< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قصاص ما دون النفس.

مسألة 5: المراد بالشلل هو يبس اليد بحيث تخرج عن الطاعة ولم تعمل عملها ولو بقي فيها حسّ وحركة غير اختيارية. والتشخيص موكول إلى العرف كسائر الموضوعات. ولو قطع يداً بعض أصابعها شلّاء ففي قصاص اليد الصحيحة تردّد، ولا أثر للتفاوت بالبطش ونحوه، فيقطع اليد القويّة بالضعيفة، واليد السالمة باليد البرصاء و المجروحة[1] .

 

المدار في تشخيص هكذا قضايا إنما هو أهل الخبرة في الطب وهم المعوّل في تحديد العيوب والأمراض البدنية كما أن المدار في تشخيص الموضوعات هم أهل كلِّ علم وفن بحسبه، وليس من شأن الفقهاء تشخيص الموضوعات العامة إلا إذا كان على نحو الموضوعات المستنبطة فإن ذلك موكول للفقيه، وعليه فلو حكم أهل الإختصاص بأن اليد مشلولة إذا شلّت الأصابع فتأخذ حكمها وإلا فلا.

نعم لا أثر للتفاوت بين اليد القوية والضعيفة والطويلة والقصيرة وغير ذلك من أسباب التفاوت بين الأيادي وذلك كله لمقتضى إطلاقات وعمومات الأدلة في القصاص.

 

مسألة 6: يعتبر التساوي في المحلّ مع وجوده، فتقطع اليمين باليمين واليسار باليسار، ولو لم يكن له يمين وقطع اليمين قطعت يساره، ولو لم يكن له يد أصلًا قطعت رجله على رواية معمول بها، ولا بأس به. وهل تقدّم الرجل اليمنى في قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى في اليد اليسرى أو هما سواء؟ وجهان، ولو قطع اليسرى ولم يكن له اليسرى فالظاهر قطع اليمنى على إشكال، ومع عدمهما قطع الرجل. ولو قطع الرجل من لا رجل له فهل يقطع يده بدل الرجل؟ فيه وجه لا يخلو من إشكال. والتعدّي إلى مطلق الأعضاء كالعين والاذن والحاجب وغيرها مشكل. و إن لا يخلو من وجه، سيّما اليسرى من كلّ باليمنى.[2]

 

قوله (قده): (يعتبر التساوي في المحل مع وجوده).

وهذا يقتضيه مبدأ المماثلة المرعي الإجراء كما في الآية الكريمة: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾[3]

 

مضافًا إلى عدم الخلاف بل هو ما عليه الإتفاق ظاهرًا بين الأعلام.

وعليه فإنه تقطع اليد اليمنى باليد اليمنى واليد اليسرى باليد اليسرى وهكذا الترتيب في الأرجل مع وجود العضو المماثل.

قوله (قده): (ولو لم يكن له يمين وقطع اليمين قطعت يساره).

يمكن الاستدلال عليه برواية السجستاني وهي معتبرة عند الاقدمين:

-(عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، قال: سألت أبا جعفر (عليه ‌السلام) عن رجل قطع يدين لرجلين اليمينين، قال: فقال: يا حبيب تقطع يمينه للذي قطع يمينه أولا، وتقطع يساره للرجل الذي قطع يمينه أخيرا، لانه إنما قطع يد الرجل الاخير ويمينه قصاص للرجل الاول، قال: فقلت: إن عليا (عليه ‌السلام) إنما كان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، فقال: إنما كان يفعل ذلك فيما يجب من حقوق الله، فأما يا حبيب حقوق المسلمين فانه تؤخذ لهم حقوقهم في القصاص اليد باليد إذا كانت للقاطع يد، والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يد، فقلت له: أو ما تجب عليه الدية وتترك له رجله؟ فقال: إنما تجب عليه الدية إذا قطع يد رجل وليس للقاطع يدان ولا رجلان، فثم تجب عليه الدية لانه ليس له جارحة يقاس منها.).[4]

مضافًا إلى الإجماع وقد إدعاه الشيخ (قده) في خلافه، وغيره.

قوله (قده): (ولو لم يكن له يد أصلًا قطعت رجله على رواية معمول بها ولا بأس به).

وهي معتبرة السجستاني المتقدمة قبل قليل.

قوله (قده): (وهل تقدم الرجل اليمنى في قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى في اليد اليسرى أو هما سواء؟ وجهان).

تردد سيدنا الماتن (قده) ههنا واكتفى بالتوقف في المقام والوجهان هما:

1 – مقتضى المماثلة المعتبرة في القصاص إضافة إلى أقربية الترتيب بين اليمين واليسار وهو ما عليه الإجماع من جهة.

2 – ومن جهة ثانية فإن مقتضى إطلاق معتبرة السجستاني في عدم رعاية الترتيب المذكور في متن سيدنا (قده).

والأقرب الثاني وذلك لأن الماثلة إنما تُراعى في ما ماثل من أعضاء كاليدين مثلًا اليمين باليمين واليسار باليسار أو الرجلين كذلك ومع إختلاف الأعضاء فلا وجه للمماثلة بين اليمين واليسار. والله العالم.

قوله (قده): (ولو قطع اليسرى ولم يكن له اليسرى فالظاهر قطع اليمنى على إشكال ومع عدمهما قطع الرجل).

إستشكل سيدنا الماتن (قده) في المقام وذلك لأجل الإجمال الوارد في معتبرة السجستاني في كلمة يد (يدان).

فلو كانت النسخة الصحيحة (يدان) فيختص القصاص بما إذا كان للقاطع يدان (اليمين واليسار) وأما مع عدم وجود يد إلا اليسار فلا تقطع ولكنه بعيد لمعارضة صدر وذيل الرواية لذلك.

وعليه فالأقرب مع الإجمال في الرواية هو التمسك بعمومات وإطلاقات الأدلة، ومقتضاها جواز القطع من جهة المماثلة نعم مع عدمهما قطع الرجل وذلك بمقتضى قول الإمام (عليه السلام) في نفس الرواية المتقدمة: (والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يد).

إضافة إلى أن اليد اسم جنس تشمل اليمنى واليسرى.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo