< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في كيفية الاستيفاء.

مسألة 6- الأحوط عدم جواز المبادرة للوليّ إذا كان منفرداً إلى القصاص، سيّما في الطرف إلّا مع إذن والي المسلمين، بل لا يخلو من قوّة، ولو بادر فللوالي تعزيره، ولكن لا قصاص عليه ولا دية[1] .

 

بل الأقوى لزوم مراجعة الحاكم الشرعي، والإستئذان منه في الإقتصاص خصوصًا في الأطراف لدقة الأمر فيها، ولكون الإقتصاص في الأطراف قد يفضي إلى القتل أحيانًا، والتعدي والتجاوز عن مورده غالبًا.

نعم الإقتصاص هو حق لأولياء الدم، إلاّ أنه موقوف على مراجعة الحاكم والإستئذان منه لكون ذلك من وظيفته الخاصة وهو المخوّل لمباشرة القصاص أو التسبيب له، وهو المؤتمن على الدماء وهذا من أبرز عناوين تصدي الوالي لذلك بحسب ولايته.

ويمكن توجيهه بعد الشهرة العظيمة عليه من الفقهاء قديمًا وحديثًا كما عن محكي الشيخ (قده) في خلافه: (لا ينبغي أن يقتص بنفسه، لأن ذلك للإمام (عليه السلام)، أو من يأمره بلا خلاف)[2] .

وعن الغنية: (ولا يستقيد إلا من سلطان الإسلام أو من يأذن له في ذلك وهو ولي من ليس له ولي)[3] .

بما تشعر به الاخبار:

-(عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبدالله بن هلال، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قال: من قتله القصاص بأمر الإمام فلا دية له في قتل ولا جراحة)[4] .

ولصحيحة حريز عن مولانا الصادق (عليه السلام):

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن حريز، عن أبى عبدالله (عليه‌ السلام) قال: سألته عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع إلى الوالي، فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه، فوثب عليه قوم فخلصوا القاتل من أيدى الاولياء؟ قال: أرى أن يحبس الذين خلصوا القاتل من أيدي الاولياء حتى يأتوا بالقاتل، قيل: فان مات القاتل وهم في السجن؟ قال: إن مات فعليهم الدية يؤدونها جميعا إلى أولياء المقتول)[5] .

وصحيحة زرارة:

-(وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن القسامة، فقال: هي حق، إن رجلا من الانصار وجد قتيلا في قليب من قلب اليهود، فأتوا رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) فقالوا: يا رسول الله إنا وجدنا رجلا منا قتيلا في قليب من قلب اليهود، فقال: ايتوني بشاهدين من غيركم، قالوا: يا رسول الله ما لنا شاهدان من غيرنا، فقال لهم رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله): فليقسم خمسون رجلا منكم على رجل ندفعه إليكم، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قال: يا رسول الله كيف نرضى باليهود وما فيهم من الشرك أعظم، فوداه رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله)، قال: زرارة: قال أبو عبدالله (عليه‌ السلام): إنما جعلت القسامة احتياطا لدماء الناس كيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلا أو يغتال رجلا حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل)[6] .

وصحيحة بريد بن معاوية:

-(عن ابن أبي عمير، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: سألته عن القسامة؟ فقال: الحقوق كلها البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، إلا في الدم خاصة، فان رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) بينما هو بخيبر إذ فقدت الانصار رجلا منهم فوجدوه قتيلاً، فقالت الانصار: إن فلانا اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمته، فان لم تجدوا شاهدين، فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيد برمته فقالوا: يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا وإنا لنكره أن نقسم على ما لم نره، فوداه رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله)، وقال: إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به فكف عن قتله، وإلا حلف المدعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا، وإلا اغرموا الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم إذا لم يقسم المدعون)[7] .

بل يمكن الاستدلال عليه بالسيرة المستمرة إلى زمان المعصوم (عليه السلام) من الرجوع إلى الوالي في القصاص، ولذا نرى وسيرة الرجوع إلى الوالي ظاهرة بلا تردد وخلاف، وهذا ما يظهر جليًا من خلال الاسئلة الواقعة في الروايات والأجوبة عنها.

هذا بالإضافة إلى كون الرجوع بالقصاص إلى الوالي والحاكم الشرعي أوفق للاحتياط في الدماء، وعدم لزوم الهرج والمرج والاختلال في النظام لو كان كلُ واحدٍ يريد أن يطبّق الإقتصاص بنفسه من دون مراجعة الحاكم الشرعي، ولأجل ذلك كله لا نرى صياغة الاحتياط في المسألة في محلها بل الأقوى لابدّية الإستئذان منه. والله العالم.

وأما قوله (قده): (ولو بادر فللوالي تعزيره) فذلك لأن الحاكم له حق تعزير كل من ترك واجبًا بحسب نظره من الأهمية ولزوم التعزير.

وأما قوله (قده): (ولكن لا قصاص عليه ولا دية). وذلك لأن مفروض المسألة هو كون القاتل من مهدوري الدم وليس دمُه محقونًا، ولا قصاص ولا دية على مهدور الدم. والله العالم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo