< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/04/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في كيفية الاستيفاء.

مسألة 17:إذا اشترك الأب والأجنبيّ في قتل ولده، أو المسلم والذمّي في قتل ذمّي، فعلى الشريك القود، لكن يردّ الشريك الآخر عليه نصف ديته، أو يردّ الوليّ نصفها ويطالب الآخر به. ولو كان أحدهما عامداً والآخر خاطئاً، فالقود على العامد بعد ردّ نصف الدية على المقتصّ منه، فإن كان القتل خطأً محضاًفالنصف على العاقلة، وإن كان شبه عمد كان الردّ من الجاني. ولو شارك العامد سبع ونحوه يقتصّ منه بعد ردّ نصف ديته[1] .

 

هذه المسألة من متفرعات ما سبق من المسائل،حيث إنه لا يُقتص من الأب بإبنه ولا المسلم من غير المسلم، وإنما يُقاد الشريك في المقام لكن يردّ الشريك الآخر عليه نصف ديته،أو يردّ الولي نصفها ويطالب الآخر به،وهذا ما عليه الاتفاق ولإطلاق الأدلة على ثبوت إقتصاص على الشريك الذي تتوفر فيه شرائط القصاص دون الأب بالنسبة لولده ولا المسلم بالنسبة إلى غيره.

ومجرّد سقوط القصاص عن أحد الشريكين لا يعني بتاتًا سقوطها عن الآخر لعدم الملازمة أصلًا لا الشرعية منها ولا العقلية ولا العرفية -بين السقوطين- (المسقوط أحد الشريكين والسقوط عن الشريك الآخر).

نعم فإن من يسقط عنه القصاص كالأب والمسلم بالنسبة إلى الولد والذمي فإن عليه أداء نصف الدية وذلك مقتضى التشريك في القتل،ويصح أن يؤدي نصف الدية الولي ثم يرجع بها على الآخر.

 

مسألة 18: لا يمنع الحجر -لفلس أو سفه- من استيفاء القصاص، فللمحجور عليه الإقتصاص، ولو عفا المحجور عليه لفلس على مال، ورضي به القاتل، قسّمه على الغرماء كغيره من الأموال المكتسبة بعد حجر الحاكم جديداً عنه، والحجر السابق لا يكفي في ذلك، وللمحجور عليه العفو مجّاناً وبأقلّ من الدية[2] .

 

المحجور عليه لفلس أو سفه كغيره له حق الإستيفاء من القصاص أو العفو عنه والمطالبة بالدية وذلك لعموم واطلاقات الادلة التي تشمل المحجور عليه وغيره بلا فرق بينهما من هذه الجهة.

غاية ما في الأمر أن المحجور عليه لفلس أو سفه إنما ممنوع من التصرّف بأمواله الموجودة عنده قبل الحجر وليس عن كل شيء يحصل عليه بعد الحجر وبالتالي لا يُعدّ الإستيفاء من التصرفات المالية الممنوع منها فيجوز له الإقتصاص،كما يجوز له العفو عن القصاص كغيره مجانًا أو المطالبة بالدية أو أقل أو أكثر بالتراضي مع القاتل،وحينئذ لو أخذ الدية فعليه تقسيمها على الغرماء كغيرها من الاموال المكتسبة بعد حجر الحاكم.

 

مسألة 19- لو قُتل شخص وعليه دين، فإن أخذ الورثة ديته صرفت في ديون المقتول ووصاياه كباقي أمواله؛ ولا فرق في ذلك بين دية القتل خطأً، أو شبه عمد، أو ما صولح عليه في العمد؛ كان بمقدار ديته أو أقلّ أو أكثر، بجنس ديته أو غيره[3] .

 

وذلك لأن الدية بحكم تركة المقتول فتصرف في ديونه ووصاياه كغيرها من امواله وبالتالي لا يجوز للورثة أن يقتسمونها إلا بعد وصية أو دين كما دلّت عليه الأدلة من الكتاب والسنة، لقوله تعالى في سورة النساء من الآية:

-(يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا)[4] .-(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)[5] .

ومن الروايات معتبرة يحي الأزرف:

-(محمد بن يعقوب، عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن يحيى الازرق، عن أبي الحسن (عليه‌ السلام)في رجل قتل وعليه دين ولم يترك مالاً، فأخذ أهله الدية من قاتله عليهم أن يقضوا دينه؟ قال: نعم، قلت: وهو لم يترك شيئا، قال: إنما أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا دينه)[6] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo