< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، تقديم الاستغراقي علی البدلي، قول الميرزا الناييني والنظر فيه

كان الكلام في الدوران بين الاطلاق أو العموم الإستغراقي و الاطلاق أو العموم البدلي.

الميرزا الناييني يقدم العموم الإستغراقي أو الإطلاق علی البدلي بينما المرحوم الآخوند لايبني علی ذلك والسيد الخويي هكذا لايبني علی مابنی عليه الميرزا الناييني من تقديم الإستغراقي علی البدلي. طبعا أصل المبحث كما مر بنا ذو زوايا ثلاث لاتختص ببحث الإستغراقي والبدلي بل هي عامة ومفيدة في بحوث الظهور جدا.

قبل أن ندخل في التفاصيل لابأس أن نذكر هذا المطلب أن هذه البحوث الكلية كيف مفيدة يعني هذه البحوث في الألفاظ لانظن أنها مختصة بفروع الفقه بل هي صميمية في بحوث كل العلوم الدينية حتی منهج التفسير، إن التفسير بغض النظر عن أن أدخل فيه و النظريات و المناهج أن التفسير ذو صلة صميمية بمباحث الألفاظ المتمرس في مباحث الألفاظ يلتفت إلی مناهج التفسير بالدقة مع ضميمة مبحث حجية الظهور في أوائل الحجج مع العلاقة بين حجية الكتاب والسنة والعقل. هذه المباحث إذا يضمها الباحث يمكنه أن يتضلع في منهجية علم التفسير. كثير ممن يخوض في علم التفسير كما أن كثيرا ممن يخوض في العلوم الدينية الأخرى مثل الرجال حتی إذا لايلاحظ المنهج من حيث لايشعر مقلد في المنهج وإن كان في المواد مدققا و مفحصا لكنه في المهج مقلد. والحال أن المنهج في كل العلوم الدينية المنهج أمر حساس جدا. المقصود إجمالا بحوث الألفاظ بها إرتباط وتيد جدا بعلم التفسير ويعتمد عليها علم التفسير.

فهذا التركيب، بنية الظهور في الكلام الواحد وبنية الظهور مع الكلام المنفصل الآخر هذا المبحث فلسفة بنية الظهور مبحث حساس جدا في كل العلوم الدينية لافقط في بحث التعارض. هذا البحث وصول إلی مراد الشارع في الدين والشريعة والملة، كيف يبنی و كيف يركب وهلم جرا. فالمقصود أمور كثيرة هذه المباحث ليست فيها تطبيق جزئي فقط في التعارض ولازم أن نتقنها و نلتفت إلی الأقوال.

المبنی عند الاخوند والناييني و عند القدماء والمتأخرين فيه الخلاف والتي مرت بنا أمس في الدليلين المنفصلين أي مرتبة من الدليل الثاني يتصرف في الدليل الأول هذه حساسة. داخل بنية الظهور. للدليل الواحد هل الكلمات تؤثر بعضها علی البعض علی مستوی الاستعمالي أو تفهيمي أو الجدي؟ كلها بحوث حساسة إلی الغاية.

الان صحيح سنسترسل في كلام الميرزا الناييني و استدلالاته لكن الأهم خلفية الأقوال والمباحث العامة في الظهور. الميرزا الناييني قال يقدم الإستغراقي علی البدلي لأن الاستغراقي يدل أن كل فرد فرد من الطبيعة هي ذات اهتمام مستقل من الشارع بخلاف البدلي، البدلي فرد ما يكتفی به في الطبيعة فإذاً الأهمية لدی الشارع في الاستغراقي أكثر من الأهمية في البدلي، فبالتالي لامحالة الاستغراقي يقدم علی البدلي.

قبل ان ندخل في نقاش السيد الخويي في هذا الوجه، سبق و مر بنا مرارا أن تحديدالعموم أنه الاستغراقي أو البدلي أو المجموعي أو المركب من هذه الثلاثة أو الإمتدادي جدا حساس في علم القانون. الان نصب الشارع للفقهاء نصبهم علی البدلي أو الاستغراقي؟ لم يقل أحد بأنه بنحو البدلي بل بنحو الإستغراقي في الصلاحيات نعم عند الإختلاف سواء علی صعيد الفتواء أو علی صعيد القضاء أو علی صعيد بسط اليد حينئذ يصير بدليا وإلا إذا لم يكن هناك تنافي أو تعارض العموم هو الإستغراقي . هذا المبحث يبتنی عليه كل مبحث الإجتهاد والتقليد ومبحث القضاء، تشخيص أن العموم استغراقي أو العموم بدلي. هل هو عموم استغراقي أو بدلي بسيط أو هو عموم إستغراقي مركب من العمومات الأخری؟ حجية الأنبياء استغراقي أو البدلي أو المجموعي؟ «لانفرق بين أحد من رسله» هذه النكة مهمة ماذا علاقة الايمان بالله و برسله مجموعي أو طولي؟ هذه المباحث كلها مهمة حتی في المعارف تشخيص وقالب العموم عبارة عن هندسة صناعية وخارطة الطريق في أي علم من الأمور الدينية.

إذاً الميرزا الناييني ذكر في الوجه الأول لتقديم الإستغراقي علی البدلي في صورة الإطلاق الاستغراقي مع الإطلاق البدلي أو العموم الاستغراقي مع العموم البدلي. بهذا الوجه.

سجل السيد الخويي مؤاخذة علی استاذه الميرزا الناييني قال هذا الوجه الذي تمسك به الميرزا الناييني مصادرة. الميرزا الناييني مع قدرة مبانيه وانجذاب أكثر مبانيه من العلمين الآخرين الآغاضياء والكمباني إلا أنه يُشكل عليه دائما بأن المصادرات عنده أو الدليل فيه مصادرة فالسيد الخوي يشكل علی أستاذه بأن هذه مصادرة. كيف؟ إن هذا الوجه في التزاحم ليس في التعارض، التزاحم مفروغ عنه أن الملاك الإستغراقي يقدم علی الملاك البدلي، الاستغراقي كل فرد فرد فيه ملاك مستقل يلزم الشارع بمراعاته بينما في البدلي فرد من الطبيعي يكفي عن بقية أفراد الطبيعة، لذلك يقدم في التزاحم الإستغراقي علی البدلي. بحث التزاحم يعني فرغ الفقيه عن مراحل الانشاءية للحكم ثم الحكم الفعلي ثم يجيء إلی التنجيز والإمتثال أما مبحث التعارض ثبت العرش ثم انقش. في هذه المنطقة التي فيها التعارض من وجه هل الحكم إستغراقي أو البدلي؟ أول الكلام ولعل البدلي هو الصحيح لاالاستغراقي فمن أين افترضت أنه استغراقي في منطقة التلاقي من وجه. هكذا أشكل السيد الخويي علی الناييني.

الوجه الثاني الذي اعتمده الناييني في تقديم الإستغراقي: أن الاستغراقي ناجز الدلالة يعني دلالته منجزة يعني ليس معلقة علی شيء، بينما البدلي دلالته تعليقية ليست منجزة.

كيف البدلي دلالته تعليقية؟ لان البدلي يكتفي بفرد ما بصرف الوجود علی تقدير تساوي الأفراد في الطبيعة. أي وجود من أفراد الطبيعة علی فرض تساويها في مصداقيتها للطبيعة أو علی الوفاء لملاك الطبيعة ما شئت فعبر. حينئذ يصير بدليا أما إذا بعض الأفراد فيها التباس أو اشتباك أي الاأراد سالمة عن أي ارباك عن أي ممانعة تلك مقدمة. هذا محصل كلام الميرزا الناييني أن دلالة الاستغراقي منجزة ودلالة البدلي معلقة.

قبل الدخول في نقاش السيد الخويي في كلام استاذه هذا المبحث كبرويا بغض النظر عن الإستغراقي والبدلي.

الدلالة الناجزة والمعلقة يعني ماذا؟ هذه النكتة مهمة في مباحث الالفاظ و بنية الظهور. هذا الأمر ذكره الأصوليون في مباحث الألفاظ حتی البلاغيون أن بعض عناصر الدلالة أو القرائن معلقة أو قل مرتبتها مؤخرة، نفس التعبير. لمّا يقولون معلقة يعني مرتبتها مؤخرة يعني إذا انتفت ما التي مرتبتها مقدمة تصل النوبة إليها.

الأصول العملية مرتبتها مؤخرة يعني معلقة علی الشك و الشك معلقة علی عدم الدليل الاجتهادي. فالمعلق يعني مرتبته مؤخرة. الإستعمالي معلقة علی التصوري والدلالة التفهيمية معلقة علی الإستعمالية و الدلالة الجدية معلقة علی التفهيمية، معلقة يعني المؤخرة. أنت أولا رصف ورتب المواد التصوري ثم تصل الدلالة الاستعمالية. ثبت العرش عرش العناصر التصورية ثم انقش الدلالة الإستعمالية. هكذا في بقية الدلالات. لاحظوا كيف المرتبة السابقة تؤثر علی المرتبة المؤخرة؟ لذلك يا إخوان إن إصرار كبار العلماء السيد البروجردي وهو كان ذوباع في علم الحديث بجانب أنه كان فقيها و كلاميا لكن كان ذوباع في علم الحديث. فيؤكد السيد البروجردي وغيره من الأعلام أن نسخ الروايات مؤثرة ياجماعة الخير إرجع إلی المصدر ولاتكتف إلی الوسائل، كلمة واحدة يغلب لك الظهور كله. يعني عناصر التصور مؤثرة في كيان وقالب الدلالة الإستعمالية. ثبت العرش ثم انقش. التقطيع قد يحصل في الروايات. فذا بعض الدلالات ناجرة و بعض الدلالات معلقة فالميرزا الناييني يستفيد من هذه الكبری أن دلالة الاطلاق و العموم علی البدلي دلالة معلقة بخلاف الدلالة علی الإستغراقي هذا هو الوجه الثاني الذي اعتمده الميرزا الناييني.

هذا الوجه السيد الخويي اشكل عليه بإشكالين.

الاشكال الأول من الكمباني و من ابتكارات الكمباني والايرواني، لعل أصل هذا المطلب أشار اليه صاحب الكفاية و الشيخ الانصاري و الشيخ محمد تقي صاحب كتاب هداية المسترشدين وهو: من قال إن في الإطلاق البدلي أو العموم البدلي ليس هناك استغراق؟ في الاطلاق و العموم البدلي أيضا هناك استغراق. إستغراق في مفاده، بهذا المعني أن العموم أو الاطلاق البدلي يقول أنت يجوز ومرخص لك وحكم ترخيصي آخر غير الحكم البدلي. مثلا وجوب الصلوة بين الظهر والغروب هناك وجوب صلوة واحدة بدليا إلزاما ولكن هناك جواز ترخيصي حكم آخر يغاير وجوب الصلوة ترخيص إتيان الصلوة شرعا أن تأتي الصلوة في أي فرد من الطبيعة هذا الترخيص إستغراقي وليس بدليا . إذاً مفاد الإستغراقي موجود في البدلي ولما يكون مفاد الإستغراقي موجودا في البدلي تناقض الإستغراقيان في الدليلين.

الاشكال الثاني هو انه من قال إن البدلي دلالته معلقة وغير منجزة والاستغراقي منجز؟ أيضا بدلي دلالته منجزة. غير معلقة حتی علی الإطلاق.

بين القوسين الإطلاق له خمس اصطلاحات أو ستة عند علماء أصول الفقه -في الفلسفة أيضا الاطلاق له خمسة معان- المهم الإطلاق عند الأصوليين له خمسة اصطلاحات وإذا خلط الباحث بين معاني الإطلاق سيخلط في النتائج الصناعية في العلوم الدينية فيجب أن يميز بين معاني الاطلاق.

اختصارا اذكر فهرس خمسة معان.

الإطلاق في الملاك؛ هذا تكويني وليس معلقا، إطلاق في نفس الملاك يسمونه إطلاقا ملاكيا. هذا لاربط له باللفظ يسمونه الاطلاق و العموم و السريان والشمولية لأنه مرتبطة بشيء تكويني، لايفرق فيه في التسمية. الاطلاق آخر أيضا تكويني ما له ربط بعالم الدلالة والإثبات بل ثبوتي وهو الاطلاق الذاتي للطبيعة، ذاتا وهويتا وماهيتا وثبوتا لاله ربط بالإثبات. هذا الاطلاق غير الاطلاق الملاكي أبدا ليسا شيئا واحدا.

إطلاق آخر يسمونه الإطلاق اللحاظي في ذهن المتكلم أو السامع. لحاظ يسمی إثباتي بمعنی ويسمی ثبوتي بمعنی.

الاطلاق الآخر يسمي الإطلاق الإثباتي في الدلالة إلا هو عمدتا من مقدمات الحكمة.

الاطلاق الخامس أيضا إثباتي لايقول به الكل، لكن يقول به جملة من الأعلام قديما و حديثا وصعب معناه واستثماره. يعبر عنه الاطلاق المقامي . الفرق بين الرابع والخامس من ألغاظ علم أصول الفقه بتعبير النراقي.

هذه خمسة من إصطلاحات الإطلاق و عمدة الاصطلاحات فيه. هنا السيد الخويي أو غيره من الاعلام يقول: العموم يقدم علی الإطلاق، أي اطلاق؟ الإطلاق الإثباتي أما الاطلاق الذاتي لايتقدم العموم عليه. أي العموم من المقدمات الحكمة؟ الإطلاق الرابع. الإطلاق الثالث أو الثاني أو الأول ناجزة وليست معلقة. مرادنا في مانحن فيه الإطلاق الأول أو الثاني أو الثالث وليس الرابع و الخامس. سجل علی الميرزا الناييني هذا الخلط

ان شاءالله نتمم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo