< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/01/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:كتاب الظهار.

مسألة (7): إن تحقق الظهار بشرائطه فإن كان مطلقا حرم على المظاهر وطء المظاهرة، ولا يحل له حتى يكفر، فإذا كفر حل له وطؤها، ولا يلزم كفارة أخرى بعد وطئها، ولو وطأها قبل أن يكفر فعليه كفارتان والأشبه عدم حرمة سائر الاستمتاعات قبل التكفير، وإن كان مشروطا حرم عليه الوطء بعد حصول شرطه، فلو علقه على الوطء لم يحرم عليه الوطء المعلق عليه، ولا تتعلق به الكفارة .[1]

مسألة 7 – الأصل في الكفارة وثبوتها هي الآية الكريمة: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[2] . والمستفاد منها: أن الظهار سببٌ للكفارة بشرط العود بالمعنى المذكور قبلها، وتحرير رقبة أو أحد الأمرين الآخرين (الصوم أو الإطعام) قبل التماس والوطء، لقوله تعالى: (من قبل أن يتماسا) فالكفارة مقدمة لحلية الوطء. والروايات العديدة تدل عليه منها:

-(عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دارج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: سألناه عن الظهار، متى يقع على صاحبه الكفارة؟ قال: إذا أراد أن يواقع امرأته، قلت: فإن طلقها قبل أن يواقعها، أعليه كفارة؟ قال: لا، سقطت عنه الكفارة)[3] .

-(عن الحسين بن سعيد، عن أبي المغرا، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل يظاهر من امرأته، ثمّ يريد أن يتم على طلاقها، قال: ليس عليه كفارة، قلت: إن أراد أن يمسها؟ قال: لا يمسها حتى يكفر)[4] .

 

ولو كفِّر قبل الوطء فلا يجب عليه إلا كفارة واحدة، ولو وطء قبل الكفارة فعليه كفارتان وذلك للإجماع وللأخبار الخاصة على ذلك منها:

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة، وغير واحد، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، أنه قال: إذا واقع المرة الثانية قبل أن يكفر فعليه كفارة اخرى، ليس في هذا اختلاف)[5] .

-(الحسين بن سعيد، عن أبي المغرا، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يظاهر من امرأته، ثمّ يريد أن يتم على طلاقها؟ قال: ليس عليه كفارة، قلت: إن أراد أن يمسها؟ قال: لا يمسها حتى يكفر، قلت: فان فعل فعليه شيء؟ قال: إي والله إنه لآثمّ ظالم، قلت: عليه كفارة غير الأوّلى؟ قال: نعم يعتق أيضا رقبة)[6] .-(أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحسن الصيقل، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: قلت له: رجل ظاهر من امرأته فلم يفِ، قال: عليه الكفارة من قبل أن يتماسا، قلت: فانه أتاها قبل أن يكفر، قال: بئس ما صنع، قلت: عليه شيء؟ قال: أساء وظلم، قلت: فيلزمه شيء؟ قال: رقبة أيضاً)[7] .

ثم إن الكفارة الثانية هل تجب بمجرد الوطء الأول من دون كفارة، أو تجب عند إرادة الوطء الثاني، فإذا لم يرد الوطء بعد المرّة الأولى فلا يجب عليه إلا كفارة واحدة؟.

ظاهر ما في المتن عنه (قده) وبعض الروايات هو الأول.

ولكن المناسب للآية الكريمة مع بعض النصوص العديدة والصحيحة في المقام هو الثاني منها:

-(وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرات؟ قال: يكفر ثلاث مرات)[8] .

-(عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: فإن واقع ـ يعني: المظاهر ـ قبل أن يكفر؟ قال: يستغفر الله، ويمسك حتى يكفر)[9] .

بالإضافة إلى ما في سنن البيهقي برواية سلمة بن صخر[10] . حيث (أمر النبي صلى الله عليه وآله بكفارة واحدة مع أنه واقع بعد الظهار قبل التكفير).

وعنه أيضاً [11] في المرسل عن النبي صلى الله عليه وآله في المظاهر يواقع قبل أن يكفِّر قال: كفارة واحدة.

-(حدثنا عبد الله بن سعيد حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر البياضي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في المظاهر يواقع قبل أن يكفر قال: كفارة واحدة) .

وعليه يمكن حمل الأخبار الواردة بتعدد الكفارة على الإستحباب كما ذهب إليه الشهيد الثاني (قده) في مسالكه[12] وقال (قده): (مع أن في تينك الروايتين) – رواية الصيقل والحلبي المتقدمتين أعلاه – رائحة الإستحباب، لأنه لم يصرِّح بأن عليه كفارة اُخرى إلا بعد مراجعات وعدول عن الجواب . ... الخ).

ولكن صاحب الجواهر (قدس) لم يرتضِ ذلك وذهب إلى خلافه وجعله (قولاً شاذاً يمكن القطع بفساده، ولو بملاحظة استقرار الكلمة على خلافه في الأعصار المتقدمة). (جواهر الكلام)[13] .

نعم لا يحرم على المظاهر ما دون الوطء من سائر الإستمتاعات كالقبلة والملامسة قبل أن يكفِّر بخلاف ما ذهب إليه الشيخ[14] (ره).

لكن الظاهر من الآية الكريمة أن المراد من المماسة هو الجماع والمواقعة والروايات لم تحرِّم ما عدا الوطء والتشبيه بالأم لا دلالة فيه على حرمة غير الوطء فمقتضى الأصل عدم الحرمة خصوصاً مثل النظر فلا شبهة في عدم شمول المماسة لمثل النظر ولو بحسب اللغة لخلوه عن المماسة.

 


[10] - السنن الكبير، ابوأبو بكر البيهقي، ج7، ص390.
[11] - السنن الكبير، ابوأبو بكر البيهقي، ج7، ص387.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo