< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخلع والمباراة.

مسألة (10): يصح بذل الفداء منها ومن وكيلها بأن يبذل وكالة عنها من مالها أو بمال في ذمتها، وهل يصح ممن يضمنه في ذمته بإذنها فيرجع إليها بعد البذل بأن تقول لشخص: " اطلب من زوجي أن يطلقني بألف درهم مثلاً عليك وبعد ما دفعتها إليه ارجع علي " ففعل ذلك وطلقها الزوج على ذلك؟ وجهان بل قولان، لا يخلو ثانيهما من رجحان، كما أنه لا يصح من المتبرع الذي لا يرجع عليها، فلو قالت الزوجة لزوجها: طلقني على دار زيد أو ألف في ذمته فطلقها على ذلك وقد أذن زيد أو أجاز بعده لم يصح الخلع ولا الطلاق الرجعي ولا غيره إلا إذا أوقع بلفظ الطلاق أو أتبعه بصيغته[1] .

 

مسالة 10 – أما بذل الفداء منها أو من وكيلها بأن يبذل عنها من مالها أو بمال في ذمتها فهو مما لا ينبغي الإشكال فيه، وذلك لشمول إطلاق الأدلة لذلك.

وهل يصح ممّن يضمنه في ذمته بإذنها فيرجع إليها بعد البذل بأن تقول لشخص: (إطلب من زوجي أن يطلقني بألف درهم مثلاً عليك وبعد ما دفعتها إليه إرجع عليّ). ففعل ذلك وطلقها الزوج على ذلك،؟

وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من رجحان، بخلاف ما ورد في المتن منه (قده)، وربما ذهب إلى أرجحية الثاني لكون العوض في المعاوضة لا بد فيه أن يكون من أحد الطرفين خاصة، ولا يقع من طرف آخر غيرهما. ولكن يرد عليه: بأننا لم نشترط ذلك في المعاوضات الحقيقية، فكيف الحال ههنا.

أو ربما ذهب الماتن (قده) إلى أرجحية الثاني لإحتمال إنصراف هذا الوجه عن هذه الصورة.

ويرد عليه: أنه إنصراف بدوي لا يمكن التمسك به.

أو ربما لأصالة عدم تحقق الطلاق فيما لو شُك في تحققه.

ويرد عليه: بأن ذلك صحيح فيما لو لم نقل بورود الإطلاقات الشاملة للمقام فلا يصح التمسك بالأصل لذلك، ونوافق في ذلك ما عليه المحقق الحلي (ره) في شرائعه[2] وما ذهب إليه الشهيد الثاني (قده) في مسالك الأفهام[3] .

نعم لا يصح من المتبرع الذي لا يرجع عليها، فلو قالت الزوجة لزوجها (طلقني على دار زيد أو ألف في ذمته) فطلقها على ذلك، وقد أذن زيد أو أجاز بعده لم يصح الخلع ولا الطلاق الرجعي ولا غيره إلا إذا أوقع بلفظ الطلاق أو أتبعه بصيغته.

وذلك لأصالة بقاء علقة النكاح أولاً وثانياً بأن المستفاد من الأدلة الشرعية مشروعية الفداء منها أو من وكيلها، أما المتبرع فيبقى على أصل المنع راجع ما تقدم من أدلة كما في الكتاب العزيز: -﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [4]

والروايات في المقام:

-(عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: المختلعة التي تقول لزوجها: اخلعني، وأنا اعطيك ما أخذت منك، فقال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول: والله لا أبرّ لك قسماً، ولا اطيع لك أمراً، ولاذنن في بيتك بغير اذنك، ولاوطئن فراشك غيرك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها، حلّ له ما أخذ منها)[5] .وصحيحة محمد بن مسلم:

-(محمّد بن الحسن، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إذا قالت المرأة لزوجها جملة: لا اطيع لك أمراً، مفسرا وغير مفسّر، حلّ له ما أخذ منها، وليس له عليها رجعة)[6] .

-(محمّد بن علي بن الحسين بإسناده، عن علي بن النعمان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) انه قال: الخلع إذا قالت: لا أغتسل لك من جنابة، ولا أبر لك قسماً، ولأوطئنّ فراشك من تكرهه، فاذا قالت له هذا حل له ما أخذ منها)[7] .

-(العياشي في (تفسيره): عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سألته عن المختلعة، كيف يكون خلعها؟ فقال: لا يحل خلعها حتى تقول: أبر لك قسماً، ولا اطيع لك أمرا، ولأوطئنّ فراشك، ولادخلن عليك بغير اذنك، فاذا هي قالت ذلك حل له خلعها، وحل له ما أخذ منها من مهرها، وما زاد، وذلك قول الله: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) وإذا فعل ذلك فقد بانت منه وهي أملك بنفسها، إن شاءت نكحته، وإن شاءت فلا، فان نكحته فهي عنده على ثنتين)[8] .

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: المبارئة يؤخذ منها دون الصداق، والمختلعة يؤخذ منها (ما شئت) أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر، وإنما صارت المبارئة يؤخذ منها دون الصداق، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء؛ لانّ المختلعة تعتدي في الكلام، وتكلّم بما لا يحلّ لها)[9] .

-(عن علي بن الحكم، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة بن مهران قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): لا يجوز للرجل أن يأخذ من المختلعة حتى تتكلم بهذا الكلام كله، فقال: إذا قالت: لا اطيع الله فيك حل له أن يأخذ منها ما وجد)[10] .


[2] شرائع الاسلام، العلامة الحلي، ج3، ص51.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo