< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

مسألة (23): الخمس متعلق بالعين، وتخيير المالك بين دفعه منها أو من مال آخر لا يخلو من إشكال وإن (كان) لا يخلو من قرب، إلا في الحلال المختلط بالحرام فلا يترك الاحتياط فيه باخراج خمس العين، وليس له أن ينقل الخمس إلى ذمته ثم التصرف في المال المتعلق للخمس، نعم يجوز للحاكم الشرعي ووكيله المأذون أن يصالح معه ونقل الخمس إلى ذمته، فيجوز حينئذ التصرف فيه، كما أن للحاكم المصالحة في المال المختلط بالحرام أيضا[1] .تابع المسألة (23):

نقول: ولكنه يرد على ذلك أمران:

الأول: أن لا نسلّم بهذه القاعدة من المساواة بين الزكاة والخمس لإحتمال أن يكون المورد خصوص الزكاة فلا وجه لتعميم الجواب بوجه، اللهمّ إلا أن يُدّعى إلغاء الخصوصية قطعًا أو إطمئنانًا وهذا غير ثابت.

الثاني: ضعف سند الرواية بالبرقي كما لا يخفى.

ومنها: ظاهر الروايات العديدة في المقام في إفادتها لإستبدال العين بالثمن وإنتقال الخمس إلى ذمته وجواز دفع القيمة لاحظ ما رواه الأزدي:

-(محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عمّن حدّثه، عن عمرو بن أبي المقدام، عن الحارث بن حصيرة الأزدي قال: وجد رجل ركازاً على عهد أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) فأبتاعه أبي منه بثلاثمائة درهم ومائة شاة متبع، فلامته اُمّي وقالت: أخذت هذه بثلاثمائة شاة أولادها مائة، وأنفسها مائة وما في بطونها مائة، قال: فندم أبي فانطلق ليستقيله فأبى عليه الرجل فقال: خذ منّي عشر شياة، خذ مني عشرين شاة، فأعياه، فأخذ أبي الركاز وأخرج منه قيمة ألف شاة، فأتاه الآخر فقال: خذ غنمك وآتني ما شئت، فأبى فعالجه فأعياه، فقال: لأضرنّ بك، فاستعدى أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) على أبي فلمّا قص أبي على أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) أمره قال لصاحب الركاز: أدِّ خمس ما أخذت، فإنّ الخمس عليك، فإنّك أنت الذي وجدت الركاز وليس على الآخر شيء لأنّه إنّما أخذ ثمن غنمه)[2] .

وهو ظاهر بل صريح في جواز الدفع من القيمة.

ولاحظ ما رواه أبو بصير والريان بن الصلت:

-(عن الريّان بن الصلت قال: كتبت إلى أبي محمّد (عليه‌ السلام): ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلّة رحى أرض في قطيعة لي، وفي ثمن سمك وبردي وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب: يجب عليك فيه الخمس، إن شاء الله تعالى)[3] .

-(محمّد بن إدريس في آخر (السرائر) نقلاً من كتاب محمّد بن علي بن محبوب: عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: كتبت إليه في الرجل يهدي إليه مولاه والمنقطع إليه هدية تبلغ ألفي درهم أو أقلّ أو أكثر هل عليه فيها الخمس؟ فكتب (عليه‌ السلام): الخمس في ذلك، وعن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال إنّما يبيع منه الشيء بمائة درهم أو خمسين درهماً، هل عليه الخمس؟ فكتب: أمّا ما أكل فلا، وأمّا البيع فنعم، هو كسائر الضياع)[4] .

ولا ريب في ظهورها في إنتقال الخمس إلى القيمة والثمن.

وربما تجد من يستشكل في كل ما ورد من أخبار إما من جهة ضعف السند أو لعدم الوضوح في جهة الدلالة على المدّعى.

فإذا كان الأمر كذلك فالإنصاف أن السيرة العملية الجارية بلا نكير من أحد على جواز التبديل هي من أقوى الأدلة على ذلك ولو لم يكن التبديل جائزًا لشاع وذاع بل الشائع على خلافه.

نعم احتاط الماتن (قده) في المال الحلال المختلط بالحرام بإخراج خمس العين وليس له أن ينقل الخمس إلى ذمته ثم التصرف في المال المتعلق للخمس إلا بالمصالحة مع الحاكم الشرعي أو وكيله وذلك لكون النقل إلى الذمة من عند نفسه لا وجه لصيرورة المال المختلط المشتمل على الحرام قطعًا حلالًا بأجمعه، لأن الحرام الخارجي ولو كان معلومًا بالإجمال إلا أنه لا يصير حلالًا بذلك بعد بقاء عينه وعدم تلفه كما هو المفروض، هذا مضافًا إلى أن إخراج الخمس من العين غالبًا ما يسبب حرجًا على المكلف وأحياناً يتعذر ذلك كما في إعطاء قسم من الدار للفقراء مثلًا.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo