< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قصاص ما دون النفس.

مسألة 2: يشترط في جواز الاقتصاص فيه ما يشترط في الاقتصاص في النفس؛ من التساوي في الإسلام والحرّية وانتفاء الابوّة وكون الجاني عاقلًا بالغاً، فلا يقتصّ في الطرف لمن لا يقتصّ له في النفس[1] .

 

فإن كلّ ما اُشترط في الإقتصاص في النفس فإنه يُشترط في الإقتصاص في الأطراف من التساوي في الإسلام والحريّة وإنتفاء الأبوّة وإشتراط كون الجاني عاقلًا بالغًا.

وذلك: أولًا: للإجماع المدّعى من أكثر من واحد وصرّح صاحب الغنية بكون ذلك مما لا خلاف فيه.

ثانيًا: للروايات العديدة المعتبرة ومنها الصحيح.

أما في إشتراط الإسلام فلصحيحة محمد بن قيس عن مولانا أبي جعفر (عليه السلام):

-(حمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه ‌السلام) قال: لا يقاد مسلم بذمي في القتل ولا في الجراحات، ولكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمي على قدر دية الذمي ثمانمائة درهم)[2] .

وأما في إشتراط الحريّة فإنه وإن قلنا بإقتصاص الحر من العبد كما سيأتي من الأدلة على ذلك ولكنه لا يقتص من الحر بالعبد، فلو قطع الحرّ يد العبد فلا يقتصّ منه. وذلك لصريح معتبرة السكوني عن مولانا أبي جعفر عن أمير المؤمنين (عليه السلام):

-(وبإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم‌ السلام)، قال: ليس بين العبيد والاحرار قصاص فيما دون النفس، وليس بين اليهودي والنصراني والمجوسي قصاص فيما دون النفس)[3] .

كما يمكن إستفادة مفهوم الأولوية من صحيحة أبي ولاد الحناط:

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، قال: سألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عن مكاتب اشترط عليه مولاه حين كاتبه جنى إلى رجل جناية؟ فقال: إن كان أدى من مكاتبته شيئا غرم في جنايته بقدر ما أدى من مكاتبته للحر ـ إلى أن قال: ـ ولا تقاص بين المكاتب وبين العبد إذا كان المكاتب قد أدى من مكاتبته شيئا، فان لم يكن قد أدى من مكاتبته شيئا فانه يقاص العبد به، أو يغرم المولى كل ما جنى المكاتب لانه عبده ما لم يؤد من مكاتبته شيئا)[4] .

حيث إنه دلت على عدم جواز الإقتصاص من المكاتب بالعبد المحض لتحرّر مقدار منه فإنه لا يجوز الإقتصاص من الحرّ بالعبد بطريق أولى، وهذا ما يؤيده خبر مسمع بن عبد الملك:

-(محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن نعيم بن إبراهيم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال: ام الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها، وما كان من حقوق الله عز وجل في الحدود فان ذلك في بدنها، قال: ويقاص منها للمماليك، ولا قصاص بين الحر والعبد)[5] .

نعم يقتص من العبد للحر وهو بالخيار بين الإقتصاص منه وإسترقاقه إن كانت الجراحة ما قارب منه رقبته، وإلاّ فأمر إسترقاقه منوط برضى مولاه، فإن إفتداه مولاه وأدى دية الجرح وإلا كان للحر المجروح من العبد بقدر دية جرحه ويُرجع الباقي إلى مولاه، وهذا إنما يحصل ببيع العبد فيأخذ الحر حقّه ويرجع الباقي إلى مولاه.

وعليه جملة من الروايات منها صحيحة الفضيل بن يسار:

-(محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) انه قال في عبد جرح حرا، فقال: إن شاء الحر اقتص منه، وإن شاء أخذه إن كانت الجراحة تحيط برقبته، وإن كانت لا تحيط برقبته افتداه مولاه، فان أبى مولاه أن يفتديه كان للحر المجروح من العبد بقدر دية جراحه، والباقي للمولى يباع العبد فيأخذ المجروح حقه ويرد الباقي على المولى)[6] .

ومثلها صحيحة زرارة:

-(محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه ‌السلام) في عبد جرح رجلين، قال: هو بينهما إن كانت جنايته تحيط بقيمته، قيل له: فان جرح رجلا في أول النهار وجرح آخر في آخر النهار؟ قال: هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الاول، قال: فان جنى بعد ذلك جناية فان جنايته على الاخير)[7] .

وأما إشتراط إنتفاء الأبوّة فإنه لا يقتص من الأب بإبنه في الطرف كما تقدم في قصاص النفس ويدل عليه كل من صحيحتي ظريف عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) وحمران عن أحدهما (الإمام الباقر أو الإمام الصادق (عليهما السلام)):

-(وبإسناده إلى كتاب ظريف عن أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) قال: وقضى أنه لا قود لرجل أصابه والده في أمر يعيب عليه فيه فأصابه عيب من قطع وغيره ويكون له الدية، ولا يقاد)[8] .

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن علي ابن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن حمران، عن أحدهما (عليهما ‌السلام) قال: لا يقاد والد بولده، ويقتل الولد إذا قتل والده عمدا)[9]

وأما إشتراط كون الجاني عاقلًا بالغًا (غير مجنون وغير صبي). فلا يُقتص في الطرف لمن لا يُقتص له في النفس.

وذلك ما اُدعي عليه الإجماع ولعله للروايات في المقام منها صحيحة محمد بن مسلم الأولى والثانية ومعتبرتي اسحاق بن عمّار واسماعيل بن ابي زياد:

-(محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان أو عمدا)[10] .

 

-(وبإسناده عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: عمد الصبي وخطاه واحد)[11] .

-(وبإسناده، عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه، أن عليا (عليه‌ السلام) كان يقول: عمد الصبيان خطأ ( يحمل على العاقلة))[12] .

-(محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) أن محمد بن أبي بكر كتب إلى أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) يسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا فجعل الدية على قومه، وجعل خطأه وعمده سواء)[13] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo