< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

34/11/20

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: صلاة المسافر
- (وأما شروط القصر فأمور: الأول المسافة وهي ثمانية فراسخ امتدادية أو إياباً، أو ملفقة عن الذهاب والإياب اذا كان الذهاب أربعة أو أزيد).

أ - هذا محل وفاق بين الإمامية، وحكي الاجماع عليه من أكثر من واحد واستفاضة الروايات يُغني عن النقاش في سند البعض منها ومن جملتها
محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا ( عليه السلام )، أنه سمعه يقول : إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر، لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والاثقال، فوجب التقصير في مسيرة يوم، ولو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في في مسيرة ألف سنة، وذلك لأن كلّ يوم يكون بعد هذا اليوم فانما هو نظير هذا اليوم، فلو لم يجب في هذا اليوم لما يجب في نظيره إذا كان نظيره مثله لا فرق بينهما
وأما من يخالف ذلك من روايات كما في صحيحة زكريا ابن آدم (مسيرة يوم وليلة) (وبإسناده عن زكريا بن آدم، أنه سأل أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن التقصير : في كم يقصر الرجل إذا كان في ضياع أهل بيته وأمره جائز فيها، يسير في الضياع يومين وليلتين وثلاثة أيام ولياليهن ؟ فكتب : التقصير في مسير يوم وليلة .)[1]. رواية أبي بصير (مسيرة يومين)[2] واكثر من ذلك[3]كما في صحيح البزنطي (ب) حمله الشيخ، فهو إما مطروح أو محمول على التقية (ب) أو أن تحمل صحيحة زكريا وحمل صحيح البزنطى على من يسير في يوم وليله ثمانية فراسخ أيضاً على ذلك).
وهكذا الحال يمكن حمل ما رواه عمر بن سعيد [4](وبإسناده عن زكريا بن آدم، أنه سأل أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن التقصير : في كم يقصر الرجل إذا كان في ضياع أهل بيته وأمره جائز فيها، يسير في الضياع يومين وليلتين وثلاثة أيام ولياليهن ؟ فكتب : التقصير في مسير يوم وليلة .) تحمل على حد الترخص (فرسخ) (في عشرة ايام) على قطع المسافة ثمانية فراسخ، ولكن كما ترى فهو خلاف الظاهر ولا قرينة عليه.

- أو ملفقة من الذهاب والإياب، اذا كان الذهاب أربعة أو أزيد

هذه الطائفة الثانية من الروايات لتحديد المسافة وهي اربعة ذاهباً وأربعة جائياً وهي ما يصطلح عليه بالتلفيق.
وهذا ما عليه الأكثر كما عن جماعة أو المشهور كما عن آخرين.
ويدل على هذه الطائفة عدة روايات أصحها كل من صحيح معاوية بن وهب [5](وعنه، عن فضالة، عن معاوية بن وهب قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : أدنى ما يقصر فيه المسافر الصلاة (1) ؟ قال : بريد ذاهبا وبريد جائيا .)، وصحيح زرارة (محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن جميل بن دراج، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن التقصير ؟ فقال : بريد ذاهب وبريد جائي.
وايضاَ قال : وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا أتى ذبابا قصر، وذباب على بريد، وإنما فعل ذلك لانه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ .15)[6] ونحوهما غيرهما. ومن ذلك يمكن الجمع والمصالحة بين الطائفة من الروايات الدالة على ان حد السفر بريد والأخرى على بريدين فتحمل الأولى على الملفقة والثانية على خط السير امتداداً.
ومن روايات البريد
- عن فضالة، عن حماد، عن أبي اسامة زيد الشحام قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : يقصر الرجل الصلاة في مسيرة اثني عشر ميلا .
- محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : التقصير ( في السفر ) في بريد، والبريد أربعة فراسخ .
- وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) أدنى ما يقصر فيه المسافر ؟ قال : بريد.
ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب، وبإسناده عن علي بن إبراهيم)[7]..
بقي شيء وهو انه يتضح من العديد من الروايات انها نطقت تارة بالبريد واخرى بالفرسخ وثالثة بالاميال ورابعة ببياض يوم فأما الرابعة (بياض يوم) فيعلم من ظاهر الروايات وسيأتي البعض منها انها محمولة على الفراسخ الثمانية وهذا ما عليه سير القوافل بين مكة والمدينة.
وأما كل من البريد والفرسخ والميل فقدر البريد بأربعة فراسخ وهو (البريد باثني عشر ميلاً) والبريدان 24 ميلاً وسيأتي تحديد الميل بالكيلومترات.


- بل مطلقاً على الأقوى وان كان الذهاب فرسخاً والاياب سبعة، وان كان الاحوط، في صورة الذهاب أقل من أربعة مع كون المجموع ثمانية- الجمع.
ربما يستدل على ذلك من خلال استفادته من النصوص الاربعة بعد الجميع بينها وبين نصوص الثمانية مطلقاً , وقالوا بالاكتفاء به كما في المتن وأخذوا بموثقة محمد بن مسلم [8]وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن علي بن الحسن بن رباط، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر ( عليه السلام )، قال : سألته عن التقصير ؟ قال : في بريد، قال : قلت : بريد ؟ قال : إنه ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه .) في تعليلها في ذيلها (فقد شغل يوم) والتعليل بشغل اليوم هو المدار ولو مع اختلاف مسافتهما.
ولكن فما لا يخفى على المتأمل ان هذا التعليل مقيد بنصوص البريد ذاهباً وجائياً. وهذا التعليل لا يصلح لتقديمه على نصوص البريد بل يجب حملها عليه حملاً للمطلق على المقيد كما ذهب اليه سيدنا الحكيم (قده) ونوافقه في ذلك. والا فلو كان مجرد شغل اليوم هو المناط والمدار في ذلك لأمكن القول بالاكتفاد بالتردد بميل ذاهباً وجائياً مرات عدة وهذا لا يمكن الالتزام به.
والنتيجة هو ان لا مناص من حمل ذلك التعليل وامثاله كما في التعليل في مصحح زرارة الوارد في سفر النبي (ص) الى (ذباب) وخبر اسحاق الوارد في منتظرالرفقه على ان المراد من الثمانية فراسخ الأعم من الامتدادية والملفقة من اربعة الذهاب وأربعة الإياب، وهو اما من التصرف في نصوص البريد بحملها على الغالب الموجب للحكم بالتقصير في كثير من فروض التلفيق المتتبع فيها ذلك.
عود على بدء : اذن الدليل على جواز التلفيق في المسافة المحددة فيه روايات عديدة وهي كما تقدم عدة طوائف.
وقال فيه جمع من اصحابنا كما عن السيد السبزواري (اعلى الله مقامه ) في مهذب احكامه وغيره من متأخري المتأخرين.
ومن الروايات في هذا المقام من اختلاف ألفاظها تارة بـ(بريدين) و( ثمانية فراسخ) و(أربعة وعشرين ميلاً) أو (بياض يوم) فانها شاملة لحالة التلفيق. منها: [9](محمد بن الحسن، بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي عبدالله ( عليه السلام )، قال : سألته عن التقصير ؟ قال : فقال : في بريدين أو بياض يوم .) و(وعنه، عن أحمد، عن الحسين، عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن المسافر، في كم يقصر الصلاة ؟ فقال : في مسيرة يوم وذلك بريدان وهما ثمانية فراسخ) وغيرهما.
ومنها ( التخيير في المسافة، بريدين أو بريد ذاهبا وبريد جائياً [10](وفي ( العلل ) و ( عيون الاخبار ) باسناد يأتي عن الفضل بن شاذان، عن الرضا ( عليه السلام ) قال : إنما وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك، لان ما تقصر فيه الصلاة بريدان ذاهبا أو بريد ذاهبا وبريد جائيا، والبريد أربعة فراسخ، فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير، وذلك لانه يجيء فرسخين ويذهب فرسخين وذلك أربعة فراسخ، وهو نصف طريق المسافر ).
ووقع الكلام في جواز مطلق التلفيق حتى ولو كان الذهاب أقل من أربعة فراسخ والرجوع ما يتمه الى الثمانية.
والصحيح لا يجزي ان يكون الذهاب اقل من اربعة فراسخ وذلك لوجود الروايات العديدة الدالة على ان اقل ما يحصل به التقصير هو (بريد في بريد).
منها صحيح معاوية بن وهب (وعنه، عن فضالة، عن معاوية بن وهب قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : أدنى ما يقصر فيه المسافر الصلاة ؟ قال : بريد ذاهبا وبريد جائيا .)[11] [12]و( ـ محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :التقصير ( في السفر ) في بريد، والبريد أربعة فراسخ .) (وعنه، عن فضالة، عن حماد، عن أبي اسامة زيد الشحام قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : يقصر الرجل الصلاة في مسيرة اثني عشر ميلا .) الكاهلي. وغيرها كثير فراجع.
وهذه الطائفة من الروايات واضحة في دلالتها على من تبنى قول من اشترط ان لا يقل الذهاب او الرجوع عن اربعة فراسخ كالشيخ الصدوق والطوسي وسلار وحمزة وابن ادريس الحلي والفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني والسيد الحكيم والسيد الخوئي رضوان الله عليهم جميعاً.
(تخصص تلك بهذه).
وبذلك تكون هذه الطائفة أخص من تلك الروايات فتحمل عليها وتخصص بها وهذا التخصيص لا ينافي التعليل ببياض يوم كما هو معلوم. والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo