< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في كيفية الاستيفاء

القول: في كيفية الاستيفاء

مسألة 1- قتل العمد يوجب القصاص عيناً، ولا يوجب الدية لا عيناً ولا تخييراً، فلو عفا الوليّ القود يسقط وليس له مطالبة الدية، ولو بذل الجاني نفسه ليس للوليّ غيرها، ولو عفا الوليّ بشرط الدية فللجاني القبول وعدمه، ولا تثبت‌ الدية إلّابرضاه، فلو رضي بها يسقط القود وتثبت الدية، ولو عفا بشرط الدية صحّ على الأصحّ، ولو كان بنحو التعليق فإذا قبل سقط القود، ولو كان الشرط إعطاء الدية لم يسقط القود إلّا بإعطائه، ولا يجب على الجاني إعطاء الدية لخلاص نفسه، وقيل: يجب لوجوب حفظها[1] .

 

وأما السنة: فهي كثيرة، وأصرحها صحيحة إبن سنان:

-(محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، وعن عبدالله بن المغيرة، والنضر بن سويد جميعا، عن عبدالله بن سنان، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) يقول: من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه إلا ان يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية، فان رضوا بالدية وأحب ذلك القاتل فالدية)[2] .

وربما ذهب العماني وغيره إلى القول بالتخيير بين القصاص والدية لظاهر بعض الروايات في التخيير كما في صحيحة عبد الله بن سنان الثانية:

-(محمّد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ـ جميعا ـ عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، وابن بكير ـ جميعا ـ عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام)، قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، ـ إلى أن قال: ـ فقال: إن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول، فأقر عندهم بقتل صاحبه، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية، وأعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستين مسكينا توبة إلى الله عزّ وجلّ)[3] .

وصحيحة ابن سنان الثالثة:

-(عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان ـ يعني: عبدالله ـ عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام)، أنّه سئل عن رجل قتل مؤمناً، وهو يعلم أنه مؤمن، غير أنّه حمله الغضب على أنه قتله، هل له من توبة إن أراد ذلك، أو لا توبة له؟ قال: توبته ان لم يعلم انطلق إلى أوليائه، فأعلمهم أنه قتله، فان عفي عنه أعطاهم الدية، وأعتق رقبة، وصام شهرين متتابعين، وتصدّق على ستين مسكينا)[4] .

ورواية أبي بكر الحضرمي:

-(عن محمّد بن الحسن الصفار، عن السندي بن محمّد، عن صفوان بن يحيى، عن منذر بن جعفر عن أبي بكر الحضرمي، قال: قلت لابي عبدالله (عليه‌ السلام): رجل قتل رجلا متعمداً، قال: جزاؤه جهنم، قال: قلت له: هل له توبة؟ قال: نعم، يصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكينا، ويعتق رقبة، ويؤدي ديته، قال: قلت: لا يقبلون منه الدية، قال: يتزوج إليهم ثمّ يجعلها صلة يصلهم بها، قال: قلت: لا يقبلون منه، ولا يزوجونه، قال: يصره صررا يرمي بها في دارهم)[5] .

ولكن هذه الروايات وإن دلّت بظاهرها على القول بالتخيير، إلا أن ذلك من الواضح أن المراد منه ههنا هو أن الدية إنما تجب بعد عفو ولي الدم عن القاتل بالإقتصاص ومطالبته بالدية وليس التخيير بينها إبتداءً.

نعم نقل البيهقي في سننه الكبرى[6] حديثًا نبويًا: (من قتل له قتيل فهو يُخيّر بين النظر بين: إما أن يفدي وإما أن يقتل). فهو مع قصور سنده يمكن حمله على غير المقام كما سيأتي.

وأما قوله (قده): (فلو عفى الولي القود يسقط وليس له مطالبة الدّية) وذلك لأن الحق له فيجوز له اسقاطه وعليه الاجماع وأما عدم مطالبته بالدّية بعد ذلك فلعدم تشريع الدّية في القتل العمدي فكيف يطالب بما هو غير مشروع.

وقوله (قده): (ولو بذل الجاني نفسه ليس للولي غيرُها). وذلك لمقتضى القاعدة: (أن الجاني لا يجنى على أكثر من نفسه).

وقوله (قده): (ولو عفى الولي بشرط الدية فللجاني القبول وعدمه).

فالشرط صحيح للعمومات وللإطلاقات مضافًا لأصالة الصحة وكذلك الخيار فالأقوى صحته لقاعدة السلطنة.

وقوله (قده): (ولا تثبت الدّية إلا برضاه فلو رضى بها يسقط القود وتثبت الدّية. ولو عفى بشرط الدّية صح على الأصح ولو كان بنحو التعليق فإذا قبل سقط القود).

وذلك لأنه مقتضى التخيير فإنه إذا سقط أحدهما ثبت الآخر.

قوله (قده): (ولو كان الشرط اعطاء الدّية لم يسقط القود إلا بإعطائه ولا يجب على الجاني اعطاء الدّية لخلاص نفسه).

أما عدم سقوط القود إلا بإعطائه الدّية فذلك لأن المشروط إنما هو فعلٌ مباشري من طرف الشارط، فلا بد من تحققه خارجًا لا يتم المراد.

وأما عدم وجوب اعطاء الجاني الدّية لتخليص نفسه، فللأصل ولا دليل عليه إلا ما يمكن أن يقال بوجوب حفظ النفس، ولكن كما ترى فالمقام ليس منه بعد إذن الشارع في قتله من قبل الولي فتأمّل.

وقوله (قده): (وقيل يجب لوجوب حفظها).

والقائل بذلك جماعة ومنهم ابن ادريس كما حكاه عنه الشهيد في الحواشي بعد أن نفى البأس عنه تارة وقوّاه أخرى.

وذهب الفاضل وولده إلى ذلك حيث قرّبا الوجوب.

ولكنه كما تقدم الرد عليه اعلاه فهو لا يخلو من الضعف وصحيحة ابن سنان المتقدمة تنفيه.

صحيحة ابن سنان:

-(محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، وعن عبدالله بن المغيرة، والنضر بن سويد جميعا، عن عبدالله بن سنان، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) يقول: من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه إلا ان يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية، فان رضوا بالدية وأحب ذلك القاتل فالدية)[7] .

 


[6] - سنن البيهقى، ج08، ص52.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo