< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التعارض، الروايات العلاجية المحمولية، صحيحة عمر بن حنظلة

كان الكلام في ما ذكره صاحب الكفاية والنقطة الأخيرة في كلامه حيث ورد في لسان الروايات التي جمعها صاحب الوسائل أنها متعدد الألسن (وسبق الحديث في الجلسة السابقة في منهجية التبويب) فهذا اللسان الذي يشير إليه صاحب الكفاية أصلا ليس من لسان الروايات العلاجية إنما هو من الروايات الدالة علی إما شرائط حجية أصل الخبر أو في موارد تمييز الحجة عن اللاحجة بينما الكلام هنا في موارد الترجيح ومر بنا أن جملة من الأكابر صغرويا يقع منهم الغفلة عن هذه الضوابط، أين هي المرجحات وأين هي الشرائط الأولية لحجية الخبر، لذا بهذا المقدار يتم الجواب عن كلام صاحب الكفاية رحمه الله.

فنبدأ الان بالروايات الواردة وأنواعها وألسنتها، سواء روايات الترجيح أو روايات التخيير التي جمعها صاحب الوسائل في باب التاسع من أبواب صفات القاضي.

أول رواية هي صحيحة عمر بن حنظلة التي يسمونها الأعلام مقبولة باعتبار أن عمر بن حنظلة ليس بموثق. هذه الرواية رواها الكليني في الكافي والصدوق في الفقيه والطوسي في التهذيب يعني الأعلام الثلاثة رووها في الكتب الأربعة، هذا بالنسبة الی مصدر الرواية. والرواية التي أوردها صاحب الوسائل ما أوردها كاملا ونحن سنقرأها من كتاب الكافي وهي في الجزء الأول صفحة سبعة وستين.

طبعا السند صحيح الی عمر بن حنظلة و هو نقل الكليني عن محمد بن يحيى العطار ( هو من أجلاء مشايخ الكليني وقمي)، عن محمد بن الحسين (إبن أبي الخطاب وجليل)، عن محمد بن عيسى ( ابن عبيد تلميذ يونس وثقة وإن طعن عليه بعض القميين لكنه جليل عند الأشهر والأكثر)، عن صفوان بن يحيى (من أصحاب الاجماع) ، عن داود بن الحسين (ثقة)، عن عمر بن حنظلة.

اعقدنا لعمر بن حنظلة رسالة وجيزة طبعت عدة مرات مع كتاب مسائل الهيئة وهناك ذكرنا قريب من إحدی عشر أو ثلاثة عشر قرينة مسندة باسناد صحيح علی أن عمر بن حنظلة من مراجع وفقهاء الشيعة في الكوفة وكان رتبته زمنا متقدمة علی محمد بن مسلم. يعني باسناد صحيح محمد بن مسلم يذكر: أن بيوتات الشيعة في الكوفة يرجعون في الاستفتاء في عمر بن حنظلة. يعني جلالته ومرتبته هكذا وعلي بن حنظلة أخوه أيضا جليل وثقة لكن عمر أشهر من أخيه ومن خواص وحواري الإمام الصادق والباقر عليهما الصلوة السلام.

نكتة أذكر علی الإخوة: باب الرجال علی منهج المحقق البحراني الشيخ سليمان الماحوزي، باب الاجتهاد فيه مفتوح وأول من فتح من متاخري الاعصار باب الاجتهاد في علم الرجال هو المحقق البحراني، بعد أن أغلق بتوسط السيد احمد بن طاوس، السيد أحمد منهجه بمثابة انغلاق باب الاجتهاد في علم الرجال بينما فتحه مرة أخری الشيخ سليماان الماحوزي وكان رئيس علماء الأصول في بلاد البحرين وكان أستاذ والد صاحب الحدائق وله كتابان، فتح الباب بحيث من أتی بعده بقريب وصفه بالمحقق في علم الرجال يعني الوحيد البهبهاني وصفه بالمحقق لأنه فتح باب الإجتهاد.

المحقق البحراني بيّن جملة من مناهج الاجتهاد، منها قوله أن الضعيف ليس بمعنی الكذوب بل الضعيف يعني صفة علمية رديئة في الراوي يعني لايضبط ولايتقن، لذلك من بعده مثل ميرداماد في الرجال أو ميرزا محمد صاحب منهج الرجال -كتاب مهم علق عليه الشيخ وحيد البهبهاني أستاذ الكل- ونفس الوحيد اقتفوا أثر هذا الشيخ في علم الرجال.

بعبارة أخری يقول السيد البروجردي رحمه الله: إن علم الرجال ليس منسدا العلم فيه بل العلم فيه مفتوح عبر مصادر كثيرة ونفس تراث الحديث الموجودة عندنا، يعني كتب الرجال وكتب الفهارس ليست مصدرية في علم الرجال كما يقول السيد البروجردي. قال الوحيد البهبهاني قبله في منهج علم الرجال -وهذه من النكات اللطيفة- ليس كتاب النجاشي أو فهرس الشيخ الطوسي أو الرجال أو الكشي مصدرا أولا كبيرا في علم الرجال مثل نفس كتب الحديث، كيف؟ فيه مناهج. يعني يستخرج من نفس كتب الحديث كل هوية الراوي، عبر أساتذته وتلاميذه ومتون الروايات ويمكن معرفة الراوي بها بالضبط وهي أوثق وأكثر وثاقة من أقوال الرجاليين كالنجاشي أو الطوسي أو الكشي، لأن هذه الاقوال آراء و اجتهادات خاضعة للدواعي علمية معينة بخلاف ما تراجع نفسه كأنه حي و نحشر مع نفس الراوي.

هذا ما لم يتفتن اليه أصحاب مدرسة السيد أحمد بن طاووس، يعني ما راعوا هذا المنهج. فعلی أي تقدير هذا الباب الذي فتحه هذا المحقق البحراني باب كبير. كثير ممن يقال فيه أنه مجهول أو مهمل أو ضعيف أو ثقة يقيم بالمناهج التي تدرس التراث بشكل أكثر دقة وأكثر واقعية وأكثر حقيقة. مثل منهج تجريد الأسانيد ومنهج الطبقات ومنهج متون الحديث، ذكرنا في المجلد الأول والثاني في علم الرجال ستة عشر منهجا كيف نستثمر تراث الحديث في استخراج أحوال الرواة.

جامع الرواة للاردبيلي معاصر المقدس الاردبيلي فتح منهجا اجتهادي في علم الرجال وبنی علی استعلام حال مأت رواة أو عشرات رواة هو يقول نفسه في كتابه أن كثيرا ممن وصفوه بالاهمال أو المجهولية يمكن أن نستخرج احوالهم.

المهم فلذا في الرجال مدارس ومناهج والمشكلة في الجو العلمي أنه يظن أن علم الرجال مدرسة السيد احمد بن طاوس ولاغير وهذه أزمة علمية والمفروض أن نلتفت أن هناك مدارس ومناهج متعددة. العجيب أن الذين يتشددون في مدرسة السيد احمد بن طاوس يظنون أنهم صناعيون ومتشددون ومدققون وهم أكبر تساهل عندهم لأن نفس منهج السيد احمد بن طاووس لم يخوض في تمحيصه، هل هناك منهج أخری هل قاموا بمقارنة وموازنته بين المناهج؟ تساهلوا في ذلك وهذا أخطر التساهل في النهج الرجال اخطر من التساهل في آحاد الرجال. طبعا كل منهج له إيجابيات وسلبيات. فهذا نوع من التساهل الأعظم. هذا الذي يسير في منهج ولايعلم أن هذا المنهج ماهو وزنه العلمي هذا التساهل أخطر من التساهل في آحاد الروايات.

لذلك هذا أمر لايستغرب أنه كم من مهمل أو مجهول بالاجتهاد يصيرا معلوما. نفس السيد الخويي رحمه الله في زوايا أخری مثلا طبقته في الرواية وعمره ومتی كان حيا هذه أمور لم يذكرها النجاشي ولايمكن أن نقول مجهول وفاته ومجهول ولادته وطبقه، المشتركات باب من الأبواب الغامضة والصعبة في علم الرجال أيضا بالاجتهاد يميز المشتركات في أبواب كثيرة. علم الرجال باب الاجتهاد فيه مفتوح والمناهج مختلفة فيه.

واحد يقول هذه الطبقات للعلماء خمسة أو سبعة قرون كلهم يقولون هذه الرواية مقبولة نقول: إن العلماء علی طبقات جزاهم الله خير الكثير لكن التفرغ والتوسع في كل المسائل وكل العلوم يحتاج الی الجهود في قرون لذلك ليس غريبا.

فالصحيح أن هذه الرواية صحيحة يعني تكون كالأعلائية، لاباعتبار عمر بن حنظلة وهو من الأعلائيين لكن بعض الرجال في سندها مثل داود بن حسين جليل و ثقة لكن ليس من الزعماء حتی محمد بن الحسين في الدرجة الثانية من الوجاهة لذلك نقول صحيحة كالاعلائية. هذا بحث السند والمصدر كما مر يرويها الأعلام الثلاثة والمحمدون الثلاثة. هذه الرواية أجمع رواية جمعت مرجحات كثيرة ودلت علی علاج جامع ومانع في التعارض لذلك انصبت جهود العلماء علی هذه الرواية.

هذه الرواية نقرأها وفي المضمون لها عدة تساؤلات أو قل عدة إشكالات. يعني غموزات يجب أن ترفع كي يتم الاستدلال بها. نقرأ الرواية من الكافي:

قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا، وإن كان حقا ثابتا له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى: " يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به "

هل المنازعة في الدَين شبهة حكمية أو موضوعية؟ يمكن فرضها شبهة موضوعية ويمكن فرضها شبهة حكمية، مثلا اختلفا في موجب من موجبات الضمان فيصير شبهة حكمية في أن هذا الشخص ضامن أو لا؟ ويمكن أن يفرض شبهة موضوعية أيضا.

والمنازعة في الميراث أيضا ظاهرة في أنها شبهة موضوعية لكن يمكن فرضها القليل في ضمن الموارد شبهة حكمية.

الفقرة الأولی من الرواية (فتحاكما في السلطان...) فيها حكم مهم في باب القضاء، هو فرض النزاع، هذا هنا ليس في القضاء بل كل حكم حاكمية أو حكومات باطل والرجوع اليها الرجوع الی الطاغوت، مثل الأمم المتحدة حاكم وطاغوت لأن «من لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون» و الرجوع الی الطاغوت والحكام الباطل والرجوع الی غير الحكم الاسلامي من الكبائر العظيمة. كل حكم غير حكم أهل البيت عليهم السلام في أي مسئلة رجوع الی الطاغوت بل أي بنيان أنت تعززه، النظام الدولي أو غيره تعززه علی غير شريعة الثقلين طغيان وكبيرة من الكبائر نفس الرجوع أو الإرجاع اليهم. لذلك نقرأ في زيارة صاحب العصر والزمان عليه السلام أشهد أن أي عمل وأي خطوة وأي موقع لاتصب في ولاء صاحب الزمان كل هذا طغيان وطاغوت وباطل وليس لقلقة لسان. في هذه روايات مستفيضة. ومن أحكام القضاء وحتی من أحكام السياسة.

حتی الحق الذي يأخذ بحكم الطاغوت سحت يعني إذا يمكن أن يأخذ الحق بغير الطاغوت. والقرآن يصفهم « ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون أو فاسقون أو ظالمون» وقد امر الله أن يكفر بمن لم يأمر بشريعة الله لابالشعار و لقلقة اللسان بل كبناء عملي وكمسيرة ولاتستند اليه، هذا الحكم معطل الان تماما.

زبير أو عثمان صار نزاع بينه وبين بعض الأنصار قال نرجع الی رسول الله قال لا بل نذهب الی اليهود في زمن رسول الله و نزلت الآية. الفقه السياسي أخطر من الفقه الفردي. الكبيرة في الفقه السياسي أخطر من الكبيرة في الفقه الفردي. ليسا متساويان.

قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران (إلى) من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله، وعلينا رد، والراد علينا الراد على الله، وهو على حد الشرك بالله.

قال عليه السلام: «ينظران الی من كان منكم» لا من المسلمين، منكم يعني منهاج وحكم أهل البيت مثل ما في الآيات « يطلبون العزة في غير المؤمنين» أعوذ بالله. «والعزة لله و لرسوله و للمؤمنين» «تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم» لابد أن نلتزم بهذه الاحكام لامثل لقلقة لسان وتجميد، لاسيما في الأمور المهمة و الأمور العامة أخطر ما الأمور الفردية.

قوله عليه السلام: فاني قد جعلته عليكم حاكما» يعني حكمه امتداد بحكم أهل البيت.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo