< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/01/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

وهو من الكتب الفقهية المهمّة في الشريعة الغراء، ومنشأ أهميته لكونه ينظم شؤون الحياة الإجتماعية، ومن شأنه أن يحقق العدالة والأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق بين الناس، ويقطع دابر الظلم والتعدي على حرية الآخرين، ويمنع من التجاوز والإجحاف والفوضى بين أفراد المجتمع، وهو قانون عام، يستوي فيه الغني والفقير، والوضيع والشريف والكبير، والرعية والأمير.

وقد وجدت اختلافًا في تسميته عند الفقهاء والأعلام فمنهم من اطلق عليه اسم (كتاب الديات) كما في المراسم لسلار (قده) وجعل الديات والحدود قسمين للجنايات، حيث قال: (أحكام الجنايات على ضربين: أحدهما في قتل النفس والآخر ما دون ذلك، والنفس على ضربين: آدمي ونفس بهيمة، وما في نفس الآدمي على ثلاثة أضراب: ما في العمد، وما في الخطأ شبيه العمد، وما في الخطأ المحض، وما في دون النفس على ضربين: جناية في الأعضاء وجراح)[1] .

وهكذا فعل الشيخ الطوسي (قده) في كتابيه التهذيب والإستبصار ولعله من باب أن موارد الديات في الجنايات اكثر من القصاص بل احيانًا تدخل مسائل القصاص في الديات وذلك فيما إذا لم يطلب وليّ الدم القصاص مثلًا.

ومنهم من سماه (كتاب الجراح) كما في المبسوط للشيخ الطوسي (قده)[2] وربما لأجل أن الجراحة هي من اكثر الطرق المستخدمة في القتل والإعتداء على ما دون النفس من الأطراف كالقطع والشجاج والضرب وغير ذلك، ولهذا يغلب عندهم استخدام عنوان الجراج على القصاص.

ومنهم من أدرجه تحت عنوان (الجنايات) كما فعله السيد ابن زهرة في غنيته[3] والوسيلة[4] لابن حمزة وهكذا أدرج كتابي (الحدود) و (الديات) تحت عنوان (الجنايات) وذلك لأن الجناية لغة: ما يجنيه المرء ويكسبه من شر أو ذنب وأصله من جنى الثمر أي تناوله من شجرته وشرعًا إسم لفعل محرّم شرعًا سواءً وقع الفعل على نفس الإنسان أو أطرافه من قتل أو جرح أو قطع أو ضرب، وما يتعلق بالجنايات من قصاص أو دية أو كفارة، وعليه أدخلوا القصاص تحت عنوان الجنايات.

وقد تجد في بعض كلمات الفقهاء الكرام إطلاق اسم (القِوَد) على القصاص، وذلك لأنهم يقودون الجاني بحبل وما شابه إلى العقاب ويُقال (أقدتُ القاتلَ بالقتل) أي قتله به.

وقد تجد إطلاق اسم الدماء عليه، وربما لأجل أن النتيجة الغالبة لجرائم القتل والجرح والقطع والضرب هي إراقة الدماء، والله العالم.

والواضح أن القصاص من الحقوق وليس من الأحكام وذلك لكونه ينقل إلى الورثة فيصدق عليه (ما كان للميت فهو لورثته).

وقد تقدم منا ذكر الفرق بين الحق والحكم أكثر من مرة وقلنا بأن الحكم جعلُه وإزالتُه بيد الشارع الأقدس، بخلاف الحق فإن جعلُه وإن كان بيد الشارع إلا أن إزالته جعل بيد المكلف إما مع العوض وإما مجانًا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo