< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في كيفية الاستيفاء.

مسألة 23: لا يقتصّ من الحامل حتّى تضع حملها ولو تجدّد الحمل بعد الجناية، بل ولو كان الحمل من زناً، ولو ادّعت الحمل وشهدت لها أربع قوابل ثبت حملها، و إن تجرّدت دعواها فالأحوط التأخير إلى اتّضاح الحال، ولو وضعت حملها فلا يجوز قتلها إذا توقّف حياة الصبيّ عليها، بل لو خيف موت الولد لا يجوز ويجب التأخير، ولو وجد ما يعيش به الولد فالظاهر أنّ له القصاص. ولو قتلت المرأة قصاصاً فبانت حاملًا فالدية على الوليّ القاتل[1] .

 

قوله (قده): (لا يُقتص من الحامل حتى تضع حملها ولو تجدّد الحمل بعد الجناية).

وذلك لصدق الاسراف في القتل عليه وهو منهي عنه محرّم لقوله تعالى:

﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾[2] .

مضافًا إلى عمومات واطلاقات أدلة تحريم قتل النفس المحترمة وهذا موضع اجماع الملة وعلماء الدين.

قوله (قده): (ولو كان الحمل من زنا).

فإن كونه من زنا وتولدّ من النطفة المحرّمة لا يسوغ قتله ولا ينفي كونه من النفوس المحترمة المحرّم قتلها،وإن قلنا بعدم وراثته من أبيه وعدم إلحاقه به.

قوله (قده): (ولو إدّعت الحمل وشهدت لها أربع قوابل ثبت حملها).

وذلك لأن شهادة القوابل الأربع حجة شرعية على الحمل وقد دلت الادلة على قبول شهادتهن في كل ما لا يستطيع أو لا يجوز للرجال النظر إليه في المرأة منها رواية السكوني:

-(وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن بنان بن محمّد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عليهم السلام) أنه كان يقول: شهادة النساء لا تجوز في طلاق، ولا نكاح، ولا في حدود، إلاّ في الديون، وما لا يستطيع الرجال النظر إليه)[3] .

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: العدّة والحيض للنساء إذا ادّعت صدّقت).[4]

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن جميل بن درّاج، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: العدّة والحيض إلى النساء)[5] .

-(عن محمّد بن عيسى، عن عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في امرأة ادّعت أنّها حاضت في شهر واحد ثلاث حيض، فقال: كلّفوا نسوة من بطانتها ان حيضها كان فيما مضى على ما ادّعت ؟ فإن شهدن صدقت، وإلاّ فهي كاذبة)[6] .

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عمر بن حنظلة قال: قلت لابي عبدالله (عليه‌ السلام):اني تزوجت امرأة فسألت عنها فقيل فيها، فقال: وأنت لم سألت أيضا؟! ليس عليكم التفتيش)[7] .

-(محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بنعيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن ميسر قال: قلت لابي عبدالله (عليه‌ السلام): ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد فأقول لها: لك زوج؟ فتقول: لا، فأتزوجها؟ قال: نعم، هي المصدقة على نفسها)[8] .

قوله (قده): (وإن تجردّت دعواها فالأحوط التأخير إلى اتضاح الحال).

بل الأقوى التأخير وذلك لقبول قولها في الحمل كما يُصدّق قولها في الحيض والعدّة لصحيحة الحلبي:

-(عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه سئل عن شهادة النساء في النكاح، فقال: تجوز إذا كان معهنّ رجل، وكان عليٌّ (عليه السلام) يقول: لا اُجيزها في الطلاق، قلت: تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين ؟ قال: نعم، وسألته عن شهادة القابلة في الولادة، قال: تجوز شهادة الواحدة، وقال: تجوز شهادة النساء في المنفوس، والعذرة، وحدَّثني من سمعه يحدِّث أنَّ أباه أخبره، أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أجاز شهادة النساء في الدين مع يمين الطالب، يحلف بالله أنَّ حقّه لحقٌّ)[9] .

إلى حين تبيان الحال وهذا متيسّر أمره لوجود العلامات للحمل ولو بعد مضي الأشهر الأولى، هذا مع إمكان تبيان الحال في الأيام الأولى من جراء الفحوصات المخبرية في عصرنا الحاضر، بالإضافة إلى عدم جواز التهجّم على الدماء المحترمة مهما أمكن.

قوله (قده): (ولو وضعت حملها فلا يجوز قتلُها إذا توقف حياة الصبي عليها بل لو خيف موت الولد لا يجوز ويجب التأخير).

وذلك لأن في قتلها يكون قتلُه وهذا تسبيب للقتل وحرمته كحرمة القتل المباشري كما تقدم في أول الكتاب، مضافًا إلى مفهوم الأولوية لأنه إذا وجب التأخير مع احتمال الحمل لتبيان الحال فأنه بطريق أولى يجب التأخير لوجود الولد.

قوله (قده): (ولو وُجد ما يعيش به الولد فالظاهر أن له القصاص).

وذلك لشمول اطلاقات وعمومات الأدلة في القصاص بلا أي مانع ولا عذر فالمقتضي موجود والمانع مفقود.

قوله (قده): (ولو قتل المرأة قصاصًا فبانت حاملًا فالدية على الولي القاتل).

وذلك لإقدامه على القتل مباشرة أو تسبيبًا فعليه الدية (الولي القاتل) لعدم ذهاب دم المسلم هدرًا، نعم لا يقتص منه لجهله بالحمل. والله العالم بحقائق الامور.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo