< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قصاص ما دون النفس.

مسألة10: هل يجوز الاقتصاص قبل اندمال الجناية؟ قيل: لا؛ لعدم الأمن من السراية الموجبة لدخول الطرف في النفس، والأشبه الجواز. وفي رواية: «لا يقضى في شي‌ء من الجراحات حتّى تبرأ». وفي دلالتها نظر. والأحوط الصبر، سيّما فيما لا يؤمن من السراية. فلو قطع عدّة من أعضائه خطأً، هل يجوز أخذ دياتها ولو كانت أضعاف دية النفس، أو يقتصر على مقدار دية النفس حتّى يتّضح الحال، فإن اندملت أخذ الباقي، وإلّا فيكون له ما أخذ لدخول الطرف في النفس؟ الأقوى جواز الأخذ ووجوب الإعطاء. نعم، لو سرت الجراحات يجب إرجاع الزائد على النفس.[1]

 

قوله (قده): (هل يجوز الاقتصاص قبل اندمال الجناية؟ قيل: لا؛ لعدم الأمن من السراية الموجبة لدخول الطرف في النفس، والأشبه الجواز. وفي رواية: «لا يقضى في شي‌ء من الجراحات حتّى تبرأ». وفي دلالتها نظر).

إن مقتضى القواعد والأصول جواز المبادرة إلى القصاص ويدل عليه إطلاق قوله تعالى:

(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[2]

وكذا: (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)[3]

وللشيخ رأيان في المقام، فقد ذهب إلى عدم الجواز في مبسوطه وخالفه في خلافه وذهب إلى الجواز لكن مع استحباب الصبر حتى يندمل، ويمكن الإستدلال على ما ذهب إليه الشيخ (قده) بمعتبرة اسحاق بن عمار عن مولانا جعفر الصادق (عليه السلام)

( أن عليًا (عليه السلام) كان يقول: (لا يقضى في شىء من الجراحات حتى تبرأ).

-(وبإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر أن عليا (عليه‌ السلام) كان يقول: لا يقضى في شيء من الجراحات حتى تبرأ)[4] .

واختار سيدنا الماتن (قده) القول بالجواز لما ذكرنا من مقتضى القواعد وإطلاقات الأدلة.

وإذا كان الخلاف في المسألة مردّه إلى سراية قصاص الجرح إلى قصاص النفس وعدمه، فلا بد عندئذ من دخول المسألة في كونها من الموضوعات العامة التي مرجعها إلى أهل الخبرة والإختصاص، فإن حكموا بأن هكذا جروح –بحسب وضعها والآلة المستعملة بها– تفضي إلى قتل النفس غالبًا فيجب الإنتظار إلى معرفة الحال ويبنى على الشيء مقتضاه، وإن حكموا بعدم السراية إلى قتل النفس فيجوز عندئذ المبادرة إلى القصاص، وبذلك يتم التصالح بين الرأيين والقولين وهذا مقتضى العمل بالإحتياط.

قوله (قده): . فلو قطع عدّة من أعضائه خطأً، هل يجوز أخذ دياتها ولو كانت أضعاف دية النفس، أو يقتصر على مقدار دية النفس حتّى يتّضح الحال، فإن اندملت أخذ الباقي، وإلّا فيكون له ما أخذ لدخول الطرف في النفس؟ الأقوى جواز الأخذ ووجوب الإعطاء.

مقتضى القواعد وإطلاقات الأدلة جواز أخذ ديات الجروح وإن كانت أضعاف دية النفس والأقوى كما مرّ في الفرع الأول من المسألة من كونه من الموضوعات العامة التي مرجعها أهل الخبرة من الأطباء فإن حكموا أن ذلك يفضي الى قتل النفس ينتظر إلى إنكشاف الحال فإن مات أُخذ منه دية النفس وإن إندملت الجروح يؤخذ منه دياتها وهو الأقرب بالنظر.

قوله: (قده): نعم، لو سرت الجراحات يجب إرجاع الزائد على النفس.

وذلك لكون المفروض أنه قتل خطأ محض، وعليه فليس على الجاني في المقام أكثر من دية النفس. والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo