< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، صحيحة عمر بن حنظلة، التساؤلات حول الصحيحة. الجواب المختار حول التساؤل بتقدم صفات الراوي علی الشهرة

كان الكلام في التساؤل حول رواية أنه لماذا قدم صفات الراوي علی الشهرة؟ وتقدمت عدة أجوبة في مفاد الرواية حول ذلك.

نذكر جوابا رابعا مطابق المختار وهذا الجواب يعتمد علی نقاط:

النقطة الاولی: الترتيب في المرجحات كما مر هو تقدم المرجح الصدوري علی المرجح المضموني وترجيح المرجح المضموني وعلي المرجح في جهة الصدور، لما مر في نقطة أخری أن الصدور يأمن ويكوّن الالفاظ والتصور وهو مقدم إثباتا ومتتنا علی بقية المراحل ثم المدلول الاستعمالي والتفهيمي المرتبط بالمضمون مقدم علی المراد الجدي، المراد الجدي له صلة بجهة الصدور من أنه إرادة جدية أو إرادة صورية لأن في التقية إرادة صورية وليست إرادة حقيقية. فالمراتب الصدور والمضمون وجهة الصدور.

في النقطة الاولی أن الصدور يكوّن ويوازي التصور والمضمون يوازي الاستعمال والتفهيمي وجهة الصدور توازي الإرادة الجدية. مراجحات المضمون من قبيل موافقة الكتاب والسنة أو عكسه وأما الصدور يرتبط بالشهرة وصفات الراوي.

فنقطتان نقطة أن الصدور يوازن التصور والمضمون يوازن الاستمعال والمدلول التفهيمي وشيئا من الجدي وجهة الصدور ترتبط بالمراد الجدي. النقطة الثانية أن الترتب بينهم طبعي من جهة الإثبات عكس الثبوت يعني عند المتكلم وهو دائما عند الفاعل عكس القضية عند المنفعل أو متلقي الفعل.

النقطة الثالثة: ان المضمون ومرجحات المضمون وإن كانت لها علاقة مع الدلالة لكن اكثر مما هي دلالية يرتبط بالثبوت وليس إثباتي محض بل هو في الأصل ثبوتي، فالمرجحات المذكورة في لسان الشارع ليست كلها من سنخ واحد، بعضها إثباتي كمرجحات الصدور أو جهة الصدور علی تقدير وبعضها ثبوتي وهو مرجحات المضمون. لماذا مرجحات المضمون ثبوتية وليست إثباتية؟ السبب في ذلك هو أن قالب المعنی ومنظومة المعنی بحث ثبوتي وليس بحثا إثباتيا لذلك من النكات التي بنی عليه القدماء وغفل عنها المتأخروا الأعصار أو المعاصرين لاسيما، أن الصدق والحجية بمعنی الصدق و المطابقة في الخبر لاصلة له باعتبار الصدور لانها بحث ثبوتي.

هذا الذي الان ليس واضحا ينادي بأعلی صوته الشيخ المفيد والسيد المرتضی أن الصدق والمطابقة لاصلة له بالصدور واعتبار الصدور بل لاصلة له بالصدور فضلا عن اعتبار الصدور في بحث حجية خبر الواحد وللأسف مغفول عنها.

لماذا لاصلة له بالاثبات والصدور فضلا عن اعتبار الصدور؟ لأن المطابقة بين المعاني أمر تكويني وأزلي. تعبير آغاضياء الدين العراقي والاخوند أن الصدق أزلي وقبل خلق الدنيا. إن المعنی إما مطابق الواقع أو لا، مطابق أصول التشريع وأصول الدستور أو لا، نطق به الناطق الرسمي أو لم ينطق، فضلا عن أنه ينطق به أو يوصله بوساطة غير المعصومين. فالصدق لا توقف ولاتعلق له بالراوي ولابصفات الراوي ولابنقل الراوي ولا بصدق المفاد والمتن، الصدق كفعل يعني المتن يعني هذا الكلام فعل من الأفعال.

لذلك عند القدما حتی النجاشي -تقريبا ننتهي من التدقيق في عبارة النجاشي مع بعض الاخوة في بحوث كذا- الصحة عند النجاشي والغضائري مرتبطة بالمتن لامرتبطة بالصدور. مورد من الموارد يستعمل فيها النجاشي أو الغضائري أو الشيخ الطوسي يستخدم وصف الصحيح في الطريق أبدا ليس موجودا، الصحة يعني الحجية إنما دوما يطلقون الصحة علی المضمون. علی المتن في بعض الموارد يطلقون الصحة علی الكتاب بلحاظ مضامينه لا علی الطريق. هذا مبناهم وتكوينا أيضا هكذا المطابقة ليس له ربط بالصدور فضلا عن اعتبار الصدور. هذه نكتة مهمة غفل عنها في حجية خبر الواحد متأخروا الأعصار وتعليق الصحة والحجية علی المتن والطريق من اصطلاحات السيد احمد بن طاوس أستاذ العلامة الحلي وابن داود. حتی الجمهور والعامة ليس مبناهم في الصحة علی وصف الطريق بل علی وصف المتن. يعني هذا الموضع صار في القرن السابع وشايعت عندنا وعندهم، ذهبي والحاكم النيسابوري فسروا الصحة بالطريق وليس بالطريق.

ظاهرة تبعناها ووجدنا أن هذا كان عندهم وعندنا. أصلا مراد القدماء من العامة من صحة البخاري ليس صحة الطرق أو صحة الطرق في صحاح الستة أو العشرة. هذه غفلة الذهبي والنيسابوري. معنی الصحة عندهم صحة المتن يعني المتون الموجودة في البخاري وغيره مطابقة مع الثوابت عندهم. لكن وقع الاشتباه عندنا وعندهم الی يومنا هذا من القرن السابع. انقلب الاصطلاح والاشتباهات العجيبة شايعت حتی هيكلة بحث حجية خبر الواحد تغيرت من مسلك حجية الفقاهة والفقهاء الی مسلك حجية الخبر الواحد علی مسلك المحدثين لان المحدثين يعتنون بالطريق.

هذا البحث من أن الحجية والصحة وصف لأي شيء بحث مسيري هل هي وصف للطريق أو للحجية؟ تعبير السيد المرتضی والشيخ المفيد وابن ادريس كرارا يقولون من الواضحات أو التسالمات أنهم لايقولون بحجية خبر الواحد، مقصودهم يعني أن الحجية ليست وصف الطريق الاحاد هذه الحجية لاتنبني عليه بل الحجية تنبني علی مطابقة المتن علی الأصول أصول القرآن وأصول السنة القطعية التطابق ثبوتي، لذلك في المحاجات للشيخ المفيد والسيد المرتضی وغيرهما لاتحتجون علی خبر الواحد حتی لو كان من عدول وثقات لان مجرد هذا لايثبت الحجية، هذا إطار اثباتي وديكور. لها دور لكن دورها هذا. المضمون هو العمدة المطابق للثوابت متنه صحيح وغير مطابق غير صحيح. ويقدر علی استعلام هذه الحجية والصحة غير المحدث والراوي بل يقدر عليه الفقيه لذا هذه الحجية يستعلمها الفقيه لاالراوي والمحدث من حيث هو المحدث. أكرم بالمحدث وأنعم، لكن كل له شأن ورتبة. الفقيه يعرف المطابقة الثبوتية.

الشبهات في حجية خبر الواحد من ابن قبة نفس مراد الشيخ المفيد وإن كان هو مقدما علی الشيخ المفيد. مراده أن الاثبات الظني كيف يعول عليه؟ لابد أن تعول علی المضمون المطابق للأصول التشريعية، حتی أجوبة متاخرين ليس جوابا علی شبهة ابن قبة. يقول لايمكن أن تعول علی الطريق والإثبات الظني. عول أيها الفقيه علی المضمون انظر مطابق الثوابت أولا؟ فمرجحات المضمون يعني الصحة الثبوتية والحجية الثبوتية بينما صفات الراوي وجهة الصدور اثباتية. هذه نكتة مهمة أن المرجحات ليست علی سنخ واحد بل علی سنخين. إثباتي وثبوتي. هذه بنية المرجحات.

هذه النقاط أهم من خصوص هذه الصحيحة الشريفة.

نقطة أخری: حقيقة الترجيح بناءا علی النقاط السابقة هي عبارة عن جمع دلالي. صفات الراوي ماذا ربطه بقرائن الدلالة؟ لأن المفروض أن الصدور أصبح موازيا للمتن التصوري والألفاظ فالصدور إنما قدم وقرائن الصدور إنما قدم باعتبار انها مرجحات تصورية وقرائن التصور متقدمة علی قرائن الاستعمال. الدلالة مرتبطة بالتصور، أضبطية وأصدقية الراوي وأورعية الراوي تجعل ضبط الالفاظ أمتنا يعني قرائن تصورية .حقيقة مرجحات صفات الراوي قرائن تصورية. وحقيقة المضمون ترجع القرائن الاستعمالية والتفهيمية وجهة الصدور قرائن في الجد. فكنه وحقيقة المرجحات كلها قرائن دلالية وجمع دلالي. إن الترجيح يعني الجمع الدلالي.

نلتفت اكثر: بناءا علی المشهور حتی مشهور المعاصرين تعميم المرجحات صحيح، يعني مهما بلغ من القرائن كلها قرائن الترجيح وأدنی شيء وأدنی ميزة مرجحة في الصدور أو في الضمون أو في جهة الصدور يؤول عليها مع الإلتفات الی القوة والضعف.

هذا هو معنی قاعدة الجمع مهما أمكن أولی من الطرح، معنی اطلاق المرجحات وتعميم المرجحات لكل درجة من درجات المرجحات هو هذا أن القرائن وإن ضعفت تصل اليه النوبة في الجمع الدلالي. إن الدلالة تتكأ علی مراتب لاتحصی من القرائن. هو هذا معنی قاعدة الجمع وليس تبرعا وتحكما.

أصلا الملازمة بين تعميم المرجحات وقاعدة الجمع يعني نص الترجيح، كما فسرت في النقاط السابقة، ترجيح دلالية إما تصورية أو استعمالية أو التفهيمية أو الجدية. فلما تقول المرجحات لاحصر لها وليس منصوصة يعني أن القرائن حتی لو ضعفت تصل النوبة الیها إذا فقدت ما قبلها من القرائن الأقوی. هذا هو معنی قاعدة الجمع مهما أمكن اولی من الطرح . لاسيما أن الترجيح باعتراف النايني ليس تعبدا محضا إنما هو إمضاء لارتكاز العقلاء. ارتكاز العقلا يعني قاعدة الجمع قاعدة مرتبة وغولبة عرفية طبق نظام الظهور وبنية الظهور. لذلك هذه النكات بنيوية في الظهور وفي التعارض ويجب الالتفات اليها. كيف نستفيد من هذه النقاط القول المختار في الجواب عن هذا التساؤل غدا ان شاءالله.

العمدة هذه النقاط وعبارة عن كيان في التعارض.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo