< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

القول فيما يجب فيه الخمس يجب الخمس في سبعة أشياء:

الأول: ما يغتنم قهرا بل سرقة وغيلة إذا كانتا في الحرب ومن شؤونه - من أهل الحرب الذين يستحل دماؤهم وأموالهم وسبي نسائهم وأطفالهم إذا كان الغزو معهم بإذن الإمام عليه السلام من غير فرق بين ما حواه العسكر وما لم يحوه كالأرض ونحوها على الأصح، وأما ما اغتنم بالغزو من غير إذنه فإن كان في حال الحضور والتمكن من الاستئذان منه فهو من الأنفال، وأما ما كان في حال الغيبة وعدم التمكن من الاستئذان فالأقوى وجوب الخمس فيه سيما إذا كان للدعاء إلى الاسلام، وكذا ما اغتنم منهم عند الدفاع إذا هجموا على المسلمين في أماكنهم ولو في زمن الغيبة، وما اغتنم منهم بالسرقة والغيلة غير ما مر وكذا بالربا والدعوى الباطلة ونحوها فالأحوط إخراج الخمس منها من حيث كونه غنيمة لا فائدة فلا يحتاج إلى مراعاة مؤونة السنة، ولكن الأقوى خلافه، ولا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين دينارا على الأصح، نعم يعتبر فيه أن لا يكون غصبا من مسلم أو ذمي أو معاهد ونحوهم من محترمي المال، بخلاف ما كان في أيديهم من أهل الحرب وإن لم يكن الحرب معهم في تلك الغزوة، والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأي نحو كان، ووجوب إخراج خمسه[1] ".يجب الخمس في سبعة أشياء: الأول: (الغنائم).

أقول: في المسألة عدة قضايا وتفريعات أكثرها خارجة عن محل الإبتلاء في زماننا الحاضر (زمن غيبة مولانا الأعظم روحي له الفداء)، ولذلك نقتصر في ماهو المناسب من دون ذكر النقض والإبرام بين الأعلام .

أما أولاً: قوله: (الغنائم المأخوذة من الكفار من أهل الحرب قهرًا بالمقاتلة) فهو ممّا دلت عليه الآية الكريمة والكفار من أبرز مصاديق الحرب معهم ومقاتلتهم، بالإضافة إلى إجماع المسلمين على ذلك، هذا مع وجود الروايات العديدة المتواترة والمنقولة من الفريقين وسيأتي التعرض للبعض منها.

وأما قوله (قده): (إذا كان الغزو معهم بإذن الإمام (عليه السلام) من غير فرق بين ما حواه العسكر وما لم يحوه كالأرض ونحوها على الأصح).

وهذا هو الأصح وذلك لإطلاق الدليل الشامل للمنقول وغير المنقول كالأراضي والأشجار وغيرها، ولتعلق الخمس بها وللروايات التي نفهم منها الإطلاق بقوله (عليه السلام) (فغنموا)

-(عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن الحسن بن أحمد بن يسار، عن يعقوب، عن العبّاس الورّاق، عن رجل سمّاه، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: إذا غزا قوم بغير إذن الإِمام فغنموا كانت الغنيمة كلّها للإِمام، وإذا غزوا بأمر الإِمام فغنموا كان للإِمام الخمس)[2] .

-(وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قال: كلّ شيء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله فإنّ لنا خُمُسه ولا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل إلينا حقّنا)[3] .

وبذلك يمكن الردّ على ما ذهب إليه صاحب الحدائق[4] (قده)

حيث ناقش التعميم بأن ما يدل على قسمة الخمس ظاهر في المنقول دون غيره.

وأما قوله (قده): (وأما ما كان في حال الغيبة وعدم التمكن من الإستئذان فالأقوى وجوب الخمس فيه سيما إذا كان للدعاء إلى الإسلام، وكذا ما أغتنم منهم عند الدفاع إذا هجموا على المسلمين في أماكنهم ولو في زمن الغيبة).

أقول: ما ذهب إليه الماتن (قده) محل تأمل ولا يخلو من إشكال وذلك لعدم تمامية الدليل، والإطلاق مقيد بزمن الحضور لما تقدم من رواية العباس الوراق).

-(عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن الحسن بن أحمد بن يسار، عن يعقوب، عن العبّاس الورّاق، عن رجل سمّاه، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: إذا غزا قوم بغير إذن الإِمام فغنموا كانت الغنيمة كلّها للإِمام، وإذا غزوا بأمر الإِمام فغنموا كان للإِمام الخمس)[5] .

والمحصّل أنه إذا كان للدعاء إلى الإسلام وكان ذلك في زمن غيبة الإمام (عليه السلام) أو لا يمكن الإستئذان منه فإن الأحوط تخميسه وذلك لأجل إمكان إدعاء الإطلاق من جهة، ولإمكان إختصاصه في زمن الحضور كما تقدم وموافقة للمشهور.

وأما ما يؤخذ منهم عند الدفاع معهم إذا هجموا على المسلمين في أمكنتهم، ولو في زمن الغيبة فيجب إخراج الخمس من جميع ذلك فوراً دون الإنتظار إلى آخر السنة لتخميس ما بقي منها وذلك لأن هذا إنما هو مختص بأرباح المكاسب دون سواها.

وأما قوله (قده): (وما أغتنم منهم بالسرقة والغيلة غير ما مرّ وكذا بالربا والدعوى الباطلة ونحوها، فالأحوط إخراج الخمس منها من حيث كونه غنيمة لا فائدة، فلا يحتاج إلى مراعاة مؤونة السنة، ولكن الأقوى خلافه).

أقول: يمكن التفريق بين الأمرين فإن ما يؤخذ منهم غيلة أو سرقة يصدق عليه عنوان الغنيمة وذلك لأن المراد بالغنيمة هو أن تستولي على مال الكفار بغير رضاهم، وأما عنوان القتال والحصول على مالهم معهم بأنه وجه من وجوه ما يغتنمه المسلم وأحد طرقه، والمناط في الغنيمة هو الإستيلاء على أموالهم بغير رضاهم.

بخلاف ما يأخذه منهم بالربا والدعوى الباطلة ونحوها، فإنه لا يصدق عليه عنوان الغنيمة وذلك لأنه ليس من وجوهها وأفرادها بالمعنى الخاص بل كان خارجًا عنها موضوعًا وداخلًا تحت عنوان الفوائد المكتسبة وذلك لإعتبار إطلاق الآية الكريمة (وحرم الربا) والرواية ضعيفة فلا تكون مقيدة وبالتالي إما أن نقول يجوز إستحلال الكافر بأي طريق وكيف ما كان، أو، لا نقول بذلك ولا يتعلق به الخمس فيلحق بها ويعتبر فيه الزيادة عن مؤونة السنة، وإن كان الأحوط إخراج خمسه مطلقًا وفاقًا للمشهور.

وأما قوله (قده): (ولا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين دينارا على الأصح)

وهو الأصح، وذلك لإطلاق الدليل في الآية: ﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [6] .

والروايات المتقدمة منها:

رواية العباس الوراق (فغنموا) مطلقاً، ولا يوجد حتى رواية ضعيفة مقيدة لهذا الإطلاق، ولم يخالف في ذلك إلا الشيخ المفيد(قده) كما حكي عنه في مختلف الشيعة[7] (مسألة 148) . وقال صاحب الجواهر(قده): ( لا أعرف خلافاً في عدم الإعتبار سوى ما يحكى عن ظاهر المفيد (قده) وهو ضعيف لا نعرف له موافقاً ولا دليلاً[8] .

والمحصل: يجب تخميس الغنيمه _بالغ ما بلغت كثرت أو قلت_ ولو لم تبلغ النصب.

قوله (قده): (نعم يعتبر فيه أن لا يكون غصبا من مسلم أو ذمي أو معاهد ونحوهم من محترمي المال، بخلاف ما كان في أيديهم من أهل الحرب وإن لم يكن الحرب معهم في تلك الغزوة)

أقول: إن ذلك لأجل أصالة إحترام مال كل إنسان إلا ما خرج بدليل خاص كما في الحربي، وإننا نجد بعد التأمل في روح الشريعة الإسلامية أنه ما اهتم الإسلام السمح كما إهتم بأموال وأعراض الناس والحفاظ على ممتلكاتهم، وعدم التعرض لها بسوء، نعم بخلاف ما كان بأيديهم من اهل الحرب جاز أخذه لكونه ليس لهم _ بل هو للحربي وتقدم جواز أخذه ووجوب تخميسه لأنه غنيمة.


[7] مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، العلامة الحلّی، ج3، ص191، ط دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم‌.
[8] جواهر الكلام، الشيخ محمّدحسن النّجفي، ج16، ص13، ط دار إحياء التراث العربي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo