< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص المقصد الثاني- في كمية القسامة.

مسألة 10- لا بدّ في اليمين من ذكر قيود يخرج الموضوع ومورد الحلف عن الإبهام والاحتمال؛ من ذكر القاتل و المقتول ونسبهما ووصفهما بما يزيل الإبهام والاحتمال، وذكر نوع القتل من كونه عمداً أو خطأً أو شبه عمد، وذكر الانفراد أو الشركة ونحو ذلك من القيود[1] .

 

كل ذلك لظاهر الأدلة التي تذكر في محلها كتاب القضاء عن شروط اليمين فاليمين إنما تكون لإثبات المقسم به فلا وجه لها مع عدم معلوميته لا يجوز للحاكم أن يحكم بالقصاص أو الدية لمجرد الشبهة أو الاحتمال والاجمال لا أقل من جهة الاحتياط في الدماء. مضافًا إلى الاجماع المدعى من أكثر من واحد ويشهد له بما يكفي بعض النصوص الواردة في المقام منها صحيحة أبي بصير:

-(عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال؛ سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن القسامة أين كان بدوها؟ فقال: كان من قبل رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) لما كان بعد فتح خيبر تخلف رجل من الانصار عن أصحابه فرجعوا في طلبه فوجدوه متشحطا في دمه قتيلا، فجاءت الانصار إلى رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) فقالوا: يا رسول الله قتلت اليهود صاحبنا، فقال: ليقسم منكم خمسون رجلا على أنهم قتلوه، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قالوا: يا رسول الله من يصدق اليهود؟ فقال: أنا إذن أدي صاحبكم، فقلت له: كيف الحكم فيها؟ فقال: إن الله عزّ وجلّ حكم في الدماء ما لم يحكم في شيء من حقوق الناس لتعظيمه الدماء، لو أن رجلا ادعى على رجل عشرة آلاف درهم أو أقل من ذلك أو أكثر لم يكن اليمين على المدعي وكان اليمين على المدعى عليه، فاذا ادعى الرجل على القوم أنهم قتلوا كانت اليمين لمدعي الدم قبل المدعي عليهم، فعلى المدعي أن يجيء بخمسين يحلفون إن فلانا قتل فلانا، فيدفع اليهم الذي حلف عليه، فان شاؤوا عفوا، وإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا قبلوا الدية، وإن لم يقسموا فان على الذين ادعي عليهم أن يحلف منه خمسون ما قتلنا ولا علمنا له قاتلا، فان فعلوا أدى أهل القرية الذين وجد فيهم، وإن كان بأرض فلاة اديت ديته من بيت المال، فان أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم)[2] .

-(وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن عبدوس، عن الحسن بن علي بن فضال، عن مفضل بن صالح، عن ليث المرادي، قال: سألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عن القسامة على من هي؟ أعلى أهل القاتل؟ أو على أهل المقتول؟ قال: على أهل المقتول، يحلفون بالله الذي لا إله إلا هو لقتل فلان فلانا)[3] .

وذكر الشيخ (قده) في مبسوطه[4] : (إنه يحتاج في يمين المدّعى عليه إلى ذكر ستة اشياء: يقول ما قتل فلانًا ولا أعان على قتله (قيد لرفع الشركة) ولا ناله (قيد لما يمكن أن يرميه بسهم أو غيره فيقتله ولا بسبب فعله (لأنه قد يرميه بحجر فيقع على حجر فيطفر الثاني فيصيبه فيقتله)

ولا وصل إلى بدنه شيء (لرفع سقيه السُّم) ولا احدث سببًا مات منه (لأنه قد ينصب سكينًا أو يحفر بئرًا فيتلف بسببه).

 

المقصد الثالث: في أحكامها

مسألة 1- يثبت القصاص بالقسامة في قتل العمد، والدية على القاتل في الخطأ شبيه العمد، وعلى العاقلة في الخطأ المحض. وقيل: تثبت في الخطأ المحض على القاتل لا العاقلة، و هو غير مرضيّ[5] .

 

أما قوله (قده): (يثبت القصاص بالقسّامة في قتل العمد). فذلك ما عليه الاجماع والنصوص الواردة في المقام منها:

صحيحة بريد بن معاوية عن مولانا رسول الله (صلى الله عليه وآله):

-(عن ابن أبي عمير، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: سألته عن القسامة؟ فقال: الحقوق كلها البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، إلا في الدم خاصة، فان رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) بينما هو بخيبر إذ فقدت الانصار رجلا منهم فوجدوه قتيلاً، فقالت الانصار: إن فلانا اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمته، فان لم تجدوا شاهدين، فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيد برمته فقالوا: يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا وإنا لنكره أن نقسم على ما لم نره، فوداه رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) وقال: إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به فكف عن قتله، وإلا حلف المدعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا، وإلا اغرموا الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم إذا لم يقسم المدعون)[6] .

والشاهد فيها: (أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمته، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسّامة خمسين رجلًا أقيده برمته).

وصحيح زرارة:

-(عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن القسامة، فقال: هي حق، إن رجلا من الانصار وجد قتيلا في قليب من قلب اليهود، فأتوا رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) فقالوا: يا رسول الله إنا وجدنا رجلا منا قتيلا في قليب من قلب اليهود، فقال: ايتوني بشاهدين من غيركم، قالوا: يا رسول الله ما لنا شاهدان من غيرنا، فقال لهم رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله): فليقسم خمسون رجلا منكم على رجل ندفعه إليكم، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قال: يا رسول الله كيف نرضى باليهود وما فيهم من الشرك أعظم، فوداه رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) قال: زرارة: قال أبو عبدالله (عليه‌ السلام): إنما جعلت القسامة احتياطا لدماء الناس كيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلا أو يغتال رجلا حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل)[7] .

والشاهد فيه: (فليقسم خمسون رجلًا منكم على رجل ندفعه إليكم).

ورواية أبي بصير:

-(عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال؛ سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن القسامة أين كان بدوها؟ فقال: كان من قبل رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) لما كان بعد فتح خيبر تخلف رجل من الانصار عن أصحابه فرجعوا في طلبه فوجدوه متشحطا في دمه قتيلا، فجاءت الانصار إلى رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) فقالوا: يا رسول الله قتلت اليهود صاحبنا، فقال: ليقسم منكم خمسون رجلا على أنهم قتلوه، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قالوا: يا رسول الله من يصدق اليهود؟ فقال: أنا إذن أدي صاحبكم، فقلت له: كيف الحكم فيها؟ فقال: إن الله عزّ وجلّ حكم في الدماء ما لم يحكم في شيء من حقوق الناس لتعظيمه الدماء، لو أن رجلا ادعى على رجل عشرة آلاف درهم أو أقل من ذلك أو أكثر لم يكن اليمين على المدعي وكان اليمين على المدعى عليه، فاذا ادعى الرجل على القوم أنهم قتلوا كانت اليمين لمدعي الدم قبل المدعي عليهم، فعلى المدعي أن يجيء بخمسين يحلفون إن فلانا قتل فلانا، فيدفع اليهم الذي حلف عليه، فان شاؤوا عفوا، وإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا قبلوا الدية، وإن لم يقسموا فان على الذين ادعي عليهم أن يحلف منه خمسون ما قتلنا ولا علمنا له قاتلا، فان فعلوا أدى أهل القرية الذين وجد فيهم، وإن كان بأرض فلاة اديت ديته من بيت المال، فان أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم)[8] .

والشاهد فيها: (فعلى المدعّي أن يجيء بخمسين يحلفون إن فلانًا قتل فلانًا فيدفع إليهم الذي حلف إليه،إلى . . .).

وأما قوله (قده): (والدية على القاتل في الخطأ شبيه العمد).

فأولًا: للإجماع.

وثانيًا: لكون القسّامة بمثابة البينة في ذلك.

وأما قوله (قده): (وعلى العاقلة في الخطأ المحض). قد ذهب إليه المشهور ولكون القسّامة كالبينة بلا فرق في المقام.

وأما قوله (قده): (وقيل: تثبت في الخطأ المحض على القاتل لا العاقلة، وهو غير مرضي).

والقائل بذلك العلامة الحلي (قده) في تحريره (وإن كان القتل خطأ تثبت الدية على القاتل لا العاقلة، فإن العاقلة إنما تضمن الدية مع البينة لا مع القسّامة).

ويؤيده خبر زيد عن آبائه (عليهم السلام):

ولكنه مردود بإعراض الاصحاب وتضعيفه مضافًا لكون الحصر إضافي يقابل الاقرار. والله العالم.

 


[7] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص، ابواب دعوة القتل، باب10، ح03، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo