال: لا تأكل صيد شيء من هذه، الا ما ذكيتموه، الاّ الكلب المكلب)[2] .

-(عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) ـ في حديث ـ، انه قال: واما خلاف الكلب مما تصيد الفهود والصقور واشباه ذلك فلا تأكل من صيده، الا ما ادركت ذكاته ؛ لان الله عزّ وجلّ قال: (مكلبين)، فما كان خلاف الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل، الاّ ان تدرك ذكاته)[3] . وغيرها

-(ورواه علي بن ابراهيم في (تفسيره) عن أبيه، عن فضالة ابن أيوب، عن سيف بن عميرة مثله، وزاد: ثم قال: كل شيء من السباع تمسك الصيد على نفسها، الا الكلاب المعلمة فانها تمسك على صاحبها، وقال: اذا ارسلت الكلب المعلم فاذكر اسم الله عليه، فهو ذكاته)[4] .

مضافًا إلى الاجماع، ولم يخالف في ذلك سوى ما عن إبن أبي عقيل الذي إستقر الاجماع بعده قطعًا بل يُظن قبله أيضًا. فأباح صيد غير الكلب من السباع المعلّمة غير جوارح الطير كالفهد والنمر وغيرهما وإن لم تدرك ذكاته، ولكن لا دليل عليه وما تقدم من الروايات يكفي في المقام.

وأصالة عدم التذكية التي اعتمد عليها الفقهاء (أعلى الله مقامهم) مطلقًا في اللحوم.

وتعتبر هذه الاصالة من الأصول التي تسالم عليها الاصحاب واستدلوا عليها بالإجماع والسُّنة وذكروا بأنها تستعمل في كل من الشبهات الموضوعية والحكمية، ولكن ما ذكروه لا يخلو من إشكال لجهة ثبوت هذه الاصالة أما في الشبهات الموضوعية، فالأقرب إرجاع ذلك إلى اصالة عدم تحقق الشرط أو الشرائط المعتبرة في التذكية، وذلك لكون الشرط مسبوق بالعدم فتجري اصالة عدم تحققه، اللهم إلا إن قامت أمارة معتبرة على الخلاف، وهذا غير الاصالة المدّعاة.

وأما في الشبهات الحكمية كما في حالة الشك في حرمة أصل الحيوان وحليته، فلا دليل لهم على الحرمة سوى الاستدلال بقوله تعالى:

-(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[5] .

فقالوا بأنها في مقام إثبات التذكية لما تحقق ذكاته والحرمة للباقي.

ويرد عليه: بأن الآية الكريمة أجنبية عن المقام وذلك لكون الآية الكريمة ناظرة إلى كيفية زهوق الروح بقرينة مجموع الآيات التي توضح أن البعض مما يزهق روحه حلال وبعضه حرام.

وعليه فلا وجه للاستدلال بالآية الكريمة لجهة دخل الخصوصية في المذكى وبها يؤثر باقي الشرائط أثرها.

وأما ما ذكروه من أن الشرع المبين قدم اهتم ببيان الحيوانات واقسامها عامة في الروايات الواردة عنهم (عليهم السلام) وخصوصًا منها التي تتحدث عن جواز الصلاة في أجزائها وحلية أكل لحمها، فقد استفادوا منها قطعًا أن الحلية الوضعية والتكليفية في الحيوانات لا بد من أن تستند إلى دليل معتبر غير قابل للمناقشة واستشهدوا على ذلك بأن الناس لا تهجم ولا تميل إلى أكل كل حيوان إلا عند الضرورة وبالتالي قالوا: بأن أصالة عدم التذكية عبارة أخرى عن أصالة عدم تهاجم الناس بفطرتهم على أكل كل حيوان.

ويرد عليه: بأنه وإن كان كلامًا مقبولًا عرفًا إلا أنه بعيد عن جهة الاستدلال بحسب الصناعة العلمية بل يمكن أن نقول بأن أصالتي الحلية والاباحة حاكمتان في المقام، ولا يُرفع اليد عنهما إلا بنص صريح أو اجماع صحيح. والله العالم.

وعلى أي حال فإن الروايات كافية في الاستدلال على حرمة صيد ما عدا الكلب المعلّم مضافًا للإجماع المدّعى كما عن الانتصار والخلاف والغنية والسرائر وغيرهم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo