< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب اللعان.

تابع: مسألة (16): إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه أحكام أربعة: الأول - انفساخ عقد النكاح والفرقة بينهما، الثاني - الحرمة الأبدية، فلا تحل له أبداً ولو بعقد جديد، وهذان الحكمان ثابتان في مطلق اللعان، سواء كان للقذف أو لنفي الولد، الثالث - سقوط حد القذف عن الزوج بلعانه، وسقوط حد الزنا عن الزوجة بلعانها، فلو قذفها ثم لاعن ونكلت هي عن اللعان تخلص الرجل عن حد القذف، وتحد المرأة حد الزانية، لأن لعانه بمنزلة البينة في إثبات الزنا، الرابع - انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة إن تلاعنا لنفيه، بمعنى أنه لو نفاه وإدعت كونه له فتلاعنا لم يكن توارث بين الرجل والولد، وكذا بين الولد وكل من انتسب إليه بالأبوة كالجد والجدة والأخ والأخت للأب وكذا الأعمام والعمات، بخلاف الأم ومن انتسب إليه بها، حتى أن الإخوة للأب والأم بحكم الإخوة للأم[1] .

وأما ذكره في الأثر الثالث فذلك لمنطوق الآية الكريمة:

(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)[2] .

ولصحيح زرارة:

-(محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: إن عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه‌ السلام) ـ وأنا عنده حاضر ـ كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال: إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، فقال: يا رسول الله! أرأيت لو أن رجلا دخل منزله، فرأى مع امرأته رجلا يجامعها، ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، فانصرف الرجل، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى بذلك من امرأته، قال: فنزل الوحي من عند الله عزّ وجلّ بالحكم فيها، قال: فأرسل رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) إلى ذلك الرجل، فدعاه فقال: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال: نعم، فقال له: انطلق فايتني بامرأتك، فان الله عزّ وجلّ قد أنزل الحكم فيك وفيها، قال: فأحضرها زوجها فوقفها رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) وقال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله انك لمن لصادقين فيما رميتها به، قال: فشهد، قال: ثمّ قال رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله): أمسك ووعظه، ثمّ قال: اتق الله فإن لعنة الله شديدة، ثمّ قال: اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين، قال: فشهد فأمر به فنحي، ثمّ قال (عليه‌ السلام) للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به، قال: فشهدت ثمّ قال لها: امسكي، فوعظها، ثمّ قال لها: اتقي الله، فان غضب الله شديد، ثمّ قال لها: اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به، قال: فشهدت، قال: ففرق بينهما، وقال لهما: لاتجتمعا بنكاح أبدا بعد، ما تلاعنتما)[3] .

ويفيد ما ذكره الماتن (قده) في الثالث.

وأما الأثر الرابع بقوله (قده) (إنتفاء الولد عن الرجل دون المرأة الخ ...) فذلك لأجل اقرارها بأن الولد منه ومنها، وإنما اللعان أثبت نفيه عنه دونها وفي هذه الحالة لم يكن توارث بين الرجل والولد لانتفاء النسبة بينهما شرعاً فلا موضوع للوراثة في المقام، بالإضافة إلى مدلول رواية زرارة:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام): أن ميراث ولد الملاعنة لامه فإن كانت امه ليست بحيّة، فلأقرب الناس من أمه لأخواله)[4] .

-(قال: وفي خبر آخر، ثمّ يقوم الرجل فيحلف أربع مرات بالله انه لمن الصادقين فيما رماها به، ثمّ يقول له الإمام: اتق الله، فان لعنة الله شديدة، ثمّ يقول الرجل: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به، ثمّ تقوم المرأة فتحلف أربع مرات بالله انه لمن الكاذبين فيما رماها به، ثمّ يقول لها الامام: اتقي الله، فان غضب الله شديد، ثمّ تقول المرأة: غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به. فان نكلت رجمت، ويكون الرجم من ورائها ولا ترجم من وجهها، لان الضرب والرجم لا يصيبان الوجه، يضربان على الجسد على الاعضاء كلّها، ويتّقي الوجه والفرج، وإذا كانت المرأة حبلى لم ترجم، وإن لم تنكل درأ عنها الحد وهو الرجم، ثمّ يفرّق بينهما ولا تحل له أبدا، وإن دعا أحد ولدها: ابن الزانية جلد الحد، فان ادعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده، ولم ترجع إليه امرأته، فان مات الاب ورثه الابن وإن مات الابن، لم يرثه الاب، ويكون ميراثه لامه، فان لم يكن له ام فميراثه لاخواله، ولم يرثه أحد من قبل الاب، وإذا قذف الرجل امرأته وهي خرساء فرق بينهما، والعبد إذا قذف امرأته تلاعنا كما يتلاعن الاحرار، ويكون اللعان بين الحر والحرة وبين المملوك والحرة، وبين الحر والمملوكة، وبين العبد والامة، وبين المسلم واليهودية والنصرانية).[5]

 

مسألة (17): لو كذب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه لا فيما له، فيرثه الولد ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به ولا يرث الولد أقارب أبيه باقراره.[6]

 

مسألة 17 – وذلك لصحيح الحلبي:

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) ـ في حديث ـ قال: سألته عن الملاعنة التي يقذفها زوجها، وينتفي من ولدها ،فيلاعنها ويفارقها، ثمّ يقول بعد ذلك: الولد ولدي، ويكذب نفسه؟ فقال: أما المرأة فلا ترجع إليه، وأما الولد فإني أرده عليه إذا ادعاه ولا أدع ولده، وليس له ميراث، ويرث الابن الاب، ولا يرث الأب الابن، يكون ميراثه لاخواله، فان لم يدعه أبوه فان أخواله يرثونه ولا يرثهم فإن دعاه أحد ابن الزانية جلد الحد)[7] .

-(قال: وفي خبر آخر، ثمّ يقوم الرجل فيحلف أربع مرات بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به، ثمّ يقول له الإمام: إتق الله، فإن لعنة الله شديدة، ثمّ يقول الرجل: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به، ثمّ تقوم المرأة فتحلف أربع مرات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به، ثمّ يقول لها الإمام: إتقي الله، فإن غضب الله شديد، ثمّ تقول المرأة: غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به. فإن نكلت رجمت، ويكون الرجم من ورائها ولا ترجم من وجهها، لأن الضرب والرجم لا يصيبان الوجه، يضربان على الجسد على الاعضاء كلّها، ويتّقي الوجه والفرج، وإذا كانت المرأة حبلى لم ترجم، وإن لم تنكل درأ عنها الحد وهو الرجم، ثمّ يفرّق بينهما ولا تحل له أبدا، وإن دعا أحد ولدها: ابن الزانية جلد الحد، فان ادعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده، ولم ترجع إليه امرأته، فان مات الأب ورثه الأبن وإن مات الأبن، لم يرثه الأب، ويكون ميراثه لامه، فان لم يكن له ام فميراثه لاخواله، ولم يرثه أحد من قبل الاب، وإذا قذف الرجل امرأته وهي خرساء فرق بينهما، والعبد إذا قذف امرأته تلاعنا كما يتلاعن الاحرار، ويكون اللعان بين الحر والحرة وبين المملوك والحرة، وبين الحر والمملوكة، وبين العبد والامة، وبين المسلم واليهودية والنصرانية).[8]

مضافاً إلى ما قام عليه الاجماع ومنه يظهر الفرق بين ولد الملاعنة وبين ولد الزنا. والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo