< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/01/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

مسألة (1): يتحقق العمد محضا بقصد القتل بما يقتل ولو نادرا، وبقصد فعل يقتل به غالبا، وإن لم يقصد القتل به، وقد ذكرنا تفصيل الأقسام في كتاب الديات[1] .

 

تقدم أن العمدّية تتحقق بقصد القتل اختيارًا منه دون إكراه أو إجبار من أحد، وذلك لتحقق موضوع القصاص فعلًا وواقعًا، وعليه العديد من الروايات منها:

 

صحيحة الحلبي:

( عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبدالله بن مسكان، عن الحلبي، قال: قال أبو عبدالله (عليه‌ السلام): العمد كل ما اعتمد شيئا فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة، فهذا كله عمد، والخطأ من اعتمد شيئا فأصاب غيره)[2] .

وهي واضحة في دلالتها على معنى تحقق العمد وفيها تميّز جليّ بين كل من مفهومي العمد والخطأ.

ومنها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج:

-(محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، وصفوان، وعن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان جميعا، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قال لي أبو عبدالله (عليه‌ السلام): يخالف يحيى بن سعيد قضاتكم؟ قلت: نعم، قال: هات شيئا مما اختلفوا فيه، قلت: اقتتل غلامان في الرحبة فعض أحدهما صاحبه، فعمد المعضوض إلى حجر فضرب به رأس صاحبه الذي عضه فشجه فكز فمات، فرفع ذلك إلى يحيى بن سعيد فأقاده، فعظم ذلك على ابن أبي ليلى وابن شبرمة وكثر فيه الكلام، وقالوا: إنما هذا الخطأ فوداه عيسى بن علي من ماله، قال: فقال: إن من عندنا ليقيدون بالوكزة، وإنما الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره)[3] .

 

وظاهر هذه الصحيحة هو أن الجاني عندما عمد إلى الحجر وهو من الآلات التي من شأنها أن تقتل خصوصًا فيما لو وقعت على الرأس _ وهو من مواضع القتل _ فلا ريب في تحقق عنوان العمد الموجب للقصاص، وهذا ما عليه المشهور _ لا أقل _ وقد ذهب إلى ذلك عامة المتأخرين كما عن صاحب الرياض (قده)[4] وذهب صاحب الجواهر (قده) إلى القول بأنه: (لم أجد فيه خلافًا).

وكل من صحيحة الفضل بن عبد الملك.

-(عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن أبي العباس، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: سألته عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة، أهو أن يعتمد ضرب رجل ولا يعتمد قتله؟ فقال: نعم، قلت: رمى شاة فأصاب إنسانا، قال: ذاك الخطأ الذي لا شك فيه، عليه الدية والكفارة)[5] .

وصحيحة أبي العباس وزرارة:

-(عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي العباس، وزرارة، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: إن العمد أن يتعمده فيقتله بما يقتل مثله، والخطأ أن يتعمده ولا يريد قتله يقتله بما لا يقتل مثله، والخطأ الذي لا شك فيه أن يتعمد شيئا آخر فيصيبه)[6] .

تدلان بوضوح لا ريب فيه على أن الآلة (كالحديدة مثلًا) إذا كانت مما يُقتل بها غالبًا وإن لم يقصد القتل إبتداءً، لأن بها ما يقتل مثله فهو من افراد تعمد القتل كما هو واضح من صحيحة الفضل حيث يقول عليه السلام: (إذا ضرب الرجل بالحديدة فذلك العمد) وكأن الإمام (عليه السلام) نظر مسألة العمدية إلى الآلة التي من شأنها أن تقتل وعبَّر عنه بأنه العمد إلى القتل، مع الالتفات إلى ترتب القتل عليه عادة بإعتبار عدم الإنفكاك عن قصد القتل تبعًا.

وربما لأجل ذلك نفهم الإجماع مما توحي إليه عبارة صاحب الغنية (عليه الرحمة).

وهذا هو الأرجح في النظر وعليه فالحق ما اختاره السيد الماتن (قده) والله العالم

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo