< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

مسألة (2): يقتص للرجل من المرأة في الأطراف، وكذا يقتص للمرأة من الرجل فيها من غير رد، وتتساوى ديتهما في الأطراف ما لم يبلغ جراحة المرأة ثلث دية الحر، فإذا بلغته ترجع إلى النصف من الرجل فيهما، فحينئذ لا يقتص من الرجل لها إلا مع رد التفاوت[1] .

هذا ما عليه المتقدمون والمتأخرون بلا خلاف كما عن الخلاف[2] للشيخ (قده) إلا ما عن الشيخ نفسه (قده) في خلاف ذلك كما عن نهايته[3] (قده)، وسيأتي الكلام في ذلك ووجه المصالحة في كلام الشيخ بين خلافه ونهايته.

ويدل على ما في المتن لسيدنا (قده) قوله تعالى:

-(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[4] .

من جهة إطلاق نسبة التساوي بين الرجل والمرأة في قصاص الأطراف، وأما ما يبلغ الثلث فقد دلت النصوص الصريحة والصحيحة على ذلك منها:

صحيحة أبان:

-(محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبان بن تغلب، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه ‌السلام): ما تقول في رجل قطع اصبعا من أصابع المرأة، كم فيها؟ قال: عشرة من الابل، قلت: قطع اثنتين؟ قال: عشرون، قلت: قطع ثلاثا؟ قال: ثلاثون، قلت: قطع أربعا؟ قال: عشرون، قلت: سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟! إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول: الذي جاء به شيطان، فقال: مهلا يا أبان هذا حكم رسول الله (صلى‌الله ‌عليه ‌وآله)، إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية، فاذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف، يا أبان انك أخذتني بالقياس، والسنة إذا قيست محق الدين)[5] .

وصحيحة جميل بن دراج :

-(بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، وفضالة، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عن المرأة بينها، وبين الرجل قصاص؟ قال: نعم في الجراحات حتى تبلغ الثلث سواء، فاذا بلغت الثلث سواء ارتفع الرجل وسفلت المرأة)[6] .

هذا ولكن كلام الشيخ (قده) في النهاية (وتساوى جراحهما ما لم تتجاوز ثلث الدية، فإذا بلغ ثلث الدية نقصت المرأة ويزيد الرجل). ويظهر أنه استند في كلامه هذا إلى رواية عبدالله بن ابي يعفور:

-(عن الحسن بن علي، عن كرام، عن ابن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عن رجل قطع اصبع امرأة؟ قال: تقطع اصبعه حتى ينتهي إلى ثلث المرأة، فاذا جاز الثلث اضعف الرجل)[7] .

وصحيحة الحلبي:

-(بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحلبي، قال: سئل أبو عبدالله (عليه ‌السلام) عن جراحات الرجال والنساء في الديات والقصاص سواء؟ فقال الرجال والنساء في القصاص السن بالسن، والشجة بالشجة، والاصبع بالاصبع سواء حتى تبلغ الجراحات ثلث الدية، فاذا جازت الثلث صيرت دية الرجال في الجراحات ثلثي الدية، ودية النساء ثلث الدية)[8] .

 

وحيث أن الشيخ (قده) فهم من الروايتين كون المناط هو عدم التجاوز عن الثلث كما يظهر من عبارته المتقدمة أعلاه في النهاية وهذا ما جعل البعض من الاعلام أن ينسب الخلاف للشيخ (قده) عن الأعم الأغلب من الفقهاء، ولكن عند التأمل يمكن حمل كلامه الاول (ما لم تتجاوز ثلث الدية) على أن مراده من ذلك (بلوغ ثلث الدية) وليس المراد من التجاوز هو العنوان بذاته كما يقتضيه لفظ التجاوز بل بما هو دالًا على إرادة تحقق ما قبل التجاوز وهو البلوغ وهذا يقتضيه قضية الجمع بين صدر كلامه وما بعده وبذلك يمكن الجمع بين الاخبار فلا تعارض في البين. والله العالم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo