< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب اللعان.

مسألة (15): يجب أن يكونا قائمين عند التلفظ بألفاظهما الخمسة، وهل يعتبر أن يكونا قائمين معاً عند تلفظ كل منهما أو يكفي قيام كل عند تلفظه بما يخصه؟ أحوطهما الأول، بل لا يخلو من قوة[1] .

مسألة 15 – أما وجوب أن يكونا قائمين عند التلفظ ...الخ فيدل عليه ظاهر النصوص الصريحة والصحيحة الدالة على ذلك كل من صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج:

وصحيح جميل بن دراج وصحيح علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام)

-(محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: إن عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه‌ السلام) ـ وأنا عنده حاضر ـ كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال: إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، فقال: يا رسول الله! أرأيت لو أن رجلاً دخل منزله، فرأى مع امرأته رجلاً يجامعها، ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، فانصرف الرجل، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى بذلك من امرأته، قال: فنزل الوحي من عند الله عزّ وجلّ بالحكم فيها، قال: فأرسل رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) إلى ذلك الرجل، فدعاه فقال: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلاً؟ فقال: نعم، فقال له: انطلق فايتني بامرأتك، فإن الله عزّ وجلّ قد أنزل الحكم فيك وفيها، قال: فأحضرها زوجها فوقفها رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) وقال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله انك لمن لصادقين فيما رميتها به، قال: فشهد، قال: ثمّ قال رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله): أمسك ووعظه، ثمّ قال: إتق الله فإن لعنة الله شديدة، ثمّ قال: إشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين، قال: فشهد فأمر به فنحي، ثمّ قال (عليه‌ السلام) للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به، قال: فشهدت ثمّ قال لها: امسكي، فوعظها، ثمّ قال لها: اتقي الله، فإن غضب الله شديد، ثمّ قال لها: إشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به، قال: فشهدت، قال: ففرق بينهما، وقال لهما: لاتجتمعا بنكاح أبداً بعد، ما تلاعنتما)[2] .

وصحيح جميل بن دراج:

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن جميل، عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه‌ السلام) عن الملاعن والملاعنة، كيف يصنعان؟ قال: يجلس الامام مستدبر القبلة، يقيمهما بين يديه مستقبل القبلة بحذائه، ويبدأ بالرجل ثمّ المرأة، والتي يجب عليها الرجم ترجم من ورائها، ولا ترجم من وجهها، لان الضرب والرجم لا يصيبان الوجه، يضربان على الجسد على الأعضاء كلها)[3] .

وصحيح علي بن جعفر: عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام ):

-(عن محمّد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن (عليه‌ السلام) ـ في حديث ـ قال: سألته عن الملاعنة، قائما يلاعن أم قاعداً؟ قال: الملاعنة وما أشبهها من قيام)[4] .

نعم ما ورد في المرسل عن مولانا الصادق (عليه السلام):

عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه‌ السلام)، كيف الملاعنة؟ فقال: يقعد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة، ويجعل الرجل عن يمينه، والمرأة عن يساره)[5] .

فهو قاصر سنداً فلا ينهض لدحض ما تقدم.

ثم لو اغفلنا ارسالها فضممنا هذه الرواية مع ما تقدم فمقتضى الجمع العرفي ان هذه الرواية مجمله وليست ناظرة الى حال المتلفظ كونه قائم او لا فنجمعها مع ما تقدم بان يجعل الرجل عن يمينه قائماً والمراة عن يساره قائمةً، والله العالم.

 

مسألة (16): إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه أحكام أربعة: الأول - انفساخ عقد النكاح والفرقة بينهما، الثاني - الحرمة الأبدية، فلا تحل له أبداً ولو بعقد جديد، وهذان الحكمان ثابتان في مطلق اللعان، سواء كان للقذف أو لنفي الولد، الثالث - سقوط حد القذف عن الزوج بلعانه، وسقوط حد الزنا عن الزوجة بلعانها، فلو قذفها ثم لاعن ونكلت هي عن اللعان تخلص الرجل عن حد القذف، وتحد المرأة حد الزانية، لأن لعانه بمنزلة البينة في إثبات الزنا، الرابع - انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة إن تلاعنا لنفيه، بمعنى أنه لو نفاه وإدعت كونه له فتلاعنا لم يكن توارث بين الرجل والولد، وكذا بين الولد وكل من انتسب إليه بالأبوة كالجد والجدة والأخ والأخت للأب وكذا الأعمام والعمات، بخلاف الأم ومن انتسب إليه بها، حتى أن الإخوة للأب والأم بحكم الإخوة للأم[6] .

مسألة 16 – ويدل على كل من هذه الاحكام الأربعة التي تترتب على وقوع اللعان بين الزوج وزوجه مما ذكره الماتن (قده) كالتالي:

أما الأثر الأول وهو انفساخ عقد النكاح والفرقة بينهما فهذا ما أجمعت عليه الطائفة الإمامية مضافاً إلى النصوص العديدة في المقام منها في صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج:

-(محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: إن عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه‌ السلام) ـ وأنا عنده حاضر ـ كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال: إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، فقال: يا رسول الله! أرأيت لو أن رجلا دخل منزله، فرأى مع امرأته رجلا يجامعها، ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، فانصرف الرجل، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى بذلك من امرأته، قال: فنزل الوحي من عند الله عزّ وجلّ بالحكم فيها، قال: فأرسل رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) إلى ذلك الرجل، فدعاه فقال: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلاً؟ فقال: نعم، فقال له: انطلق فايتني بامرأتك، فان الله عزّ وجلّ قد أنزل الحكم فيك وفيها، قال: فأحضرها زوجها فوقفها رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) وقال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله انك لمن لصادقين فيما رميتها به، قال: فشهد، قال: ثمّ قال رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله): أمسك ووعظه، ثمّ قال: اتق الله فإن لعنة الله شديدة، ثمّ قال: اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين، قال: فشهد فأمر به فنحي، ثمّ قال (عليه‌ السلام) للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به، قال: فشهدت ثمّ قال لها: امسكي، فوعظها، ثمّ قال لها: اتقي الله، فان غضب الله شديد، ثمّ قال لها: اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به، قال: فشهدت، قال: ففرق بينهما، وقال لهما: لاتجتمعا بنكاح أبداً بعد، ما تلاعنتما)[7] .

ففي صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج عن مولانا الصادق (عليه السلام): أن رسول الله (صلوات الله عليه وآله وسلم) بعد ما تم اللعان: (فرّق بينهما وقال لهما: لا تجتمعا بنكاح ابداً بعدما تلاعنتما).

وأما الأثر الثاني وهو الحرمة الأبدية، فلا تحل له ابداً ولو بعقد جديد، فيدل عليه معتبرة زرارة:

-(عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن المثنى، عن زرارة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه‌ السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ((والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم)، قال: هو القاذف الذي يقذف امرأته، فإذا قذفها ثمّ أقر أنه كذب عليها جلد الحد، وردت إليه امرأته، وإن أبى إلا أن يمضي فيشهد عليها أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين، والخامسة يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين، وإن أرادت أن تدرأ عن نفسها العذاب ـ والعذاب: هو الرجم ـ شهدت أربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإن لم تفعل رجمت وإن فعلت درأت عن نفسها الحد، ثمّ لا تحل له إلى يوم القيامة، قلت: أرأيت إن فرق بينهما ولها ولد فمات، قال: ترثه أمّه، فان ماتت امه ورثه أخواله، ومن قال: إنه ولد زنا جلد الحد، قلت: يرد إليه الولد إذا أقرّ به؟ قال: لا، ولا كرامة، ولا يرث الابن ويرثه الابن)[8] .

-(علي بن الحسين المرتضى في رسالة (المحكم والمتشابه): نقلاً من (تفسير) النعماني بإسناده الآتي عن علي (عليه ‌السلام)، قال: إن رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) لما رجع من غزاة تبوك قام إليه عويمر بن الحارث، فقال: إن امرأتي زنت بشريك بن السمحاط، فأعرض عنه، فأعاد إليه القول، فأعرض عنه، فأعاد عليه ثالثة، فقام، ودخل، فنزل اللعان، فخرج إليه، وقال: ائتني بأهلك، فقد أنزل الله فيكما قرآنا، فمضى، فأتاه بأهله، وأتى معها قومها، فوافوا رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، وهو يصلّي العصر، فلما فرغ أقبل عليهما وقال لهما: تقدما إلى المنبر فلاعنا، فتقدم عويمر إلى المنبر فتلا عليها رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) آية اللعان (والذين يرمون أزواجهم الآية فشهد بالله أربع شهادات انه لمن الصادقين، والخامسة أن غضب الله عليه إن كان من الكاذبين، ثمّ شهدت بالله أربع شهادات انه لمن الكاذبين فيما رماها به، فقال لها رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله): العني نفسك الخامسة، فشهدت وقالت في الخامسة: ان غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به، فقال لهما رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله): اذهبا فلن يحل لك، ولن تحلي له أبداً، فقال عويمر: يا رسول الله! فالذي أعطيتها، فقال: إن كنت صادقاً فهو لها بما استحللت من فرجها، وإن كنت كاذباً فهو أبعد لك منه)[9] .

ويفيدان الحرمة الأبدية بينهما ولو بعقد جديد وإطلاق الدليل يشمل المقام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo