الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي
بحث الفقه
41/03/14
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: قصاص ما دون النفس.
السادس - لو قطع يمينا مثلا فبذل شمالا للقصاص فقطعها المجني عليه من غير علم بأنها الشمال فهل يسقط القود أو يكون القصاص في اليمنى باقيا؟ الأقوى هو الثاني، ولو خيف من السراية يؤخر القصاص حتى يندمل اليسار، ولا دية لو بذل الجاني عالما بالحكم والموضوع عامدا، بل لا يبعد عدمها مع البذل جاهلا بالموضوع أو الحكم، ولو قطعها المجني عليه مع العلم بكونها اليسار ضمنها مع جهل الجاني، بل عليه القود، وأما مع علمه وبذله فلا شبهة في الإثم، لكن في القود والدية إشكال[1] .
ما ذهب إليه سيدنا (قده) من أقوائية عدم سقوط القود بقاء القصاص في اليمنى في مفروض جهل المجنى عليه بأن المبذولة هي اليد اليسرى وليست اليمنى إنما لأجل تعيّن القصاص في اليد اليمنى وعليه فما قطعه من اليسرى لا يحقق للمجنى عليه حق القصاص وعليه يكون حقه في القصاص باليد اليمنى باقيَا على حاله.إن قلت: ألا يصدق على قطعه اليسرى بأنها يدٌ وعليه نتمسك بإطلاق (اليد باليد)؟قلت: إن الاطلاق المذكور مقيد بإعتبار المماثلة فمع وجود اليد اليمنى فلا يجزي قطع اليسرى باليمنى نعم لو خيف من السراية بتعريض النفس للهلاك في حال ما لو قطع اليد اليمنى فإنه لا يجوز ذلك بل لا بد من الانتظار حتى يندمل جرح اليد اليسرى .وأما عدم الدية فيما لو بذل الجاني يده اليسرى مع علمه بحكم قطع اليمنى وليس اليسرى وأيضًا مع علمه بالموضوع وأنّ ما بذله هي اليسرى فلأن الجاني هو السبب في قطع يده الثانية وكذا الجاهل مع جهل الجاني بذلك لنفس المناط وهو لجريان قاعدة (السبب أقوى من المباشر).وهذا متحقق في حالة علم الجاني وجهله ومجرد الجهل لا يلغي قوة السبب على المباشر.نعم في حال ما لو قطع المجنى عليه اليد اليسرى مع علمه بكونها اليسرى فإنه يضمن في صورة ما لو كان الجاني جاهلًا بذلك وذلك لكونه جناية عمدية توجب القصاص أو الدية لعموم أدلة القصاص لكل جناية عمدية.وأخيرًا استشكل سيدنا (قده) في القود والدية في صورة ما لو كان الجاني عالمًا بأن ما بذله هي اليد اليسرى لكنه (قده) حكم بالاثم وذلك لعدم حرية الانسان بالتصرف في أعضاء بدنه كيف يشاء خصوصًا في حالة ما لو سبب ذلك هلاكًا لنفسه واطراف بدنه ومجرد إذن صاحب اليد للآخرين بقطع أعضائه لا يبيح ولا يجيز أن يقدموا على ذلك لأن إذن صاحب اليد ليس رافعًا للحرمة وأما استشكاله (قده) في القود والدية لأن ذلك من هدرٌ غير مضمون. والله العالم.
