< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في قصاص ما دون النفس

القسم الثانيفي قصاص ما دون النفس

مسألة 1: الموجب له هاهنا كالموجب في قتل النفس، وهو الجناية العمدية مباشرة أو تسبيبا حسب ما عرفت، فلو جنى بما يتلف العضو غالبا فهو عمد، قصد الإتلاف به أو لا، ولو جنى بما لا يتلف به غالبا، فهو عمد مع قصد الإتلاف ولو رجاء[1] .

 

إن هذا القسم (قصاص ما دون النفس) يرتبط بالقسم الأول من (قصاص النفس) من جهة مسائله والأدلة عليها وهذه أولى مسائله بحسب ترتيب متن (تحرير الوسيلة).

وهي فيما لو جنى أحدهم على آخر جناية إما بالمباشرة أو بالتسبيب فأتلف له عضوًا من أعضاء بدنه، أو جنى عليه ذلك بما يُتلف غالبًا فهو عمد مع قصد الإتلاف ولو رجاءً

وذلك: اولًا: لعمومات الأدلة كقوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[2] .

وهذا ما عليه الروايات المستفيضة منها معتبرتي إسحاق بن عمار:

-(محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال: قضى أمير المؤمين (عليه ‌السلام) فيما كان من جراحات الجسد أن فيها القصاص، أو يقبل المجروح دية الجراحة فيعطاها)[3] .

-(محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) في اللطمة ـ إلى أن قال: ـ وأما ما كان من جراحات في الجسد فان فيها القصاص، أو يقبل المجروح دية الجراحة فيعطاها)[4] .

والمناط بموجب القصاص نتيجة الاتلاف العمدي هو تحقق الاتلاف فعلًا لأن من عمد إلى إتلاف اعضاء الآخرين مع إلتفاته إلى ترتيب آثار الجناية من قصاص فإنه يكون متعمدًا للجناية والإتلاف وإن لم يكن قاصدًا لها كما في صحيحة أبي العباس:

-(وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن أبي العباس، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال: سألته عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة، أهو أن يعتمد ضرب رجل ولا يعتمد قتله؟ فقال: نعم، قلت: رمى شاة فأصاب إنسانا، قال: ذاك الخطأ الذي لا شك فيه، عليه الدية والكفارة).[5] .

ورواه الصدوق بإسناده عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) مثله، وزاد في أوله: انه قال: إذا ضرب الرجل بالحديدة فذلك العمد

فالضرب بالحديدة مما يترتب عليه القتل أو الجرح ومنها: صحيحة أبي العباس وزرارة:

-(وبإسناده عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي العباس، وزرارة، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال: إن العمد أن يتعمده فيقتله بما يقتل مثله، والخطأ أن يتعمده ولا يريد قتله يقتله بما لا يقتل مثله، والخطأ الذي لا شك فيه أن يتعمد شيئا آخر فيصيبه)[6] .

وتدل بوضوح أن الضرب بكل آلة من شأنها أن تقتل فإن ذلك معدودًا من حالة العمد وليس الخطأ.

ثانيًا: بالإضافة للإجماع كما صرّح به صاحب الغنية وغيره.

أما قوله (قده): (ولو رجاءً). فإن ذلك مما يحقق القصد للقتل أو الجرح وهذا من موارد العمدية.

ويتضح ذلك من صحيحة الحلبي:

-(عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني جميعا، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال: سألناه عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم يقلع عنه الضرب حتى مات، أيدفع إلى ولي المقتول فيقتله؟ قال: نعم، ولكن لا يترك يعبث به ولكن يجيز عليه بالسيف)[7] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo