< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

مسألة (29): لو ألقاه إلى الحوت فالتقمه فعليه القود، ولو ألقاه في البحر ليقتله فالتقمه الحوت بعد الوصول إلى البحر فعليه القود وإن لم يكن من قصده القتل بالتقام الحوت بل كان قصده الغرق، ولو ألقاه في البحر وقبل وصوله إليه وقع على حجر ونحوه فقتل فعليه الدية، ولو التقمه الحوت قبل وصوله إليه فالظاهر أن عليه القود[1] .

لا إشكال في كون الصورة الأولى: (لو ألقاه إلى الحوت فألتقمه)

والصورة الثانية: (لو ألقاه في البحر ليقتله)

والصورة الرابعة الأخيرة: (لو ألتقمه الحوت قبل وصوله إليه).

لا إشكال في تحقق القتل العمدي حيث أنه في الصور هذه استند القتل مع القصد إلى الأسباب التي تقتل غالبًا وهذا من العمد الموجب للقود كما تقدم من المسائل السابقة.

نعم الصورة الثالثة: (لو ألقاه في البحر وقبل وصوله إليه وقع على حجر ونحوه فقتل). فإن على الملقي الدية وذلك لأن ما وقع لم يُقصد وما قصد وهو الإلقاء في البحر ليقتله لم يتحقق ولكن مع ذلك عليه الدية لكون الموت مستندًا للملقي.

مسألة (30): لو جرحه ثم عضه سبع وسرتا فعليه القود لكن مع رد نصف الدية، ولو صالح الولي على الدية فعليه نصفها إلا أن يكون سبب عض السبع هو الجارح فعليه القود، ومع العفو على الدية عليه تمام الدية[2] .

لو جرحه شخص وبعد ذلك جاء سبُعٌ وعضه وكان موته مستندًا للجناية بالجرح ولعض السبع معًا، فلا إشكال في أن الجارح يؤخذ بالقود ولكن لو قُتل الجارح قصاصًا يجب رد نصف الدية إليه وذلك لعدم كونه السبب الأساس في تحقق القتل بل الجزء الثاني المحقق للقتل كان السبُعُ وإنما يُقتص من الجارح لكونه قد أقدم على جناية عمدية تحقق بها الموت بالسراية وقد تكلمنا عن السراية في المسائل السابقة.

نعم يمكن أن يُقال بأنه لا يجب رد نصف الدية مطلقًا بل قد يكون أكثر منه أو أقل وذلك لأن المرجع في تحديد مقدار السراية إلى عرف أهل الخبرة، وهم يروون بأن السراية لها مراتب ودرجات متفاوتة شدةً وضعفًا، بل قد يكون الجرح صغيرًا وعضة السبُع كبيرة وقاتلة والعكس، وعليه فلا نقول بوجوب رد نصف الدية مطلقًا كما في المتن.

ولا يُقال: بكفاية صرف وجود السراية وعدم ملاحظة مراتبها لخلافه إلى المرتكزات العرفية ومقتضى التفاوت وجدانًا. والله العالم .

قوله (قده): ولو صالح الولي على الدية فعليه نصفها إلا أن يكون سبب عض السبع هو الجارح فعليه القود.

بإعتبار أنه يصير بذلك تمام السبب في القتل. مسألة (31): لو جرحه ثم عضه سبع ثم نهشته حية فعليه القود مع رد ثلثي الدية، ولو صالح بها فعليه ثلثها وهكذا، ومما ذكر يظهر الحال في جميع موارد اشتراك الحيوان مع الانسان في القتل[3] .

ما ذكره الماتن (قده) إنما هو على طبق القواعد حسبما سيأتي إن شاء الله تعالى.. والقاعدة ههنا هي أن كل مورد يشترك فيها الإنسان في القتل مع الحيوان بل مع مطلق ما لا تكليف له كالسبع والكلب والحية وغيرهم فإنه يصح القود مع رد وليّ الدم فاضل الديّة، كما تصح الديّة بالنسبة إلى ما جنى إن نصفًا فنصف وإن ثلثًا فثلث وإن ربعًا فربع وهكذا بلا فرق بين السبع وغيره من الحيوانات وهذا موضع اتفاق العلماء كما هو المأثور عنهم (قدس الله أرواحهم الزكية) وفيه نصوص دالة على ذلك سيأتي التعرّض لها تفصيليًا في محله[4] إن شاء الله، وسيأتي وجود التعارض في الروايات ولكن هذا هو مقتضى الجمع بينها. والله العالم.


[4] في باب الاستيفاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo