< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

مسألة (4): لا فرق فيما يخرج بالغوص بين البحر والأنهار الكبيرة كدجلة والفرات والنيل إذا فرض تكون الجواهر فيها كالبحر[1] .

مسألة 4- وهو الصحيح وذلك لكون الأدلة المتقدمة ناظرة كون البحر ما يتكون فيه مثل اللؤلؤ والمرجان والزبرجد ونحوها، فيكون ذكر البحر من باب المثال لما يتكون فيه ذلك، وعليه فذكر البحر ملحوظ فيه الغالب مما يؤخذ منه الجواهر واللآلي، وهذا لا يوجب تغييرًا به.

مسألة (5): لو غرق شئ في البحر وأعرض عنه مالكه فأخرجه الغواص ملكه، والأحوط إجراء حكم الغوص عليه إن كان من الجواهر، وأما غيرها فالأقوى عدمه[2] .

مسألة 5- أما أن الغواّص يملكه فيما لو أعرض عنه مالكه فهو مقتضى قاعدة الحيازة (من حاز ملك) وظاهر فتاوى الفقهاء قديمًا وحديثًا وربما منشأ ذلك قوله (عليه السلام) في كتاب اللقطة باب حكم ما لو غرقت السفينة وما فيها، فاخذ الناس المتاع من الساحل، واستخرجوه بالغوص.

-(محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: وإذا غرقت السفينة وما فيها، فأصابه الناس، فما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله، وهم أحقّ به، وما غاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم)[3] .

-(محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي عبد الله، عن منصور بن العبّاس، عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن أمية بن عمرو، عن الشعيري، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن سفينة انكسرت في البحر، فأخرج بعضها بالغوص، وأخرج البحر بعض ما غرق فيها، فقال: أمّا ما أخرجه البحر فهو لأهله، الله أخرجه، وأمّا ما أخرج بالغوص فهو لهم، وهم أحقّ به)[4] .

وأما ما ذكره الماتن (قده) من الإحتياط وظاهره وجوبه، فهو غير واضح، نعم هو حسن على كل حال، وذلك لإحتمال تعلق الخمس فيما يخرج من الجواهر بالغوص مطلقًا سواءً ما يتكون في البحر أم ما يغرق فيه بعد أن تكوّن فيه بالأصل، ولكنه خلاف الظاهر، وربما لأجل ذلك ميّز السيد الماتن (قده) بين الجواهر وغيرها، ذلك لأن الجواهر تتكون في البحر من الأساس.

 

مسألة 6 - لو أخرج العنبر بالغوص جرى عليه حكمه، وإن أخذ على وجه الماء أو الساحل فمن أرباح المكاسب إذا أخذه المشتغل بذلك، ومع العثور الاتفاقي دخل في مطلق الفائدة[5] .

مسألة 6- أما قوله (قده): (لو أخرج العنبر بالغوص جرى حكمه) فواضح ذلك لكونه مشمولاً لإطلاق الأدلة، وأن ما يخرج بالغوص يأخذ أحكامه من وجوب الخمس من جهة الغنيمة التي يجب الخمس فيها فورًا، وهذا لا خلاف فيه.

وأما قوله (قده): (وإن أخذ على وجه الماء أو الساحل . . . إلى آخر المسألة).

فقد وقع الكلام في ذلك بين الأعلام في عدة أقوال.

1 – ما اختاره الشيخ كاشف الغطاء (قده) في ما حكي عن كشفه[6] من عدم إجراء حكم الغوص عليه في جميع صورة بل في خصوص صورة الغوص خاصة.

2 – ما عن المقنعة للشيخ المفيد[7] (قده) من أن العنبر من المعادن، فيجري عليه حكمها واختاره المحقق الهمداني (قده) في مصباحه (مصباح الفقيه)[8] ، وقال بأن العنبر لا يتكون إلا في البحر، فيصدق عليه أنه معدن ولو من باب التوسع.

واخذوا بتفسير العنبر أنه (نبع عين في البحر).

وتقدم منّا أن المعادن من الموضوعات العرفية واللازم الرجوع فيها إلى العرف وليس إلى اللغة ولا إلى الفقيه لعدم كونهما من أهل الخبرة في تحديد ذلك. خصوصًا أن أهل اللغة إختلفوا كثيرًا في مفهوم العنبر.

فما عن القاموس[9] أنه (روث دابة بحرية) أو نبع عين فيه،

وعن المبسوط أنه نبات في البحر،

وذكر صاحب السرائر[10] (قده) عن كتاب الحيوان للجاحظ (أنه يقذفه البحر إلى جزيرة، فلا يأكل منه شيء إلا مات، ولا ينقره طير بمنقاره إلا نصل فيه منقارُه، وإذا وضع رجليه عليه نصلت أظافره).

وفي البيان[11] (قال أهل الطب: هو جماجم تخرج من عين في البحر، أكبرها وزنه ألف مثقال).

وفي الحدائق[12] عن كتاب مجمع البحرين عن كتاب حياة الحيوان (العنبر المسموم قبل أن يخرج من قعر البحر يأكله بعض دوابه لدسومته فيقذفه رجيعًا، فيطفوا على الماء، فيلقيه الريح إلى الساحل) وغير ذلك، ولكن كما ترى، وكما قلنا سابقًا بأنه لا مدخلية لأهل اللغة في تحديد ذلك.

3 – ما عن صاحب المدارك[13] (قده) حيث ذهب إلى وجوب تخميسه في مطلق الصور، وذلك لتمسكه -كما أظن - بإطلاق صحيحة الحلبي المتقدمة:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله (عليه‌ السلام) عن العنبر وغوص اللؤلؤ؟ فقال: عليه الخمس)[14] .

حيث حكم الإمام (عليه السلام) بثبوت الخمس جوابًا عن إطلاقات السؤال عن العنبر وغوص اللؤلؤ، وترك ُ الإستفصال في جوابه (عليه السلام) يدل على المرام.

ولكن يرد عليه بإنصرافه إلى الغوص دون مطلقه، مع إنتفاء موضوع الغوص ههنا فينتفي حكمه، لا أقل من موافقة المشهور على ذلك، كما عن الشرائع[15] ، وكما عن منتهى المطلب[16] ، وتذكرة الفقهاء[17] ، والدروس الشرعية للشهيد الأول[18] (قده)، ومسالك الأفهام للشهيد الثاني[19] (قده)، والحدائق الناضرة[20] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo