< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

مسألة (16): لو اشترى لمؤونة سنته من أرباحه بعض الأشياء كالحنطة والشعير والدهن والفحم وغير ذلك وزاد منها مقدار في آخر السنة يجب إخراج خمسه قليلا كان أو كثيرا، وأما لو اشترى فرشا أو ظرفا أو فرسا ونحوها مما ينتفع بها مع بقاء عينها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها الا اذا خرجت عن مورد الحاجة، فيجب الخمس فيها على الاحوط[1] .

 

مسألة 16- نقول: في المسألة صورتان: الأولى: ما كان من شأنه أن يتلف ويزول بعد التصرف به ولا يبقى له عين موجودة، كما مثّل له الماتن (قده) من الحنطة والشعير والفحم وغير ذلك كالأرز والسكر.

وفي هذه الأشياء لو اشترى منها لمؤونته من ارباحه فأتلف بعضها وبقي منها شيء زائدٌ عن مؤونته لآخر العام، فإنه والحال هذا يجب الخمس في الزائد قليلًا كان أو كثيرًا وذلك لكون الزائد ليس مصداقًا للمؤونة والمفروض إنقضاء مؤونة السنة وبقاء العين، فيجب الخمس.

الثانية: ما كان من شأنه أن يبقى للسنوات اللاحقة مع الحاجة إليه والإنتفاع منه لكونه مؤونة حالية ومستقبلية كما أشرنا إليه سابقًا في المسألة (13)، فلا يجب فيها الخمس.

نعم إذا خرجت عن مورد الحاجة، ذهب السيد الماتن (قده) إلى الإحتياط الوجوبي في تخميسها في المفروض.

والأقوى عدم وجوب الخمس في المقام وذلك لأن الدليل الذي دلّ على إستثناء المؤونة من وجوب الخمس في الأرباح هو بمثابة المخصّص الافرادي لعموم دليل الخمس فكما أنه يخرج عن دليل العموم في الخمس لهذا العام الذي يحتاج إليه خلال السنة فهو خارج عن عموم الدليل للأعوام القادمة أيضًا لعدم كونه مقيدًا بزمن معيّن وليس مقيدًا أيضًا بعدم الإستغناء في السنين القادمة.

والمحصّل: أن المؤونة من هذا الفرد الخارج عن دليل وجوب الخمس فيه لا تشمله إطلاقات الخمس، وإذا شككنا بوجوب تخميسه وعدمه فمقتضى الإستصحاب عدم الوجوب، بل يمكن القول بجريان أصالة البراءة بلا منازع وبالتالي لا وجه للإحتياط المذكور في المتن.

وبعبارة أخرى: إن المناط هو صدق المؤونة عليه ليخرج عن دليل وجوب الخمس فيه، فإذا ما تحقق عنوان المؤونة وخرج عن تحت دائرة العموم فلا مقتضى بعد ذلك لدخوله إلا بدليل آخر وهو مفقود، وعليه نقول: إن هذا الربح حين حدوثه لم يشمله دليل الوجوب لإعتبار كونه مؤونة، وأما بقاؤه لا يصدق عليه عنوان الربح الجديد، فلا خمس. والله العالم.

مسألة (17): إذا احتاج إلى دار لسكناه مثلا ولا يمكنه شراؤها إلا من أرباحه في سنين عديدة فالأقوى أنه من المؤونة إن اشترى في كل سنة بعض ما يحتاج إليه الدار، فاشترى في سنة أرضها مثلا، وفي أخرى أحجارها، وفي ثالثة أخشابها وهكذا، أو اشترى مثلا أرضها وأدى من سنين عديدة قيمتها إذا لم يمكنه إلا كذلك، وأما إبقاء الثمن في سنين للاشتراء فلا يعد من المؤونة، فيجب إخراج خمسه، كما أن جمع صوف غنمه من سنين عديدة لفراشه اللازم أو لباسه إذا لم يمكنه بغير ذلك يعد من المؤونة على الأقوى، وكذلك اشتراء الجهيزية لصبيته من أرباح السنين المتعددة في كل سنة مقدارها يعد من المؤونة لا إبقاء الأثمان للاشتراء.[2]

مسألة 17 – نقول: ما ذكره سيدنا الماتن (قده) من الكيفية لشراء الدار أو لبنائه، إذا كانت على النحو الذي لا يتم بها الشراء أو البناء إلا في الكيفية المذكورة، فلا إشكال في كونه مصداقًا لعنوان المؤونة في ذلك عرفًا، وتقدم منا في المسألة (13) صدق عنوان المؤونة على ما لو كانت حالية فعلية في أثناء السنة أو مستقبلية لسنوات عديدة لاحقة، والمفروض أن الدار (شراءً أو بناءٍ) لا يتسنى الحصول عليه عند غالب الناس إلا من ارباح سنوات عديدة وإلا لما حصل السواد الأعظم من الناس على دار للسكنى من ارباح سنة واحدة، فلا بد من أن تُقدر المؤونة بحسب شأنها وماهيتها. هذا طبعًا منوط ومقيد بعدم قدرة المكلف على شراء الدار أوبنائه إلا في سنوات، وإلا فلا يستثنى ما زاد عن السنة.

وعليه فلو اشترى الأرض في عام، وفي الآخر اشترى الأحجار مثلًا، وفي الثالث اشترى الحديد وهكذا لقلنا بالإستثناء بلا تردد لما تقدم.

ويمكن القول على المفروض، أي فرق بين أن يحتفظ بالحجارة والحديد والخشب مثلًا في كل عام، وبين أن يبقيها أموالًا نقدية إلى حين إكتمال الثمن لشراء الدار مثلًا.

فلو فعل ذلك هل يكون خروجًا عن المؤونة المستثناة أو لا؟.

الظاهر العدم وذلك لأن المناط واحد في كل من الأمرين فما الفارق بين مشتري بالألف دينار الحديد ويحتفظ به وقد يكون عرضة للتلف أو السرقة مثلًا، وبين أن يحتفظ به في البنك المعد للأمن من السرقة مثلًا.

هذا ولكن المسألة تحتاج إلى مزيد من التأمل والإحتياط لا ينبغي تركه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo