< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/07/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

مسألة 4 - لو اتهم رجل بقتل وأقر المتهم بقتله عمدا فجاء آخر وأقر أنه هو الذي قتله ورجع المقر الأول عن إقراره درئ عنهما القصاص والدية ويؤدى دية المقتول من بيت المال على رواية عمل بها الأصحاب، ولا بأس به، لكن يقتصر على موردها والمتيقن من مورد فتوى الأصحاب، فلو لم يرجع الأول عن إقراره عمل على القواعد، ولو لم يكن بيت مال للمسلمين فلا يبعد إلزامهما أو إلزام أحدهما بالدية، ولو لم يكن لهما مال ففي القود إشكال.[1] .

 

يدل عليه اجماع الاصحاب ولم أجد من خالف ذلك، ورواية علي ابن ابراهيم عن ابيه عن بعض اصحابه رفعه إلى مولانا ابي عبدالله الصادق (عليه السلام).

 

-(محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: اتي أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) برجل وجد في خربة وبيده سكين ملطخ بالدم، وإذا رجل مذبوح يتشحط في دمه فقال له أمير المؤمنين (عليه‌ السلام): ما تقول؟ قال: أنا قتلته، قال: اذهبوا به فأقيدوه به، فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرع ـ إلى أن قال: ـ فقال: أنا قتلته، فقال أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) للاول: ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال: وما كنت أستطيع أن أقول، وقد شهد علي أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي سكين ملطخ بالدم، والرجل يتشحط في دمه، وأنا قائم عليه خفت الضرب فأقررت، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة، وأخذني البول فدخلت الخربة فرأيت الرجل متشحطا في دمه، فقمت متعجبا! فدخل علي هؤلاء فأخذوني، فقال أمير المؤمنين (عليه‌ السلام): خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن، وقولوا له: ما الحكم فيهما، قال: فذهبوا إلى الحسن وقصوا عليه قصتهما، فقال الحسن (عليه‌ السلام): قولوا لامير المؤمنين (عليه‌ السلام): إن كان هذا ذبح ذاك فقد أحيا هذا، وقد قال الله عزّ وجلّ :(ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) يخلى عنهما، وتخرج دية المذبوح من بيت المال)[2] .

ولا أجد نفسي مزيدًا على ما قاله أحد الاساطين ممن عاصرتهم في تعليقه على هذه الرواية القاصرة سندًا. حيث قال (قده): وهذه الرواية وإن كانت قاصرة من حيث السند، لكن متنها يدل على صدورها عن معدن الوحي، وتقرير باب مدينة علم الرسول (صلى الله عليه وآله) وتطابق الاصحاب على العمل بها حتى من لا يعمل إلا بالقطعيات، ولكن لا بد من الاقتصار على العمل بها في موردها فقط، كما صنع ذلك أعاظم الفقهاء وأجلاؤهم الذين هم أمناء الله على حلاله وحرامه (رفع الله تعالى شأنهم).

وهي مشتملة على كرامة باهرة لأكبر سبطي الرسول مع تقرير أمير المؤمنين والصادق (عليهما السلام) ومشايخ الحديث والفقه لها، ولا بد في غير موردها من العمل بالقواعد العامة حسبما إنطبقت عليه، وتقتضي ذلك القاعدة المعمول بها لدى الاصحاب وهي: (الاقتصار على ما خالف الاصول على المتيقن).

قوله (قده): (فلو لم يرجع الأول عن إقراره عمل على القواعد، ولو لم يكن بيت مال للمسلمين فلا يبعد إلزامهما أو إلزام أحدهما بالدية، ولو لم يكن لهما مال ففي القود إشكال).

فمع عدم الرجوع الاول عن إقراره، فإن مقتضى القواعد المعمول بها في المقام هو تخيير ولي الدم في القصاص عن احدهما للإقرار، هذا فيما لو لم يمكن الترجيح لأحدهما دون الآخر كما لو دلت القرائن الموجبة للإطمئنان على احدهما دون الآخر، وذلك كله لأجل عدم إمكانية الجمع لعلمنا الاجمالي بمخالفة احدهما للواقع دون الآخر.نعم يلزما أو احدهما بالدية إن لم يكن بيت مال للمسلمين ومع عدم وجود مال عندهما فالقود ساقط عنهما للرواية المتقدمة أخذًا باطلاقها حتى ولو أوجب ذلك ذهاب دم المسلم هدرًا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo