< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

35/12/20

بسم الله الرحمن الرحیم

تابع الثاني من قواطع السفر :

وأما قضية ( المتواليات ) التوالي بين الايام العشرة وذلك لكونه المتبادر اليه من خلال السياق للروايات المتقدمة، ومن خلال ارتكاز المتشرعة للتوالي والتواصل بين العشرة ايام والا لجاز حينئذا الانقطاع بين هذه الايام والانقطاع حينئذاً لا يكون له حد من الحدود وعليه فيجوز الفصل بينهم بشهراً او شهرين وبسنة او سنتين وهذا بديهي البطلان عندهم لما ذكرنا

يبقى ان الخروج من البلدة لساعتين او ثلاثة الى ما دون المسافة الشرعية، فان العرف لا يراه منافيا"، للخروج عن التوالي في الاقامة فيها، ولا يضر ذلك في اعتبار الاقامة بل العرف يرى بأن هذا الخروج لهذا المقدار من الوقت غير قادح في المقام .

واما اشتراط الفقهاء ومنهم السيد الماتن (قده) ان تكون الاقامة في بلد واحد فانما يرجع ذلك الى قول الامام ( عليه السلام ) "اقام" وهذا من الواضح جدا" انه مغاير للتنقل والانتقال والسفر والارتحال، فلا يصدق عرفا" على من أقام في بلد ما الخروج عنه بسفر او الاقامة في بلد آخر بل يصدق عليه السياحة من بلد لآخر وعدم الاقامة في مكان واحد
عرفا"
نعم تقدم ان السائح يتم في صلاته ويصوم ولكن لا لأجل ذلك بل لكونه ممن يصدق عليه عنوان "ممن بيوتهم معهم ", والسفر عمله فهو كحال البدوي الوارد في خبر اسماعيل بن زياد المتقدم
- عن محمد بن عيسى، عن عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر، عن أبيه ( عليهم السلام ) قال : سبعة لا يقصرون الصلاة : الجابي الذي يدور في جبايته، والامير الذي يدور في إمارته، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق، والراعي، والبدوي الذي يطلب مواضع القطر ومنبت الشجر، والرجل الذي يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا، والمحارب الذي يقطع السبيل[1]

وأما قوله (قده) "وان كان لا عن اختيار" وذلك لكون المعتبر في المقام هو العلم بالاقامة في البلد سواء" كان عن جبر او اختيار، فاذا اشترطنا العلم بالاقامة، فمن الواضح بعد ذلك عدم كفاية الظن فضلا" عن الشك وهذا قد تقدم منا وصحيحة زرارة السابقة دالة عليه:"اذا دخلت أرضا" فأيقنت ان لك بها مقام عشرة ايام فأتم الصلاة
- عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد بن عثمان عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر ( عليه السلام )، قال : قلت له : أرأيت من قدم بلدة إلى متى يبغي له أن يكون مقصرا ؟ ومتى ينبغى له أن يتم ؟ فقال : إذا دخلت أرضا فأيقنت أن لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة، وإن لم تدر ما مقامك بها تقول : غدا أخرج أو بعد غد، فقصر ما بينك وبين أن يمضي شهر، فاذا تم لك شهر فأتم الصلاة وإن أردت أن تخرج من ساعتك [2].
أماقوله (قده) : ( والليالي المتوسطة داخلة بخلاف الليلة الاولى والاخيرة , فيكفي عشرة ايام وتسع ليللي ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخرعلى الاصح [3])

فعدم دخول الليلة الاولى والاخيرة مما لاينبغي مزيد الكلام فيه وذلك لكون المراد من الايام ههنا هو النهارات وان كان قد يطلق عليها لغة على كل من النهار والليل , فالايات العديدة ظاهرة في ارادة النهار من كلمة اليوم ومنها : قوله تعالى : ﴿سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما﴾[4].
في الاية الاولى نرى بأن المراد من اليوم النهار بدليل المقابلة وفي الآيات الثلاثة بعدها نرى بأن النهار هو في مقابل الليل، والنتيجة بأن كل من اليوم والنهار مقابلان لليل فهما مترادفان، فالليل مقابل اليوم واليوم هو النهار

وقوله تعالى" : ﴿ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار﴾ .[5]

قوله تعالى : ﴿الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا" وعلانية﴾ .[6]

قوله تعالى : ... ﴿تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل﴾ .[7]

وهذه الايات الكريمة الثلاث توضح المقابلة بين الليل والنهار ودخول الليالي التسع بين الايام العشرة انما هو لإعتبار التوالي بينها وهذا امر واضح عرفا وشرعا .

وأما تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر فهو الذي يفهمه العرف من خلال الروايات على أن المراد من النهار ما يقع مابين طلوع الفجر الى الغروب تمت الايام أو انكسرت واما قوله "على الاصح " فانما هو اشارة من الماتن (قده) الى من خالف ذلك كصاحب المدارك (ره) حيث ذهب الى عدم الانكسار اقتصاراً على ظاهر الادلة وخير من رد عليه شيخنا الانصاري (ر ه) بقوله ( أنه تصديق للحقيقة وتكذيب للعرف[8]) ومن المعلوم انه كما تقدم مرارا" أن الفهم العرفي للأدلة الشرعية مقدم على الحقيقة لان المناط في فهم الادلة هو العرف وليست اللغات لو سلمنا بذلك واما بقية ما ورد في المسألة من الماتن فانماهو لضرب الامثلة في المقام وهو معلوم الحال .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo