< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/07/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

الثاني البينة: لا يثبت ما يوجب القصاص سواء كان في النفس أو الطرف إلا بشاهدين عدلين، ولا اعتبار بشهادة النساء فيه منفردات ولا منضمات إلى الرجل، ولا توجب بشهادتهن الدية فيما يوجب القصاص، نعم تجوز شهادتهن فيما يوجب الدية كالقتل خطأ أو شبه عمد، وفي الجراحات التي لا توجب القصاص كالهاشمة وما فوقها، ولا يثبت ما يوجب القصاص بشهادة شاهد ويمين المدعي على قول مشهور[1] .

 

أما أنه لا يثبت إلا بشاهدي عدل فذلك لأصالة عدم الحجية في قول القائل لاثبات القضايا والموضوعات إلا بدليل خاص معتبر وقد دلت الروايات على حجية البينة مما تقدم في أكثر من باب في ابواب الفقه خصوصًا في باب الشهادات، أما عدم اعتبار شهادة النساء فيه منفردات ولا منضمات إلى الرجل فلورود روايات خاصة في المقام من قبيل معتبرة السكوني:

 

-(عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن بنان بن محمّد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عليهم السلام) أنه كان يقول: شهادة النساء لا تجوز في طلاق، ولا نكاح، ولا في حدود، إلاّ في الديون، وما لا يستطيع الرجال النظر إليه)[2] .

ومعتبرة غياث بن ابراهيم:

-(عن أبي القاسم بن قولويه، عن أبيه، عن سعد ابن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ (عليهم السلام) قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود، ولا في القود)[3] .

بالإضافة إلى ماتقدم وسيأتي من عدم اعتبار شهادة النساء في الحقوق الآدمية غير المالية خاصة أو ما يؤول إلى المال كما في دية الخطأ وشبه العمد مما هو مراد قول الماتن (قده): (نعم تجوز شهادتهن فيما يوجب الدية كالقتل خطأ أو شبه العمد وفي الجراحات التي توجب القصاص كالهاشمة وما فوقها وذلك لكونها تتطلب مالًا، وتقدم أنه تُقبل شهادتهن في الحقوق المالية وهذا مما لا يصح فيها القصاص بل تثبت مالًا.

وأما قوله (قده): (ولا يثبت ما يوجب القصاص بشهاة شاهد ويمين المدعي على قول مشهور) بل ادعي عليه الاجماع وحكي عن صاحب الرياض الاتفاق عليه وبحثه في كتاب الشهادات بشكل مفصل، ويمكن الاستدلال عليه بصحيحة محمد بن مسلم:

-(عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن عبيد الله بن أحمد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: لو كان الأمر إلينا أجزنا شهادة الرجل الواحد، إذا علم منه خير، مع يمين الخصم في حقوق الناس، فأمّا ما كان من حقوق الله عزَّ وجلَّ، أو رؤية الهلال فلا)[4] .

مسألة 1 - يعتبر في قبول الشهادة بالقتل أن تكون الشهادة صريحة أو كالصريحة نحو قوله " قتله بالسيف " أو " ضربه به فمات " أو " أراق دمه فمات منه " ولو كان فيه إجمال أو احتمال لا تقبل، نعم الظاهر عدم الاعتبار بالاحتمالات العقلية التي لا تنافي الظهور أو الصراحة عرفا، مثل أن يقال في قوله: " ضربه بالسيف فمات ": يحتلم أن يكون الموت بغير الضرب، بل الظاهر اعتبار الظهور العقلائي، ولا يلزم التصريح بما لا يتخلل فيه الاحتمال عقلا.

 

وإنما الاعتبار في صراحة الشهادة لأن ذلك بمقتضى ما قام عليه بناء العقلاء وسيرتهم في حواراتهم المتعلقة في مسائل المحاكمات والاقرارات والعقود والايقاعات، وعليه يرتب العقلاء الآثار وبذلك يحتج بعضهم على بعض بلا نكير من أحد. بل نرى بالوجدان أن العقلاء في مخاصماتهم ونزاعاتهم المتعلقة في القضايا المالية أو الدماء أو سائر وجوه مسائل القضاء يطلبون الاستيضاح والبيان والصراحة في اللفظ ولا يقبلون من مفاد المتكلم إذا كان الكلام مجملًا، أو له وجوه واعتبارات عديدة مشتبهة لوجود الاحتمالات المختلفة في كلامه، مما يؤدي إلى المنع من استناد الشهادة بالشاهد مثلًا. نعم الظاهر عدم الإعتبار بالاحتمالات العقلية التي لا تنافي ظهور الكلام أو الصراحة عرفًا، مثل أن يقال في قوله ضربه بالسيف فمات، فقد يحتمل أن يكون الموت بغير الضرب، ولكن لا يعتنى بها في الأخذ بمداليل الألفاظ وصراحتها العرفية كما عليه السيرة العقلائية، ولذا لا يلزم التصريح بما لا يتخلل فيه الاحتمال عقلًا وذلك للتمسك بأصالة الظهور عند العقلاء التي تقضي بعدم إشتراط التصريح بالاحتمالات العقلائية على الخلاف. والله العالم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo