< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص المقصد الثاني- في كمية القسامة.

مسألة 8- يشترط في القسامة علم الحالف، ويكون حلفه عن جزم وعلم، ولا يكفي الظنّ[1] .

 

وذلك لما قرّر في محلّه في كتاب القضاء عدم جواز الحلف والقسم بالله تعالى إلا عن علم وجزم، ولا فرق في اليمين هناك واليمين في القسامة وغيرها فهو واحد وله احكامه وشرائطه عند وقوعه. ولذا وجدنا إقرار النبي (صلى الله عليه وآله) للإنصار بعدم حلفهم في قضية اتهام اليهودي بقتل أحدهم حيث قالوا: بأنهم كيف نقسم على ما لم نرَ بأعيننا.

 

مسألة 9- هل تقبل قسامة الكافر على دعواه على المسلم في العمد والخطأ في النفس وغيرها؟ فيه خلاف، والوجه عدم القبول[2] .

 

قد يقال بقبول قسامة الكافر على المسلم بدعواه القتل سواءً كان عمدًا أم خطأً في النفس وغيرها، وذلك تمسكًا بإطلاق بعض الروايات منها الصحيح والتي لا تفرّق بين المسلم والكافر في القسّامة بإعتبار شمولها لكلمة الناس الواردة في الاخبار منها صحيحة زرارة:

-(محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: إنما جعلت القسامة احتياطا للناس لكيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلا، أو يغتال رجلا حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل)[3] .

وصحيحة الحلبي:

-(محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: سألته عن القسامة كيف كانت؟ فقال: هي حق وهي مكتوبة عندنا، ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضا ثم لم يكن شيء، وإنما القسامة نجاة للناس)[4] .

ومصححة علي بن فضيل:

-(محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد، والعباس، والهيثم جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن الفضيل، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: إذا وجد رجل مقتول في قبيلة قوم، حلفوا جميعا ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا، فان أبوا أن يحلفوا، اغرموا الدية فيما بينهم في أموالهم سواء سواء بين جميع القبيلة من الرجال المدركين)[5] .

مصححة مسعدة بن زياد:

-(عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر (عليه‌ السلام) قال: كان أبي (رضي‌ الله‌ عنه) إذا لم يقم القوم المدعون البينة على قتل قتيلهم ولم يقسموا بأن المتهمين قتلوه، حلف المتهمين بالقتل خمسين يمينا بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا، ثم يؤدي الدية إلى أولياء القتيل، ذلك إذا قتل في حي واحد، فأما إذا قتل في عسكر، أو سوق مدينة، فديته تدفع إلى أوليائه من بيت المال)[6] .

وصحيحة عبد الله بن سنان:

-(في (العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: سألته عن القسامة؟ فقال: هي حق ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضا ولم يكن شيء، وإنما القسامة حوط يحاط به الناس)[7] .

ومعتبرة ابن سنان:

-(عن محمد بن علي ماجيلويه. عن محمد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن سنان قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) يقول: إنما وضعت القسامة لعلة الحوط يحتاط على الناس لكي إذا رأى الفاجر عدوه فر منه مخافة القصاص)[8] .

ولكن يمكن مناقشتها وردّها بروايات معارضة لها ومقيّدة لإطلاقها لورود القسّامة واشتمالها على المسلم خاصة دون الكافر ومنها صحيح بريد بن معاوية:

-(عن ابن أبي عمير، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: سألته عن القسامة؟ فقال: الحقوق كلها البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، إلا في الدم خاصة، فان رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) بينما هو بخيبر إذ فقدت الانصار رجلا منهم فوجدوه قتيلاً، فقالت الانصار: إن فلانا اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمته، فان لم تجدوا شاهدين، فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيد برمته فقالوا: يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا وإنا لنكره أن نقسم على ما لم نره، فوداه رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) وقال: إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به فكف عن قتله، وإلا حلف المدعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا، وإلا اغرموا الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم إذا لم يقسم المدعون)[9] .

صحيحة ابي بصير:

-(وعن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن بكير، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: إن الله حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم، حكم في أموالكم أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، وحكم في دمائكم أن البينة على المدعى عليه واليمين على من ادعى، لئلا يبطل دم امرئ مسلم)[10] .

مع ما يمكن الإستظهار من صحيحة عبد الله بن سنان:

-(وعن محمد بن علي ماجيلويه. عن محمد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن سنان قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) يقول: إنما وضعت القسامة لعلة الحوط يحتاط على الناس لكي إذا رأى الفاجر عدوه فر منه مخافة القصاص)[11] .

التي مفادها أن جعل القسّامة إنما هو ليمتنع الفاسق عن القتل مخافة القصاص.

ومن الواضح أن الكافر لا يقتص من المسلم.

وما يمكن أن يُقال بإمكانية الجمع بينهما على نحو قبول قسّامية الكافر بدعواه على المسلم لكن شرط أن لا يفضي إلى القصاص منه بالقتل وإنما بدفع الدية والغرامة جمعًا بين صحيحتي زرارة والحلبي المشتملتين على ورود القسّامة مطلقًا وبين صحيحة بريد الدالة على حقن دماء المسلمين ولا مانعة جمع بينها. والله العالم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo