الموضوع: كتاب القصاص.مسألة (37): يصح الاكراه بما دون النفس، فلو قال له: " اقطع يد هذا وإلا قتلتك " كان له قطعها وليس عليه قصاص، بل القصاص على المكره ولو أمره من دون إكراه فقطعها فالقصاص على المباشر، ولو أكرهه على قطع إحدى اليدين فاختار إحداهما أو قطع يد أحد الرجلين فاختار أحدهما فليس عليه شئ، وإنما القصاص على المكره الآمر.[1]

أما قوله (قده) بصحة الإكراه بما دون النفس فذلك لأجل أن دليل الإكراه عام يشمل كل مورد يتحقق فيه الإكراه وخرج عن ذلك قتل النفس لما تقدم من أن الإكراه لا يشمل قتل النفس فراجع، وحينئذ يرتفع الحكم عن المكرَه (بالفتح) لأنه يصير بمثابة الآلة ولأدلة رفع الحكم في مورد الإكراه مضافًا إلى الإجماع كما ذكره صاحب الجواهر (قده) وغيره بالإضافة إلى ضعف المباشر وقوة السبب وبالتالي فلا قصاص على المكرَه (بالفتح) لأن فعله ليس عدوانًا وظلمًا المحقق لموضوع القصاص فيجوز له الإمتثال بقطع يد الآخر أو رجله بل قد يجب مثلًا ليدفع ما هو أعظم من ذلك وهو القتل. وأما أن القصاص على المكرِه (بالكسر)، فلما تقدم من قوة السبب وللإجماع في المقام بعد إفتراض تحقق الشرائط الموجبة للقصاص، وعندئذ فلا فرق في مورد الإكراه بين أن يكون معيّنًا خارجًا أو مرددًا فالحكم يتعلق في الصورتين معًا لتحقق الإكراه فيهما سواءً أمره المكره أن يقطع يده المعينة أو أمره بقطع إحدى يديه واختار المباشر أحدهما.

مسألة (38): لو أكرهه على صعود شاهق فزلق رجله وسقط فمات فالظاهر أن عليه الدية لا القصاص، بل الظاهر أن الأمر كذلك لو كان مثل الصعود موجبا للسقوط غالبا على إشكال.[2]

إنما يتجه كلام السيد الماتن (قده) بوجوب الدية فقط دون القصاص فيما لو لم يكن قاصدًا لقتله بذلك أو لم يكن الفعل بنفسه موجبًا للسقوط والموت ولكن التحقيق في المقام القول بلزوم القصاص على الآمر المكرِه فيما لو كان قاصدًا للقتل أو كان الفعل موجبًا للسقوط غالبًا كما هو ظاهر الحال من عدم خلو الصعود إلى الشاهق من الوقوع والإنزلاق في كثير من الأحيان بل غالبًا خصوصًا إذا كان الشاهق حادًا ومرتفعًا ومخيفًا مع إفتراض كون المأمور غير قادر على التخلص من ذلك كما لو كان مرغمًا مجبورًا. فالأقوى حينئذ ثبوت القصاص ومع عدم ذلك كله فالدية. والله العالم.