< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

مسألة (44): لو اشترك اثنان فما زاد في قتل واحد اقتص منهم إذا أراد الولي، فيرد عليهم ما فضل من دية المقتول، فيأخذ كل واحد ما فضل عن ديته، فلو قتله اثنان وأراد القصاص يؤدي لكل منهما نصف دية القتل، ولو كانوا ثلاثة فلكل ثلثا ديته وهكذا، وللولي أن يقتض من بعضهم ويرد الباقون المتروكون دية جنايتهم إلى الذي اقتص منه، ثم لو فضل للمقتول أو المقتولين فضل عما رده شركاؤهم قام الولي به، ويرده إليهم كما لو كان الشركاء ثلاثة فاقتص من اثنين، فيرد المتروك دية جنايته، وهي الثلث إليهما، ويرد الولي البقية إليهما، وهي دية كاملة، فيكون لكل واحد ثلثا الدية[1] .

 

اتفق الأصحاب على جواز اقتصاص ولي الدم من القاتلين فيما لو اشترك في قتل واحد من محقوني الدم ولو كانوا عشرة وذلك لعمومات الأدلة المتقدمة في المقام، نعم يجب على ولي المقتول أن يرد ما فضل عن دية المقتص فيما لو أراد قتلهم جميعًا، كما يجوز له أن يقتص من بعضهم ويرد الباقون غير المقتص منه دية جنايتهم إلى الذي اُقتص منه بعد أن يرد عليهم ما فضل عن دية المقتص منه بحسبها فلو كان الشركاء ثلاثة مثلًا فاُقتص من اثنين فيرد غير المقتص منه دية جنايته وهي الثلث إليهما ويرد الولي البقية إليهما وهي دية كاملة فيكون لكل واحد ثلثا الدية وهكذا لو كانوا أكثر فالمناط واحد.

وبالرد لا يرد إشكال الاسراف في القتل فيما لو كانوا أكثر من قاتل وأراد ولي الدم أن يقتلهم جميعًا، فمع رد الفاضل تتحقق المثلية الشرعية في الإعتداء لقوله تعالى: (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)[2] .من جهة

ومن جهة ثانية فقد جعل الله تعالى لولي الدم الحق في الاقتصاص: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا)[3] .

فالتقييد إنما هو خصوص الاسراف في القتل وأما المماثلة في الاعتداء مع رد فاضل الدية فلا يحقق عنوان الاسراف في القتل، وعلى أي حال فما ذكر في المتن عليه النصوص الصريحة الصحيحة:

منها صحيحة الحلبي:

-(محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام)، في عشرة اشتركوا في قتل رجل، قال: يخير أهل المقتول فأيهم شاؤوا قتلوا، ويرجع أولياؤه على الباقين بتسعة أعشار الدية)[4] .

ومنها صحيحة عبد الله بن مسكان:

-(عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) في رجلين قتلا رجلا، قال: إن أراد أولياء المقتول قتلهما أدوا دية كاملة وقتلوهما وتكون الدية بين أولياء المقتولين، فان أرادوا قتل أحدهما قتلوه وأدى المتروك نصف الدية إلى أهل المقتول، وإن لم يؤد دية أحدهما ولم يقتل أحدهما قبل الدية صاحبه من كليهما، (وإن قبل أولياؤه الدية كانت عليهما)[5] [6] .

وصحيح الفضيل بن يسار:

-(وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان، عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لابي جعفر (عليه‌ السلام): عشرة قتلوا رجلا، قال: إن شاء أولياؤه قتلوهم جميعا وغرموا تسع ديات، وإن شاؤا تخيروا رجلا فقتلوه وأدى التسعة الباقون إلى أهل المقتول الاخير عشر الدية كل رجل منهم، قال: ثم الوالي بعد يلي أدبهم وحبسهم)[7] .

نعم ما ورد على خلاف ذلك من بعض الروايات من قبيل خبر القاسم بن عروة عن ابي العباس عن مولانا الصادق (عليه السلام):

-(عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس وغيره، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: إذا اجتمع العدة على قتل رجل واحد حكم الوالي أن يقتل أيهم شاؤوا وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد، إن الله عزّ وجلّ يقول: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل)[8] .وهي ضعيفة بالقاسم بن عروة.

فإن لم نقل بعدم تمامية السند فيمكن حملها على التقية لذهاب العامة إلى مفادها، أو تؤول إلى أن المراد منها عدم جواز ولي الدم بقتل أكثر من واحد من غير أن يؤدي ما عليه من الدية. والله العالم.

 


[6]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo